أخبارصحيفة البعث

“حرب النفط”.. الكارثة تحل بمفتعلها

شنّت مملكة آل سعود حرباً نفطية شاملة بهدف إلحاق أكبر هزيمة بمنتجي النفط الآخرين، وتمثّلت هذه الحرب بتخفيض أسعار النفط، وهو أكبر انخفاض منذ عام 1991.

بدأ كل شيء في 8 آذار، عندما خفّضت مملكة سعود أسعار مبيعات الخام إلى آسيا والولايات المتحدة ومصافي التكرير في شمال غرب أوروبا، ما يعني أن هذه الإجراءات تشكّل بلا شك هجوماً على روسيا وعلى قدرتها في بيع النفط الخام إلى أوروبا. الطرف الآخر الذي عانى من إجراءات مملكة الرمال هو إيران التي تواجه ضغط العقوبات الأمريكية الجائرة، وبحسب أوبك ومصادر لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن تصرفات الرياض جزء من “حملة عدوانية” ضد موسكو وإيران.

من الصعب تخيّل أن مملكة آل سعود ذهبت لمثل هذا التصعيد دون أمر، أو موافقة على الأقل، من واشنطن، حيث جاء ذلك وسط حملة اعتقالات واسعة طالت أفراد العائلة الحاكمة، ولذلك يؤكد مراقبون أن الهدف الحقيقي للحملة السعودية ليس فقط تأمين حصة أكبر من سوق النفط، ومعاقبة موسكو على عدم رغبتها في قبول صفقة “أوبك +” المقترحة، بل توجيه ضربة إلى خصوم واشنطن الجيوسياسيين: روسيا وإيران.

لكن في المقابل، ومن ناحية أخرى، قد تكتشف مملكة آل سعود قريباً أن أفعالها قد تثمر عن نتائج عكسية، لأن مثل هذه الألعاب الاقتصادية والجيوسياسية، وسط الخلاف المفتعل مع إيران، والنكسات العسكرية في اليمن، والمواجهة الإقليمية المتزايدة مع الإمارات المتحدة، يمكن أن تكلّف المملكة نفسها الكثير. فإذا تراجعت أسعار النفط أكثر، ووصلت إلى 20 دولاراً للبرميل، فسيؤدي ذلك إلى خسائر اقتصادية لروسيا وإيران، ولكنه أيضاً سيؤدي إلى عواقب خطرة على الاقتصاد السعودي، والذي يمر بأسوأ مراحله جراء سياسات ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان، إذ تشهد المملكة ركوداً اقتصادياً كبيراً، وانخفاضاً في مستوى الدخل، وارتفاعاً في معدل البطالة إلى أعلى مستوياته منذ عشر سنوات، وتذمراً شعبياً متصاعداً قد يؤدي إلى احتجاجات واسعة النطاق، قد تتحوّل بسرعة إلى صراع مفتوح.

ومثل هذا السيناريو ليس سراً للمحللين الماليين الدوليين. ففي 8 آذار  تراجعت أسهم شركة النفط الحكومية أرامكو، وأغلقت على انخفاض بنسبة 9.1٪، وفي 9 آذار واصلت انخفاضها بنسبة 10٪ أخرى، ما يدل على أن المخاطر واضحة للغاية بسبب غياب المشترين.

وحتى نطاق الإجراءات الأمريكية المحتملة لدعم المملكة في حالة حدوث مثل هذا التصعيد سيكون محدوداً، بسبب الحملة الرئاسية الجارية، مع الأخذ في الاعتبار أمثلة أخرى على النهج الأمريكي الحالي تجاه الحلفاء والأتباع، وأقربها الحرب التجارية مع أوروبا وكندا، إذ يجب على الرياض ألا تتوقّع أي دعم حقيقي من حلفائها في هذه المواجهة.