دراساتصحيفة البعث

كيف تجرؤ على ادعاء المساعدات الإنسانية؟

 

ترجمة: سمر سامي السمارة
عن موقع انفورميشن كليرنك هاوس 7/3/2020

تهدّد تركيا أوروبا التي تشعر بمزيد من التوتر جراء الهجرة غير المرغوب فيها بمواجهة تدفق ملايين اللاجئين، ومع ذلك تواصل بروكسل فرض عقوبات اقتصادية على سورية التي مزقتها الحرب، ما يعيق تعافي البلاد ويزيد من معاناتها.
هذا وتتبجح هذه الأطراف التي تلطّخت أيديها بدماء السوريين بالتعاطف الظاهري بالرحمة، وقد أكدت روسيا أن “المساعدات” التي تقدّمها الولايات المتحدة ليست سوى غطاء لدعم المجموعات الإرهابية، وأن تركيا والولايات المتحدة تستغلان المعاناة الإنسانية لأغراضهما السياسية، في حين أن الأوروبيين يلقون اللوم على الضحية -سورية- بدلاً من إدانة المعتدين الذين تتواطأ معهم!.
إن مهزلة “القلق الإنساني” التي يدّعيها هؤلاء، لا تتعدى أن تكون غطاء لجداول الأعمال الخفية القديمة قدم الحرب نفسها، وتتجلّى هذه الحيلة بوضوح مرة أخرى في سورية، إذ تعرب تركيا والولايات المتحدة ودول أوروبا عن قلقها المتزلف لأوضاع المدنيين، على الرغم من أنهم لو أظهروا مثل هذه المخاوف الحقيقية قبل تسع سنوات لما كانت الحرب في سورية قد بدأت.
تعدّ التوغلات العسكرية غير القانونية التي قامت بها تركيا في سورية أكبر عامل يتسبّب في الاضطراب، إلا أن الولايات المتحدة والدول الأوروبية تغضّ الطرف عن المغامرة الإجرامية لأنقرة وانتهاكها الصارخ لسيادة سورية، حتى أن واشنطن تفكر في تزويد تركيا بأسلحة تساعدها في غزوها، وهي خطوة قد تكون لها نتائج كارثية بعيدة المدى في تدويل الحرب.
يهدّد أردوغان بإغراق الاتحاد الأوروبي بملايين اللاجئين إذا لم يساعده بالعمليات العسكرية التي يقوم بها في سورية، إذ يتلاعب بشكل خبيث بحياة المدنيين من أجل مخططاته الجيوسياسية المريبة التي تهدف لتحقيق طموحات العثمانيين الجدد، ويلجأ لابتزاز المعاناة الإنسانية والمخاوف الأوروبية من زعزعة استقرار المهاجرين من أجل تعزيز عدوانه العسكري غير المشروع في سورية.
كانت الحرب المستمرة منذ تسع سنوات، والمعاناة الإنسانية الشنيعة نتيجة للأجندة الغربية الشائنة التي تهدف لتغيير “النظام” في سورية. وقد تابعت الولايات المتحدة وقوات حلف شمال الأطلسي هذه الأجندة من خلال رعايتها سراً لوكلائها الإرهابيين لتحقيق مآربها. كما ضاعفت الحكومات الغربية الضغط على الحكومة السورية بفرض المزيد من العقوبات الاقتصادية وعرقلة الجهود الرامية لإعادة الإعمار بعد الحرب.
يبدو الموقف الأوروبي مشيناً ومهزوماً بشكل كبير، وعلى الرغم من تخوّف بروكسل من تداعيات تدفق اللاجئين إلى الاتحاد الأوروبي، إلا أنها تفرض عقوبات على سورية، الأمر الذي سيؤدي إلى المزيد من تفاقم المصاعب الإنسانية، والدفع نحو تشريد المزيد من المدنيين.
لو كان لدى الحكومات الغربية أي اهتمام حقيقي بالمعاناة الإنسانية في سورية لما أرسلت قواتها العسكرية التي تحتل الأراضي السورية بشكل غير شرعي، ولكان على الولايات المتحدة وأوروبا إنذار تركيا لإخراج قواتها من سورية والتقيّد بالقوانين الدولية. لكن بعد ذلك، ليس لدى الولايات المتحدة وقوى الناتو الأخرى سلطة أخلاقية في هذا المجال، لأنهم هم أنفسهم متورطون بشكل غير قانوني في سورية.
الحكومة السورية هي صاحبة السلطة السيادية الوحيدة في سورية كما تعترف بها الأمم المتحدة. لذا، فإن لدمشق الحق في القضاء على جميع المجموعات الإرهابية المدعومة من الخارج المتبقية على أراضيها. فهذه المجموعات المحظورة دولياً والجهات الراعية لها في واشنطن وأنقرة ولندن وباريس وغيرها، هي المسبّب الأساسي للحرب وعواقبه الإنسانية الوخيمة. والادعاءات الغربية المزيفة حول “الاهتمام” باللاجئين هي جزء من مشكلة استمرار الحرب في سورية، لذا فإن أفضل طريقة لعودة سورية لما كانت عليه، هي إنهاء الحرب بسرعة من خلال هزيمة كافة المجموعات الإرهابية وإنهاء التدخل الأجنبي غير القانوني في البلاد. كما يتعيّن على أوروبا والولايات المتحدة دفع تعويضات لسورية، وإلغاء كافة العقوبات الاقتصادية غير القانونية، هذا إذا أرادت أن تكون صادقة في تصريحاتها الرسمية حول المساعدات الإنسانية.