ثقافةصحيفة البعث

بعد مشاركته في “سوق الحرير” شادي الصفدي: العمل يغرِّد خارج سرب أعمال البيئة الشامية

لم يشارك كثيراً في أعمال البيئة الشامية، لذلك يعتبر مشاركته في مسلسل “سوق الحرير” تجربة جديدة يخوضها، خاصة وأن العمل فيه يتم بحرفية عالية وبطريقة مميزة، مبيناً الفنان شادي الصفدي في حواره مع “البعث” أن مسلسل “سوق الحرير” يتناول مرحلة جميلة جداً من تاريخ سورية الحديث، حيث يسلط الضوء على البيئة الدمشقية المثقفة خلال فترة الخمسينيات، محاولاً فيه المخرج مؤمن الملا ترجمة النص بأفضل صورة لتقديم عمل يغرِّد خارج سرب البيئة الشامية التي اعتدنا أن نراها مؤخراً في الأعمال الدرامية، كما يتيح له هذا العمل تجسيد شخصية إيجابية لأول مرة من خلال شخصيته المحببة من قبل الجميع والتي تتمتع بالشهامة والصدق، وهي تجربة جديدة بالنسبة له بعد أن اعتاد أن يُقَدِّم شخصيات سلبية، مؤكداً أنها فرصة مناسبة ليشاهد الجمهور الوجه الآخر له كممثل.

 

لا حلّ وسط في الكوميديا

وعن موضوع الأجزاء في الأعمال الدرامية، خاصة وأن “سوق الحرير” من المقرر تقديمه بعدة أجزاء يوضح الصفدي أن نجاح العمل أحياناً يشجع أصحابه على تقديم أجزاء أخرى منه،  وبعض هذه الأعمال حقق النجاح حينما اعتمد على نص جيد، أما الأجزاء التي قُدِّمَت بشكل ارتجالي وبدون أي مبرر فلم تحقق النجاح المطلوب، مؤكداً أن موضوع الأجزاء في مسلسل “سوق الحرير” مدروس بشكل جيد لأن الحكاية فيه تتطلب ذلك، وهو بالأساس مبني على فكرة الأجزاء، مشيراً الصفدي إلى أنه انتهى من تصوير مشاهده في مسلسل”ببساطة 2″ معبّراً عن سعادته بالمشاركة في هذا العمل الذي ينتمي إلى كوميديا الموقف والذي يتيح لأي ممثل مشارك فيه تجسيد عدة شخصيات، منوهاً إلى أنه يميل إلى الكوميديا التي يراها من أصعب الأنواع وأخطرها لأن لا حلّ وسط فيها، فالممثل إما أن ينجح أو يفشل، لذلك ليس كل ممثل قادراً على النجاح فيها، حيث يجب أن تتوفر في ممثل الكوميديا سرعة البديهة، وهذا ليس أمراً سهلاً بل يحتاج إلى تمرين وتدريب، منوهاً إلى أننا نمتلك ممثلين كوميديين من الدرجة الأولى.

 

من أحب الشخصيات

يعتز شادي الصفدي بتجسيده لشخصية أكرم التي حققت نجاحاً كبيراً إلى جانب الشخصيات الأخرى في مسلسل “الخربة” تأليف ممدوح حمادة إخراج الليث حجو وتُعد شخصية أكرم من أحب الشخصيات إلى قلبه، وقد قَدَّم فيها كل ما يمكن أن يُقَدّمه كممثل تحت إدارة المخرج حجو في أول تجربة له معه، مؤكداً أن العمل معه في “الخربة” كان تجربة ممتعة ولا يمكن أن يقارن شخصيته في هذا العمل بأية شخصية أخرى قام بتجسيدها، منوهاً إلى أن الليث حجو من أكثر المخرجين الذين اشتغل معهم و”الخربة” كانت التجربة الأولى ومن ثم “سنعود بعد قليل” و”ضبّو الشناتي” و”الندم” و”الواق واق” موضحاً أن تكرار تواجد أي ممثل في أعمال مخرج معين يعود إلى الانسجام الذي يحدث بين المخرج والممثل، خاصة عندما يعرف الممثل ماذا يريد المخرج ويكون مدركاً للشخصية التي يؤديها دون الانحراف عنها، فهذه الأمور برأيه تحرِّض على تكرار التعامل بين الممثل والمخرج حينما يرى المخرج ضرورة لوجود هذا الممثل في هذا العمل أو ذاك، مبيناً الصفدي أن حجو من المخرجين المميزين، والفنان يشعر معه بأمان كبير، فهولا يشتغل على نص مجاني ولا يبدأ التصوير إلا بعد تحضير جيد على السيناريو ويعرف ماذا يريد منذ البداية وحتى النهاية، وهذا ما يجعل الممثل قادراً على تبني ما يقوم به.. من هنا لم يخف الصفدي من النقلة التي نقله إياها حجو من الكوميديا في “الخربة” و”الواق واق” إلى ما هو نقيض لها في “الندم” لأن أي ممثل يطمح لتقديم شخصية جديدة لم يسبق أن قدمها فيُسعَد بها ويصبح لديه تحدّ لتجسيدها، خاصة إذا كانت كشخصيته في “الندم” التي قَدَّم من خلالها مشاهد قاسية وشريرة نجح في إقناع المشاهد بشرّها، ويرى أن هذا أمر طبيعي لأن الإتقان في تجسيد الشخصيات من صلب عمله كممثل يجب أن يتبنى الشخصية التي يؤديها بكل تفاصيلها ليقنع المشاهد بها وبأعمالها، منوهاً إلى أنه يشارك كضيف في مسلسل “أولاد آدم” لليث حجو وهو عمل سوري لبناني مشترك، حيث يجسد شخصية شريرة خفيفة الظل تعمل وفق مبدأ الغاية تبرر الوسيلة،موضحاً أن الأعمال المشتركة انتشرت في الآونة الأخيرة لأنها باتت مطلوبة من قِبَل المحطات، ويجد أصحابها أنها إحدى وسائل الترويج، وهذا قد يكون مبرراً للبعض بشرط أن تُقَدَّم بشكل مقنع للمشاهد وألا تتحول إلى موضة.

