دراساتصحيفة البعث

وقف آخر لإطلاق النار في سورية

ترجمة: البعث
عن غلوبال ريسيرتش 6/3/2020

مراراً تمّ خرق وقف إطلاق النار المتفق عليه بشأن سورية من قِبل الإرهابيين المدعومين من الولايات المتحدة “الناتو” والنظام التركي، لكن هل هذه المرة ستكون مختلفة؟ وهل سيطوي نظاما ترامب وأردوغان العدوانيين الصفحة لاستعادة السلام والاستقرار في سورية؟ وهل سيوقفان دعم الإرهابيين ويتوقفان عن تسليحهم وتزويدهم بدعم مادي آخر؟ هل سيحترمان السيادة والسلامة الإقليمية السورية؟ وهل يتمّ وقف العدوان الذي بدأه أوباما على الجمهورية العربية السورية في آذار 2011؟.. وأخيراً هل سينجح سيناريو سندريلا في منتصف الليل بالتوقيت المحلي يوم الجمعة ويتمّ وقف إطلاق النار في إدلب؟.
في عام 2019 وحده، التقى بوتين وأردوغان ثماني مرات لمناقشة الحرب التي لا نهاية لها في سورية دون تحقيق أي شيء، بل على العكس تصاعد العدوان التركي هذا العام ضد القوات الحكومية السورية لمنعها من تحرير محافظة إدلب- أراضيهم ذات السيادة- المليئة بالإرهابيين المدعومين من قبل نظامي ترامب وأردوغان.
في يوم الخميس الماضي، أعلن بوتين وأردوغان النقاط التالية المتفق عليها: سيبدأ وقف إطلاق النار في إدلب منتصف ليل الجمعة، ستقوم روسيا وتركيا بتسيير دوريات مشتركة على الطريق السريع M4 الاستراتيجي، سيتمّ إنشاء منطقة عازلة بعرض ستة كيلومترات على جانبي الطريق السريع M4 بحلول 15 آذار. أكدت روسيا وتركيا دعمهما لسيادة سورية ووحدة أراضيها، تعهدتا بمساعدة اللاجئين السوريين على العودة إلى مناطقهم الأصلية وتلبية احتياجاتهم الإنسانية، واتفقتا على أن حلّ النزاع لا يمكن تحقيقه عسكرياً. وعلى أنه يجب على السوريين وحدهم تقرير مستقبل البلاد دون تدخل خارجي. وهنا يخرج السؤال الأهم: هل ستختفي المبادئ المتفق عليها كما جرى بعد كل اتفاقيات وقف إطلاق النار السابقة؟.
روسيا وسورية تدركان أن الاتفاق يجب أن يكون مع الرعاة وليس الإرهابيين الذين تدعمهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتركيا، ومادام الراعي الأكبر –الولايات المتحدة- متشدداً في مواقفه، فهذا يضع علامات استفهام كثيرة أمام نجاح الاتفاق، ما يعني بالتالي أن أهداف الولايات المتحدة الكبرى للحرب -تغيير النظام- في سورية ستبقى حجر العثرة، والأمر نفسه ينطبق على طموحات أردوغان الثأرية.
وإذا كان الماضي هو مقدمة، فهذا يعني أن جهود روسيا ربما لن يُكتب لها النجاح، كما كانت في كل مرة قبل محادثات السلام في جنيف عام 2012. وطالما تريد الولايات المتحدة أن تتحوّل سورية إلى دولة تابعة، وأردوغان يريد ضم الأجزاء الشمالية من البلاد، فمن المحتمل أن تبقى الحرب -التي لا نهاية لها- دون حل.
لقد كان الأمر هكذا لمدة تسع سنوات، لا يوجد شيء متوقع يشير إلى حدوث تحوّل كبير في حل النزاع -في إدلب أو في سورية بشكل عام- بعد محادثات الخميس في موسكو. فمن جهة روسيا وإيران وحزب الله ودمشق متحالفة لاستعادة السلام والاستقرار في سورية ودعم استقلال البلاد السيادي ووحدة أراضيها، في المقابل تعارض كلّ من الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي وتركيا وإسرائيل والسعوديين كلَّ ما سبق، مما يجعل الحلّ غير ممكن طالما أن هذا التناقض موجود.
طوال فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية، وخاصة بعد 11 أيلول، كانت الولايات المتحدة تسعى بلا هوادة لتحقيق أجندتها الإمبراطورية في السيطرة على كوكب الأرض، وموارده وشعوبه، وتريد تحويل جميع البلدان المستقلة ذات السيادة إلى دول زبائن.
إنها حرب أوباما، والآن ترامب، وحلف الناتو، وتركيا، وإسرائيل والسعوديون المتحالفون مع الولايات المتحدة كشركاء صغار في السعي لتحقيق مصالحهم الخاصة، لذلك لن يدعوا ذلك الاتفاق يمرّ كما حصل في السابق. وفي ضوء النهار البارد، من المحتمل أن تذوب المبادئ المتفق عليها بين روسيا وتركيا في موسكو، كما حدث في مرات عدة من قبل بإلقاء اللوم –كذباً- على دمشق.
علاوة على ذلك، طالما احتلت القوات الأمريكية والتركية الأراضي السورية بطريقة غير شرعية، ستظل هناك حالة حرب، وستتفاقم بسبب دعمهما للإرهابيين كقوات بالوكالة.
في الحقيقة هناك الكثير ممن يحترمون الجهود التي بذلتها روسيا لحلّ النزاع بحسن نيّة، لكن المشكلة في الدول والرؤساء المعادين لهذا التوجه وتركيا أردوغان واحدة منها. كما أن المشكلة الرئيسية الأخرى هي أن الآلاف من الإرهابيين المدججين بالسلاح ما زالوا في إدلب، ولتحرير المحافظة فإن هذا يتطلب القضاء عليهم بالوسائل القتالية أو الدبلوماسية. والطريقة الأخيرة لم تنجح أبداً، فالأولى على الأرجح، ما يعني أن الحرب ستستمر دون نهاية لها.