الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

معرض تكريمي للفنان شريف عبيسي

افتتح مؤخرا في صالة اتحاد الفنانين التشكيليين في طرطوس معرض تكريمي برعاية رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين للفنان النحات علي إبراهيم والفنان المكرم د. شريف عبيسي وحضور حشد كبير من الفنانين وأصدقائهم من محبي الفن والمهتمين، إذ قدم النحات علي إبراهيم مجموعة واسعة من الأعمال متنوعة الخامات في صياغة لا تخلو من الخصوصية في البحث والتبسيط والاختزال، خاصة في مجال الأعمال الحجرية المختلفة التي تجلت قدرة النحات في استكشاف طاقة الخامة من حيث السطح والتكوين ومعالجتها بالحدود التي تسمح لبناء توازن قائم على حساسية معمارية متوازنة تعتمد على الارتكاز الثابت من جهة وعلى رشاقة محببة تجعل من المادة كائنا مصاغا بالموسيقى والعاطفة، ومشتملا على مقومات العمل الفني الرزين حيث لا مغالاة في التزيين واستجداء للسذاجة البصرية، بل وفرة من الجدية والبحث والصدق في مسعى الفنان للوصول إلى جملة بصرية خاصة تحمل كل ما هو جميل ومؤثر.
وفي بعض الأعمال نلحظ المحاولات الجادة للولوج في مذهب مختلف يعتمد على العقلانية في بناء الكتلة ضمن الفراغ المحسوب من أساس العمل وممكن أن نرد ذلك الهاجس لطبيعة هندسية متزنة تحكم منطق البناء النحتي يتمثلها الفنان من خلال يوميات مهنية أو سلوكية قائمة على الرجاحة والحكمة، فقد استطاع خوض مغامرة التأليف المعماري دون المبالغة في الحركية الرشيقة التي نلمسها في أعمال أخرى، وبقي محافظا على علاقة عناصر العمل مع القاعدة تحقيقا للارتكاز والتوازن الثابت للكتلة في الفراغ.
وفي جهة مرافقة للمنحوتات نجد أعمال التصوير التي رسمها شريف عبيسي الفنان الذي أقيمت هذه الفعالية تحية له من قبل فناني طرطوس الذين مثلهم زميلهم النحات علي إبراهيم من خلال إقامة معرض مشترك مع الفنان عبيسي في مجموعته المؤلفة من أعمال تفيض بتلقائية الفنان المصور الذي خبر النحت من قبل وتخرج من جامعة دمشق وأوفد إلى فرنسا لاحقا لدراسة العمارة متخصصا بفنونها الحضرية. ما يقارب الثلاثين لوحة منفذة بتقنية الأكريليك على الكرتون تجسد تعبيرا عاطفيا في مكان وتجريديا في مكان آخر، وتتناوب على السطوح مجموعات لونية متآلفة تنتهي إلى وحدة في الطرح والأسلوب المتدفق بتلقائية الفنان الذاهب إلى المعنى فقط، معناه الذي تستقر في جملته الجديدة التي توقعها من خلال ألوانه المتراكبة وخطوطه المتعامدة على بعضها وكأنه يرسم مساقط وأحياء لمدينة يحبها ويعيشها أبدا، وحسبي أن الفن في هذه التجربة متوفر كوفرة البراءة مع طفولتنا حيث لا عقل مدجج بالتفوق، بل عاطفة فقط، تفضحها ارتجافات الحس الجميل في عالم من الطهارة والبياض الذي يملأ قلب الفنان ويفيض.
أكسم طلاع