زواياصحيفة البعث

جدول مواعيد.. للمهن؟!

يحتاج الواقع الصحي والاقتصادي والمعيشي، في هذه الأيام، إلى إعادة قراءة تفاصيله بشكل أعمق وبأسلوب أكثر قدرة على التجاوب السريع مع المتغيرات، خاصة مع تتالي الأزمات التي كرستها الحرب، وظروف الحصار الاقتصادي الذي تشتد آثاره اليوم مع جائحة كورونا وتداعياتها، مع إمعان التجار الجشعين في ملاحقة لقمة عيش الموطن واستغلاله.

ومع استمرار الحصار وقلة الإمكانيات المتاحة في مختلف المجالات لمواجهة كورونا، لابد من الانتباه إلى أن انتظار حلول الحكومة والاتكال الكلي على إمكانياتها، يشكل إضعافا للجهود التي تبذل للخروج من تداعيات الوباء وأزمة الواقع المعيشي، واستنزافا للإمكانيات التي تفرض، بواقعها الحالي، ضرورة اتباع إستراتيجية استثمارية تجند كل ما هو متاح في معركة الصمود المستمرة منذ أكثر من تسع سنوات، ومواجهة التحديات بأسلوب وقائي يعتمد بالدرجة الأولى على وعي المواطن والتزامه بالتعليمات والإرشادات الصحية والاحترازية من جهة، وقدرته على التعامل مع واقعه المعيشي بالتكاتف والتعاون للوصول إلى ضفة الأمان من جهة أخرى.

ما يريح أن الكثير من الناس يدركون تماما خطورة ما يجري، ويبادرون إلى تقديم كل ما من شأنه ترميم الواقع المعيشي المأزوم نتيجة قلة مصادر الرزق التي باتت في حدودها الدنيا بعد الإجراءات والقرارات الاحترازية المتخذة.

وبصراحة، بات علينا التدقيق أكثر في تفاصيل يومياتنا وتوجيه البوصلة المعيشية بشكل عقلاني، واتخاذ الكثير من الإجراءات الاحترازية والوقايية، وتأمين المستلزمات بطرق مختلفة، ومنها الاعتماد على تشجيع الاقتصاد المنزلي بكل أدواته وطرقه، ابتداء من العمل على تحويل المنازل إلى منشآت إنتاجية صغيرة قادرة على تحقيق الاكتفاء الذاتي في مراحله الأولى، سواء الزراعي منه أو الصناعي الخدمي، وذلك ضمن منظومة تعتمد على العمل الأسري الجماعي الذي يشكل اليوم مصدرا هاما للدخل وتحسين الظروف، وهو الهدف الرئيسي لإستراتيجية المشاريع الصغيرة التي تلقت دعما لا يستهان به، وخاصة لجهة الإقراض وتقديم التسهيلات المطلوبة. وفي المقابل لابد للجهات المعنية، وفي ظل إجراءات الحجر المتبعة، من ترتيب جدول مواعيد يتيح للعديد من أصحاب المهن فتح ورشاتهم ومنشآتهم، وتقديم الخدمات لضمان استمرار الحياة الطبيعية مع التشدد في تطبيق إجراءات السلامة الوقائية.

إن الوقائع الحالية تثبت ضرورة التحرك بخطوات متسارعة لضبط يوميات الناس بطريقة أكثر تفاعلية ومسؤولية، وبشكل يخفف من أعبائهم، ويساعدهم على الالتزام طوعيا بكل القرارات والإجراءات الاحترازية.

بشير فرزان