دراساتصحيفة البعث

العقوبات ضد إيران جريمة ضد الإنسانية

ترجمة: عناية ناصر

عن موقع “غلوبال تايمز” 25/3/2020

حان الوقت كي تخفف الولايات المتحدة عقوباتها الأحادية ضد إيران، أحد أكثر البلدان تضررا من هذه العقوبات، إذ شهدت إيران أكثر من 2000 حالة وفاة بسبب فيروس كورونا. ومن شأن هذه العقوبات الأمريكية المتصاعدة، التي تتعارض مع القيم الإنسانية، أن تجعل الوضع، في هذا المنعطف الحرج، أشد سوءأ.

فالولايات المتحدة تمارس، ومنذ سنوات، الضغوط على إيران، ولاسيما بعد انسحابها من الاتفاق النووي مع إيران في أيار 2018، وقد فرضت العديد من العقوبات ضد طهران، مستهدفة ضرب صناعتها النفطية لدفعها إلى حالة من الفوضى، وعزلها عن المجتمع الدولي، الأمر الذي من شأنه وضع ملايين الإيرانيين في حالة من اليأس.

ورغم ارتفاع عدد الإصابات فيها، لم تحصل إيران على أي مساعدة من الولايات المتحدة، بل – وعلى النقيض من ذلك – تواجه عقوبات أشد. وقد زادت الإدارة الأمريكية مؤخرا الضغط على إيران من خلال وضع بعض الشركات الأجنبية على القائمة السوداء لتعاملها مع إيران، الأمر الذي يبعث برسالة قاسية مفادها أن واشنطن لن تبدي أي تعاطف مع إيران.

إن “الضغط الأقصى” الذي تمارسه الولايات المتحدة على إيران لا يشكل إعاقة خطيرة لجهود إيران لمحاربة الفيروس فحسب، بل يضع العديد من العوائق أمام تقديم المجتمع الدولي للمساعدات الإنسانية لإيران.

لقد خسرت إيران منذ أن فرضت عليها إدارة ترامب العقوبات حوالي 200 مليار دولار، ما قوض، وبشكل خطير، قدرة البلاد على مواجهة مثل هذه الأزمة الكبيرة، وأضر بالإمدادات الطبية التي تشكل شريان الحياة لبلد يواجه جائحة.

تعتمد إيران في ثلث المواد الخام للأدوية فيها على الواردات التي أصبحت محدودة في ظل العقوبات الأمريكية، ووفقا للمتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية، فإن واشنطن، ورغم إدعائها أن عقوباتها لا تمنع وصول المساعدات الإنسانية إلى إيران، لا تزال تضع العراقيل أمام هذه المساعدات.

ولطالما ادعت الولايات المتحدة أنها المدافع عن حقوق الإنسان، وقد أعادت التفاخر بذلك في خضم أزمة الوباء؛ ففي ملف حكومي نشرته صحيفة “ديلي بيست” يعاد التأكيد على أن “الولايات المتحدة والشعب الأمريكي يظهران مرة أخرى أنهما الأعظم إنسانية في العالم على الإطلاق”.

لكن نظرة على ما تقوم به ضد إيران، تؤكد واشنطن أن فعلتها تعتبر جريمة ضد الإنسانية، وفقا لما نقلته وكالة “رويترز” عن مسؤول في إيران أضاف قائلا: “كيف يمكن لأعظم المدافعين عن الإنسانية أن يبقوا غير مبالين تماما في وقت يموت فيه العديد من الإيرانيين بالفيروس القاتل؟! وهل العقوبات هي نوع من المساعدات الإنسانية على الطريقة الأمريكية؟! إن العقوبات الأمريكية ضد إيران تكشف أكاذيب البيت الأبيض، وإدارة ترامب لا تبدي أدنى اهتمام بحياة الإيرانيين، وإنما تهتم فقط بمكاسبها السياسية.

ولكن، ولحسن الحظ، يبدي المزيد من الدول اهتماما بالأزمة الإنسانية في إيران، فمنذ تفشي الوباء تلقت إيران المساعدة من المجتمع الدولي، إذ أرسلت الصين فريقا من الخبراء وتبرعت بإمدادات طبية عبر العديد من القنوات، داعية الولايات المتحدة إلى تخفيف عقوباتها، كما قدمت دول عدة مثل روسيا والكويت المساعدة في الوقت المناسب.

إن الفيروس القاتل عدو مشترك يواجه العالم، ولا يمكن لأي دولة أن تحمي نفسها منفردة منه. ولذلك، وفي مواجهة هذا التحدي العالمي، لابد من وضع جميع الخلافات جانبا، وأن تكون أولوية جميع الدول أن تتحد معا، وأن تركز جهودها على مكافحة الوباء.

إن العقوبات الأمريكية اللاإنسانية تقدم مثالا سيئا، فهي تعيق الجهود الهائلة التي تبذلها دول العالم لمحاربة الفيروس.