الصفحة الاولىصحيفة البعث

“كورونا” يعزل 900 مليون شخص ويعطّل حركة النقل الجوي في العالم

 

أخضع فيروس كورونا أكثر من 900 مليون شخص حول العالم، من روما إلى نيويورك مروراً بباريس، للعزلة في بيوتهم في عطلة نهاية الأسبوع على أمل الحد من انتشار الوباء القاتل، الذي أسفر عن وفاة أكثر من أحد عشر ألف شخص وأربك الاقتصاد العالمي، فيما تسببت المخاوف من تفشي الفيروس، أمس، في تعطّل حركة الطيران في مختلف أرجاء العالم. ووفق آخر الإحصاءات الرسمية بلغ عدد وفيات الفيروس 11889 شخصاً وحوالي 286805 إصابة، فيما تعافى 93602 حول العالم، فيما لم تسجل في الصين، ولليوم الثالث على التوالي، أي إصابة محلية جديدة، لكن السلطات الصحية أعلنت عن 41 إصابة إضافية لأشخاص وافدين من الخارج، وهو رقم قياسي ليوم واحد.

ولتفادي أن يتواجد هؤلاء المصابون خارج منازلهم وينقلوا العدوى، التي تمّت السيطرة عليها إلى حد كبير في الصين، فرضت السلطات حجراً صحياً على كل الوافدين إلى الأراضي الصينية.

وبالمقارنة مع شباط، حين كانت الإصابات اليومية بفيروس كورونا المستجد بالآلاف، تمّت السيطرة عملياً على الوباء في الصين، حيث ظهر المرض للمرة الأولى، وسجّلت الصين 81 ألف إصابة بالإجمال، لا يزال 6013 منهم مرضى، وفق السلطات الصحية، وانخفض عدد الوفيات أيضاً بشكل كبير في الصين، مع الإفادة عن سبع وفيات فقط، أمس، في مقاطعة هوباي مركز انطلاق الوباء.

وفاق عدد الوفيات في إيطاليا، الذي تجاوز الأربعة آلاف حتى الآن، عدد الوفيات بالفيروس في الصين (3255).

ودعي عشرات آلاف الصينيين الذين يعيشون في الخارج من طلاب وموظفين ورياضيين إلى “العودة إلى الوطن”.

وفي الولايات المتحدة، قررت ولايات كاليفورنيا ونيويورك ونيوجيرسي وإلينوي وبنسلفانيا ونيفادا إيقاف الأنشطة غير الضرورية، رغم استبعاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض حجر عام حالياً في كامل البلاد، وبذلك يشمل التوقّف أكبر ثلاث مدن في البلاد، نيويورك ولوس أنجليس وشيكاغو، ويلتزم سكانها البالغ عددهم حوالى 100 مليون شخص منازلهم.

وتستعد إيطاليا البلد الأكثر تضرراً في أوروبا بالفيروس، الذي أودى بحياة أكثر من 4 آلاف شخص فيها، وكانت أول دولة في القارة العجوز تأمر بوضع جميع السكان في الحجر، لتعزيز إجراءاتها في مواجهة انتشار المرضو، وستغلق كل الحدائق والمحميات أمام الجمهور في عطلة نهاية الأسبوع على أن تفرض قيوداً أخرى لدفع الإيطاليين إلى البقاء في بيوتهم.

ودعي أكثر من 900 مليون شخص في حوالى 35 بلداً لالتزام منازلهم، وفق قاعدة بيانات منظمة الصحة العالمية، وأغلب هؤلاء (حوالي 600 مليون في 22 بلداً) يخضعون لقرارات غلق إجباري على غرار فرنسا وإيطاليا، فيما يخضع البقية إلى حظر تجول (على غرار بوليفيا) وحجر (مثل المدن الكبرى في أذربيجان وكازاخستان).

وبعد تسجيل 25 حالة في استراليا، مرتبطة بحفل زواج في جنوب سيدني، اتخذت السلطات إجراءات تضرب في الصميم قطاع تنظيم الزيجات المزدهر في البلاد، ما أرغم عدة أشخاص على إلغاء حفلات زواجهم.

وأغلقت السلطات أيضاً شاطئ بوندي الشهير في سيدني، الذي كان يشهد ازدحاماً رغم منع التجمعات الكبيرة.

