ثقافةصحيفة البعث

(يا أبتِ.. إبراهيم)

 

أرسلتني قبيلة الثارات

لغسل عارها مني

ولقتل روحي ديّة لارتكابي الموبقات

فامتهان فن العصور الوسطى جريمة

ونهج مايكل أنجلو ودافنشي عورة

وجب فيهما حدُّ القصاص على معصمي

لم يرضوا مني إلا بكبد حقيقتي

دليلاً دامغاً على جريمتي

فرحت أمشي في واد غير ذي زرع

آكل حنظل حياتي

وأرشف رحيق الصبار

وأرضع الخمر من ثدي الحانات المهجورة

فيسيل الدمع من مقلتيَّ

نارياً كوقع حوافر داحس

بارداً كخفق فؤاد الغبراء

قررت الخروج على قانون القبيلة

وأعلنت الفرار

مزقت ميثاق الأمم المتحدة

وبقايا أوراق العهد القديم

كسرت ألواح موسى

وعمرت من حطامها بيتاً

جدرانه الوصايا العشر

آوى إليه ذات ليلة ماطرة

رجل وضيء الوجه باسم المحيّا

لباسه عربي معتّق برائحة البخور

مزركش بحروف المعوذات ورجوم الشياطين

بيده عصا من خشب الصفصاف

هش بها قطعان الغيم الشاردة

وحفر في وسط داري متاهة

وقال: يا نار ربي كوني برداً وسلاماً فأنا إبراهيم

– أ إبراهيم الخليل أنت؟

هتفت روحي

وجلستُ قربه أنظر إلى وجع الحنين في عينيه

لأرى معجزة التكوين بحلتها الخام

أقدام الطاووس الهمجي تركض نحو جسده

ورأس الهدهد المرَّيشة تغذّ السير نحو جسده

وجناحاه المرقطان يخفقان بحبور كروحي الجذلى

ومنقار الحمامة يسبح مبدعه

وهو يستقر في مقدمة وجهها

وقلبي كعصفور الدوري الأرعن

أضاع نوتة النقر على شباك الحبيب

أربعة طيور تتشكل

بكلمة (كُن) من فم الخالق الباري

……

نحن في وطني نشهد هذه المعجزات كل يوم

ونخترع القيامة من نسغ عروقنا

يا أبتِ إبراهيم

نحن نولد من رحم الشهداء

ونسير بقوافلنا المترعة بالحنين

أمواتاً على باب الخلود

ندخله تباعاً

لنولد من جديد أنصاف آلهة

كهرقل وجلجامش

ونحكم بالأمل الموجوع وبالحب

أرض محشر المعجزات

 

رامز حاج حسين