اقتصادصحيفة البعث

انهيار الليبرالية المتوحشة

 

 

فضح فيروس كورونا الليبرالية الاقتصادية المتوحشة، وكشف أكذوبة الديمقراطية الغربية ودفاعها المزيف عن حقوق الإنسان.
صحيح أن الفيروس بدأ من ووهان الصينية، وانتشر إلى دول أخرى بما فيها قلاع الغرب الهشّة، لكن الإعلام الغربي اعترف مؤخراً أن الصين وكوبا تمكنتا من احتواء الفيروس، وقدمتا المساعدة لدول أخرى كإيران وإيطاليا وأوكرانيا..الخ.
لماذا الصين وكوبا دون الدول الأخرى..؟.
كوبا المحاصرة منذ ستينات القرن الماضي لديها أفضل نظام صحي في العالم وهو عام وليس خاصاً، وكانت الدولة الوحيدة التي استقبلت باخرة تحوي مصابين أوروبيين بكورونا، في الوقت الذي رفضت دول أخرى استقبالها غير آبهة بحقوق الإنسان التي تتشدّق بها بمواجهة الدول النامية!.
والصين دولة مركزية، بل شديدة المركزية، وبالتالي القرارات التي اتخذتها لمواجهة كورونا تمّ تطبيقها بسرعة وحزم، وأعطت نتائج فعّالة، إلى جانب خدماتها الصحية العامة العالية المستوى التي توفرها لجميع مواطنيها دون أي تمييز عنصري.
كذلك تمكنت دول أخرى غير ليبرالية كروسيا وكوريا الجنوبية وسنغافورة من احتواء الفيروس ومنع انتشاره على نطاق واسع، كما يحصل في أمريكا وأوروبا أي في دول الليبرالية الاقتصادية المتوحشة.
ولم تستطع إيطاليا الدولة التي تعرّضت لأكبر هجمة من فيروس كورونا في الاتحاد الأوروبي أن تفعل الكثير لحماية مواطنيها، لأن حكوماتها المتعاقبة تنافست منذ عقود على خصخصة القطاع الصحي، وهاهي اليوم تحصد النتائج، فلا مشافي حكومية كافية لاحتواء الفيروس، ولا مراكز لإجراء الفحوصات أو لحجر المصابين منهم أو لتقديم الرعاية لهم.
وبدلاً من أن تقدم أوروبا المساعدة لإيطاليا أغلقت حدودها معها كلياً ولم تمدها بأي عون، كذلك صربيا التي وجدت نفسها وحيدة في مواجهة الفيروس، ما دفع رئيسها الخادم المطيع للغرب للإعلان بمرارة: الاتحاد الأوروبي.. لا شيء!.
والملفت أن الصلف والعنصرية والاستعلاء على الآخرين دفع أوروبا وأمريكا إلى الشماتة بالصين لتعرضها للفيروس ولم تصدق أن الخطر سيدق أبوابها عبر إيطاليا سريعاً.. وسريعاً جداً!. واكتشف المواطن الأوربي مثل الأمريكي أن نظام الدولة الصحي هشّ جداً غير مؤهل ولا بقادر على احتواء كورونا ولن يقدم له الرعاية الصحية اللازمة!.
وأمام الخطر القادم الذي اعتبره زعماء أوروبيون أنه بمثابة الحرب على بلدانهم.. هدّد الرئيس الفرنسي بتأميم القطاع الصحي كي تتمكن فرنسا من احتواء الفيروس.
نعم.. الحكومات الأوربية قد تؤمّم القطاع الصحي في حال انتشار الوباء والبداية بفرنسا وإيطاليا، لا حرصاً على المواطنين وإنما الخوف من البديل المرعب: الانفلات الأمني. ومجرد استخدام مصطلح “التأميم” على لسان رئيس أوروبي يعني انهيار الأنموذج الليبرالي المصنّع لخدمة وحوش المال في العالم وليس لخدمة البشر.
لقد أثبت فيروس كورونا أن الدول المركزية، وليست الحكومات الأوليغارشية، هي القادرة على حماية مواطنيها. ولم تقم أية دولة غربية ولا إدارة ترامب بمساعدة الدول المنكوبة مثل إيطاليا وإيران والصرب.
فقط الصين وكوبا وروسيا قدّمت المساعدات لهذه الدول وغيرها مجاناً ودون أي ضجيج إعلامي، والمعدات التقنية لمساعدتها بالكشف المبكر عن المصابين بكورونا ومعالجتهم. ولعلّ المشهد الاقتصادي ما بعد كورونا سيكون مختلفاً جذرياً عما كان عليه ما قبل كورونا!.
ولا نبالغ إذا ما أكدنا أن سورية هي الدولة الأقدر على مواجهة فيروس كورونا في المنطقة، لكونها دولة مركزية حافظت على قطاعها العام، ورفضت خصخصة قطاعها الصحي الجاهز والمؤهل لاحتواء الفيروس فور وصوله إلى سورية!.
بالمختصر المفيد: قد يكون تأميم القطاع الصحي الخيار الوحيد في أوروبا لاحتواء فيروس كورونا، أما في سورية فلا يزال قطاعنا الصحي العام يوفر الخدمات لجميع المواطنين الموجودين في سورية مجاناً رغم كلفتها الباهظة، وعلى الرغم من الحرب الإرهابية المستمرة على بلادنا من الأنظمة الليبرالية الغربية المتوحشة منذ تسع سنوات.
علي عبود