وبين أسواق مكتظة هنا وشوارع خالية هناك؛ هل ينقسم العالم إلى قسمين بين أناس جديين يلتزمون منازلهم من أجل الصالح العام وأنانيين لا يفكرون سوى في متعهم الخاصة؟ تجيب أستاذة الاقتصاد السلوكي أنجيلا سوتان بلا، إذ ترى أنه يوجد عدد كبير من المترددين يشكلون الأغلبية، ويمكن أن يكونوا “الأخطر”، ففي حال “رأوا أن الآخرين لا يتعاونون، لن يواصلوا التعاون”.

وتتفاقم خسائر الاقتصاد العالمي يومياً نتيجة تعليق الأنشطة في أكثر من مجال حيوي، وفي هذا الصدد قررت شركة طيران الإمارات، إحدى أكبر شركات الطيران على مستوى العالم، تعليق جميع رحلاتها إلى فرنسا وألمانيا ونيجيريا ومدينتي نيويورك ونيوجيرزي الأمريكيتين، اعتباراً من 23 و24  آذار وحتى إشعار آخر.

وإذ أعلنت هيئة الطيران المدني في باكستان تعليق جميع الرحلات الجوية الدولية لمدة أسبوعين في سبيل احتواء كورونا، واستثنت من القرار رحلات الشحن والرحلات الدبلوماسية، قالت حكومة فيتنام: إنها ستعلّق جميع الرحلات الجوية القادمة لاحتواء انتشار الفيروس.

إلى ذلك، قالت شركة “إيزي جت” البريطانية للرحلات الجوية منخفضة التكلفة: إنها ستوقف معظم طائراتها اعتباراً من يوم الثلاثاء المقبل في ظل القيود المفروضة على حركة السفر من أجل منع انتشار الفيروس.

وفي هذا الإطار حذّرت منظمة العمل الدولية من أن غياب رد منسق على المستوى الدولي يهدد عدداً قد يصل إلى 25 مليون وظيفة.

وفي مواجهة هذا الوضع يسود حذر كبير أسواق المال. فبعد أسوأ أسبوع شهدته منذ أزمة 2008، أغلقت البورصات الجمعة بنتائج متفاوتة، إذ تراجعت سوق المال في وول ستريت بينما سجلت البورصات الأوروبية ارتفاعاً.

ويخشى بعض الخبراء من أن تكون الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الوباء أسوأ من أزمة الرهن العقاري التي حدثت في 2008، ولا سيما إذا طال أمد عزل السكان.

وانضمت دول أخرى في نهاية الأسبوع إلى لائحة البلدان التي تفرض عزلاً. فقد أعلن الرئيس التونسي قيس سعيّد فرض حجر صحي عام في البلاد يبدأ الأحد، كما اتخذت كولومبيا الإجراء نفسه اعتباراً من الثلاثاء المقبل.

وعززت بريطانيا بشكل كبير ردها على الوباء، وأمرت بإغلاق الحانات والمطاعم ودور السينما والصالات الرياضية، فيما منعت سويسرا، من جهتها، كل تجمع لأكثر من خمسة أشخاص، لكنها استبعدت فرض عزل، معتبرة أنها “سياسة استعراضية”.

وبدأ الإيطاليون، الذين يلازمون بيوتهم منذ حوالى عشرة أيام، التململ. ووجّه تأنيب إلى أكثر من 53 ألفاً منهم بسبب خروجهم غير المبرر إلى الشوارع.

وفي إفريقيا أعلنت جمهورية الكونغو الديموقراطية عن أول وفاة بفيروس كورونا المستجد في كينشاسا، وهي الثالثة في دول إفريقيا جنوب الصحراء، وكذلك عن خمس حالات جديدة مؤكدة ليصل الإجمالي إلى 23 منذ الإعلان عن أول حالة في 10 آذار.

في المقابل، وفي لوس انجليس، خلا شارع المشاهير “ووك اوف فيم”، الشهير المزدحم عادة بالسياح الذين يلتقطون الصور أمام النجوم التي تحمل أسماء المشاهير، من المارة باستثناء قلة من المشرّدين.

أما بوينوس آيرس، العاصمة الأرجنتينية المعروفة بحيويتها بوجود حانات ومسارح ومكتبات، فقد تحوّلت إلى مدينة أشباح بعدما قررت الحكومة فرض العزل على السكان حتى نهاية آذار. لكن يصعب تطبيق الإجراءات الوقائية في أماكن بالغة الحساسية مثل الأحياء العشوائية في آسيا، أو السجون المكتظة والمتهالكة في جميع أنحاء العالم.

ولا يملك ثلاثة مليارات نسمة الحد الأدنى من وسائل مكافحة الفيروس مثل المياه الجارية والصابون، حسب خبراء الأمم المتحدة الذين يخشون موت “ملايين”.