الصفحة الاولىصحيفة البعث

اعتقال عضو ثانٍ في “هيئة البيعة” تمهيداً لتتويج ابن سلمان

 

طالت حملة الاعتقالات التي شنها النظام السعودي، وهي الثالثة من نوعها خلال الأعوام الأخيرة، عضواً ثانياً فيما يسمّى “هيئة البيعة”، والتي تحدد خلافة العرش السعودي، حسبما كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، في مقالة كتبها رئيس تحريره ديفيد هيرست، وأضاف: المعتقل هو محمد بن سعد آل سعود، ابن سعد بن عبد العزيز، الأخ الراحل لسلمان.
وجاء اعتقاله بعد اعتقال أحمد بن عبد العزيز، الأخ الأصغر لسلمان، وكذلك ابنه نايف بن أحمد، ومحمد بن نايف، ولي العهد ووزير الداخلية السابق.
ونقل الموقع عن مصادر مطلعة قولها: إن منصور الشلهوب، مدير المكتب الخاص لأحمد، هو أيضاً قيد الاعتقال.
وتم استجواب عضو ثالث في “هيئة البيعة”، هو سعود بن نايف، حاكم المنطقة الشرقية، وهو الأخ الأكبر لمحمد بن نايف ووالد وزير الداخلية الحالي عبد العزيز بن سعود بن نايف، ولكن تم إطلاق سراحه لاحقاً.
وكشف “ميدل إيست آي” الأحد الماضي عن خطة ابن سلمان لتثبيت نفسه كملك في ظل حياة والده، والقيام بذلك عن طريق إجبار سلمان على التنازل له قبل استضافة المملكة لقمة مجموعة العشرين في تشرين الثاني المقبل في الرياض، لكن مثل هذه الخطوة تتطلّب موافقة “هيئة البيعة”.
ويؤكّد نمط الاعتقالات ما أبلغت عنه مصادر مطلعة للموقع عن أن خطة ولي العهد تستهدف هيئة البيعة، وليس مؤامرة انقلاب مزعومة، وأشار الموقع إلى أن دور “هيئة البيعة” في مخطط محمد بن سلمان ذو شقين. الأول هو إعلان أن الملك سلمان، الذي يعاني من الخرف، لم يعد قادراً على أداء واجباته كملك، ويمكن للمجلس أيضاً – أو بالإضافة إلى ذلك – أن يمنح سلطته لعملية يتخلى فيها الملك طوعاً عن العرش. وعندما يفعل ذلك، يصبح ابن سلمان ملكاً.
كما ذكر “ميدل إيست آي” أنه عندما غادر أحمد بن عبد العزيز منزله في لندن بتطمينات من جهاز “أم آي 6” الاستخباراتي البريطاني ووكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية “سي. آي. إيه” بأنه لن يتم اعتقاله لدى عودته إلى السعودية، كان الهدف هو منع صعود ابن أخيه بن سلمان إلى العرش دستورياً، وذلك من خلال استخدام الصلاحيات المخولة له في “هيئة البيعة” للقيام بذلك.
أما الدور الثاني لهيئة البيعة، فهو الموافقة على ولي العهد الجديد، ظاهرياً من بين ثلاثة مرشحين عرضهم الملك الجديد. وبالتالي فإن إزالة جميع الأصوات المعارضة من أمامه هو أمر أساسي لخطط ابن سلمان للاستيلاء على العرش.
وأشار “ميدل إيست آي” إلى أن الوضع الحالي لصحة الملك الذهنية، المصاب بالعته، هو موضوع تقارير متضاربة. لقد تعثّر في خطابه في القمة المشتركة للاتحاد الأوروبي وما يسمى جامعة الدول العربية في شرم الشيخ في شباط من العام الماضي، وكان عليه أن يسأل أحد المساعدين عما إذا كان قد قرأ الفقرة الأولى.
وفي محادثة مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان في أعقاب قتل الصحافي المعارض جمال خاشقجي، كان سلمان غير قادر على الإجابة على الأسئلة أو الدخول في محادثة. إذ كرّر فقط الكلمات التي كان يقرأها من نص.
ومع ذلك، ادعى وفد كويتي رآه العام الماضي أن سلمان يستطيع التحدّث بحرية معهم.