 

النص أولاً

يشير الصفدي إلى أن كل الأعمال الدرامية تحتاج إلى مخرج جيد ونص جيد وممثل جيد، فهذه المعادلة برأيه يجب أن تتوفر في كل الأعمال وليس في الأعمال الكوميدية فقط، وأهم ما في هذه المعادلة النص الجيد، حيث لا يمكن الخروج بأي عمل جيد ما لم يتكئ على نص جيد، لذلك يرى أن أكبر مشكلة تعاني منها الدراما ليس في سورية فقط بل في الوطن العربي هي غياب النص الجيد والذي يعود لأسباب مختلفة تتعلق بالظرف العام الذي تُنتَج فيه هذه الأعمال.. من هنا يؤمن الصفدي بمبدأ الورشة للخروج  بنصوص جيدة.

 

يميل للتجريب في المسرح

يبدو شادي الصفدي اليوم بعيداً عن المسرح وهو الذي سبق وأن قدم مجموعة من التجارب المهمة مع المخرجة رغدة الشعراني من خلال “تيامو، مومنت، شوكولا” ومع المخرج كفاح الخوص” في “وايت، بلاد ما فيها موت” مؤكداً أنه يميل للتجريب في المسرح الشبيه بما كانت تقدمه الشعراني وأنه يعمل في المسرح للاستمتاع، ويأسف لأن الظروف لا تشجعه على الوقوف على خشبة المسرح حالياً، منوهاً إلى أنه كان من المفروض أن يعود ويجتمع مع المخرجة رغدة الشعراني لتقديم مسرحية في الشهر الثامن وهو أمر يسعده كثيراً، لأن الشعراني برأيه مخرجة موهوبة تقدم دائماً كل ما هو جديد وغير مطروق بطريقة ممتعة وبأسلوب بصري يجعل المتلقي يخرج من المسرح مستمتعاً بما رآه، مشيراً إلى أنه لا يميل للأعمال التي تتحدث عن الواقع على الرغم من وجود جمهور يستمتع بها، بل يبحث دائماً عن الأعمال التي تجعله ينسى هذا الواقع الذي يعيشه بكل تفاصيله.

وعن السينما في مسيرته يشير الصفدي إلى أن أول عمل سينمائي شارك فيه كان عبارة عن فيلم قصير بعنوان “ومع روحك” وهو من تأليف وإخراج اللبناني كريم الرحباني، ونال الفيلم جائزة في مهرجان دبي السينمائي عام 2014 ويعتز بمشاركته في فيلم “خيمة 56” للمخرج سيف الشيخ نجيب الذي نال جوائز عدة، كما شارك مع المؤسسة العامة للسينما مؤخراً بفيلم “حيوات” إخراج حسام شراباتي عن نص للدكتورة رانيا الجبان.

سفر

يبين شادي الصفدي أن الموسيقا هي العالم الذي يشعر فيه بالراحة، لذلك هو حريص على استمرار فرقة”سفر” الغنائية التي قام بتأسيسها رافي عباس عام 1999 بالشراكة مع الصفدي والتي كانت تقيم حفلاتها بين فترة وأخرى، آخرها كانت في الشهر التاسع من عام 2019 على مسرح مجمع دمر الثقافي وهي فرقة تقدم خليطاً ما بين الموسيقا الشرقية والموسيقا الغربية وفي رصيدها عدد من الأغاني الخاصة تقوم بإنتاجها بشكل مستقل وتقوم بطرحها عبر موقع الفرقة الرسمي على مواقع التواصل الاجتماعي.

ويختتم شادي الصفدي حواره مشيراً إلى أن الطموحات لا تنتهي، والأهم برأيه أن يستمر الممثل في الاشتغال على أدواته والعمل بضمير ليصل للجميع، وهذا يتطلب منه القراءة الكثيرة ومتابعة ما يُقَدَّم في السينما والتلفزيون والاستمرار في البحث وصقل الأدوات والاستفادة من الأساتذة الكبار.

 

أمينة عباس