الصفحة الاخيرةصحيفة البعث

      فضيحة الكورونا

 

     عبد الكريم النّاعم

الجميع يعلم أنّ العالم فوق ظهر هذا الكوكب قد بلغ مَبلغاً، لم تعهده البشريّة من قبل، على المستويات العلميّة كافّة، كما أنّ دول الرأسمال المتوحّش بلغت مبلغا آخر لم تعرفه البشريّة من قبل، ولن أدخل ذلك الميدان الذي لانهاية لشوطه بين مَن نعوا الدّين، لأنّه لم يوقف الكورونا!!، ولا الذين يرون أنّ هذا البلاء الجائحة هو غضب من الله، وانتقام من ذلك الفلَتان الأخلاقي وغير الأخلاقي الذي يجرح الرّوح، ويدمّرها، فهذا ميدانه قائم، بشكل أو بآخر، منذ أن انقسم الناس في عقائدهم إلى ماديّين وروحانيّين. الذي أريد التركيز عليه الفجوة الأخلاقيّة الكبيرة بين ما فعلتْه الصين، وما تفعله أمريكا.

الصين في زمن قياسي رائع تمكّنت من إيقاف هذا الفيروس في بلادها، بعد أن دفعت ما دفعت، حتى أنّها وصلت إلى مرحلة لم تحدث فيها أيّة إصابة بتاريخ 19/3/2020 كما أعلنت الجهات المختصّة فيها، كما أنّها أرسلت طواقم طبيّة لأكثر من جهة لمساعدة أهل تلك البلدان في مواجهة هذه الجائحة، ولم تبخل بتقديم كلّ ما يمكن أن يساعد من تخفيف ذلك الوباء، وتعاملت بأخلاقيّة إنسانيّة رائعة، وثمّة أكثر من شاهد يعرفه الجميع، وهنا لابدّ من تذكّر أنّ المخزون التراثي، التربوي، الأخلاقي في الصين قدّ أهّلها لذلك، فهي لم تستعمر بلداً في حياتها، كما أنّ مخزونها الثقافي المعرفي القارّ في ذاكرتها وفي مجتمعها، والذي تتوّجه تعاليم كونفوشيوس الرّائعة، وثمّة آخرون عمّقوا تلك الرؤية الإنسانية العميقة الغور، والتي استقرأت الواقع الاجتماعي، ولم تُغرق نفسها في الفلسفات والمقولات الروحانيّة، فكان ميدانها الإنسان، وسيلة وغاية، بمتابعة من الحزب الشيوعي الصيني البصير الحازم، مثل هذا الشعب الحضاري، الضارب الجذور لا يمكن أن ينتج إلاّ ما تربّى عليه، وما اختزنه.

على المقلب الآخر، كما يُقال، الموقف الأمريكي الرأسمالي المتوحّش، ما إن شكا العالم من اجتياح هذا الفيروس حتى بدأت جهات أمريكيّة تفكّر كيف يمكن لها أن تحتكر الدواء الذي يُعمَل على اكتشافه لمكافحة هذا الفيروس، فسارعت للاتصال بطبيب ألماني، لأخذه إلى أمريكا لإنتاج ذلك اللّقاح، واحتكاره، فهي بلد، قيادةً وشركات ضخمة، لاتفكّر إلاّ بالربح الماديّ الذي يدخل تلك الخزائن الشيطانيّة، ولكنّ السلطات الألمانيّة أوقفت المحاولة.

هنا لا بدّ من تذكّر أنّ الذين يحكمون أمريكا هم سلالة الذين أبادوا شعب الهنود الحمر، واستأصلوه، إلاّ نُفاضة، ليستولوا على أرضه، وهم الذين افتتحوا وجودهم في تلك القارّة بنشر جراثيم الجدري ليتخلّصوا بالأوبئة ممّن لم يحصدهم رصاص الغزاة القادمين من وراء البحار، فإذا أضفنا إلى ذلك أنّ الانجيليّين المتصهينين، الغلاة، حكّام أمريكا، يتماهون مع المقولة الصهيونيّة “شعب الله المختار، نجد أنّ التربية الأخلاقيّة، ومبدأ الاستعلاء على الآخرين، هذا كلّه لا يمكن أن ينتج عنه إلاّ تلك المفرزات اللآّ أخلاقية.

إنّه (الذهَب)، والذهب وحده أقنومهم الذي لا يعدله أقنوم آخر، منذ عجل بني إسرائيل الذهبي، وحتى السّبائك المكدَسة في بيوتات المال.

إنّ العالم منذ ابْتُلي بتمدّد الأمريكان الغزاة بعد الحرب العالميّة الثانية وحتى الآن لم يعرف الهدوء، ولا الاستقرار، وسوف يظلّ مهدَّدا بجائحة إثر أخرى إذا لم يُلجم ذلك لطغيان الذي حيثما حلّ حلّ الخراب والدّمار.

ثمّة فرصة أمام العالم المتحضّر الذي لا يريد أن يكون فريسة لذلك الجشع ليبتكر حلاّ لمواجهة هذا الطّاغوت، وإلاّ فإنّ الجوائح ستترى.

دلّوني على بلد واحد في العالم دخله الأمريكيّون، أعني حكام أمريكا، لا شعبها، ولم يعقبه الخراب، والفُرقة، والدّمار. في السياق أشير إلى فيديو أرسله صديق أحترمه، وفيه صورة لقطار في أمريكا، كُتب على عربته “كورونا”، والصورة تعود إلى عام 2019، فهل في ذلك بعض الأدلّة؟! أيّاً كان المصدر، والذي قد لا تنكشف أسراره إلاّ بعد زمن قد يطول، فإنّ ما جرى يدقّ جرس إنذار بحجم الخوف الذي ينتاب العالم ويحاصره.

aaalnaem@gmail.com