وأكد موقع “ميدل إيست آي” أن أحدث تقييم طبي للملك أظهر أن الخرف قد ازداد سوءاً. وقال مصدر مطلع على حالته للموقع البريطاني: إن سلمان “لا يدرك تماماً ما يحدث. يكرر نفس الجمل. ينسى ما قاله أو ما قاله الآخرون قبل دقائق قليلة. لا يستطيع التركيز”.
وذكر الموقع أن المسألة الأخرى مع سلمان هي مدى حريته في العمل بشكل مستقل عن ابنه، الذي يسيطر على حراسه الشخصيين، ويكون بمثابة حارس البوابة لوالده، حتى مع استبعاد صديق واحد كان الملك يحب لعب الورق معه، وفقاً لآخر مصدر مطلع على الشؤون الداخلية للديوان الملكي.
وخلص “ميدل إيست آي” إلى الاعتقالات الأخيرة التي شملت أحمد ومحمد بن سعد، بالإضافة إلى استجواب سعود بن نايف والاعتقال السابق لمتعب بن عبد الله، تعني أن ما مجموعه أربعة أعضاء من هيئة “البيعة” قد تم اعتقالهم أو تحذيرهم.
وتشكلت عضوية هيئة البيعة لتمثيل فروع مختلفة من أبناء عبد العزيز. ونتيجة لهذه الخطوة، فإن الهيئة خضع بالكامل لسيطرة محمد بن سلمان وأجهزة مراقبته.
ورافقت الاعتقالات في الأيام القليلة الماضية موجة متجددة من الدعاية على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل المتصيدين المؤيدين للحكومة الذين يتهمون محمد بن نايف بأنه تاجر مخدرات وخائن وحليف لأردوغان.
ورفضت سفارة النظام السعودي في لندن التعليق على التقرير بناء على طلب الموقع.
وفي السياق نفسه، انطلقت مجلة “نيوزويك” الأمريكية في تقريرها من السؤال عما إذا كانت العلاقة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وابن سلمان ستصمد أمام انهيار أسعار النفط ومحاولة الانقلاب المزعومة في السعودية، لتقول: إن ابن سلمان، الذي لا يمكن التنبؤ بأفعاله، يثير القلق في البنتاغون، بعدما كان يعد ولي العهد السابق محمد بن نايف الخيار الأفضل لتولي العرش.
وأشارت إلى أن “استراتيجية البيت الأبيض كانت واضحة منذ البداية، من خلال ربط ترامب المصالح السياسية والتجارية لآل سعود بمصالحه الشخصية”، وتابعت: إن “تراجع أسعار النفط بمعدل غير مسبوق منذ ثلاثين عاماً، وتراجع الاقتصاد السعودي، دفع ابن سلمان إلى بيع حصة من أسهم شركة أرامكو. وعلى الرغم من كل ذلك، يستخدم ترامب محمد بن سلمان والنفط السعودي كأسلحة لإعاقة الاقتصاد الروسي والإيراني والفنزويلي، والتسبب بالبؤس لعشرات الملايين من الناس”.
وأضافت: “الأمر هو بمثابة انتحار اقتصادي، لكن ترامب لا يريد أقل من ذلك، كما أن الرئيس الأمريكي هو العامل الوحيد الذي يحمي قبضة بن سلمان الحديدية على الدولة السعودية في الوقت الحالي”، مشيرة إلى أن “على ولي العهد الهمجي أن يحرق ميزانيته الخاصة، بينما يحاول ترامب خنق الاقتصادات الأخرى المنتجة للنفط لفرض تغيير النظام في طهران وكراكاس، ويشعل حرباً اقتصادية خطيرة مع موسكو”، بحسب تعبير الصحيفة، وتابع التقرير: “ترامب يلعب بالنار. ففي هذه الأثناء، قد يكون هناك انقلاب يجري على قدم وساق داخل السعودية، فبذريعة الحجر الصحي ضد فيروس كورونا، أغلق محمد بن سلمان مدينة القطيف في المنطقة الشرقية الغنية بالنفط في البلاد، حيث يتحدى المحتجّون من الطبقة العاملة القمع ونقص توزيع الثروة منذ عقود. وحتى الآن على الأقل، يبدو أنه تم الإفراج فقط عن وزير الداخلية”، وأضاف: “في ضوء كل ذلك، يبدو أن محمد بن سلمان لم يعد رهاناً آمناً حتى بالنسبة إلى ترامب نفسه”.