دراساتصحيفة البعث

الحرب الأمريكية الجرثومية

ترجمة: علاء العطار

عن موقع “كيتلين جونستون”  28/3/2020

أوردت وكالة فرانس برس أنه “فيما يحتمي مليارات الناس لوقف انتشار الفيروس، زاد دونالد ترامب العقوبات والضغوط على أهدافه المتكررة، مثل إيران وفنزويلا”.

وتضيف الوكالة بأن “الإيرانيين يقولون إن الواردات الإنسانية حُظرت بفاعلية لأن قليلا من البنوك مستعد للتعامل مع إيران بسبب العقوبات الأمريكية، ما أدى إلى نقص في الإمدادات الحيوية، كالكمامات. وقال علي فايز، وهو خبير إيراني يعمل في الفريق الدولي المعني بالأزمات، والذي فكّر بحلول سلمية للمشكلات العالمية، إن إدارة ترامب تعدّ أي مساعدة طوق نجاة للحكومة الإيرانية الآيلة للسقوط”.

وقال ماكس أبراهامز من معهد كوينسي لوكالة فرانس برس: “إنها نكتة وضيعة حقا!! أهناك أسوأ من ظهور جائحة في بلد لا توجد فيه حكومة ترعاه؟ هذا آخر شيء نريد حدوثه فعلا.. نحتاج لإعادة النظر بفهمنا للأمن القومي الأمريكي، ومن السخيف أن تستثمر الولايات المتحدة بشكل كبير في إعادة تشكيل دول أجنبية في وقت يرتدي فيه الطاقم الطبي في نيويورك – حرفيا – أكياس قمامة”.

في الواقع، لم تر الحكومة الأمريكية، من بعض النواحي المهمة، بوضوح، تفشي فيروس كورونا كأزمة إنسانية خطيرة، وإنما كأفضلية إستراتيجية لاستخدامه كسلاح ضد حكومات ترفض الانحناء لها.

ويعد استخدام فيروس كسلاح حربا بيولوجية. وربما لم تنشر الحكومة الأمريكية الفيروس عمدا (وهي مسألة لم يُبت بها بعد) لكنها تستخدم الفيروس كسلاح يهدف لإسقاط حكومات أنهكتها العقوبات.

يحظر القانون الدولي استعمال الأسلحة البيولوجية أو الجرثومية، بالرغم من أن الولايات المتحدة تلتف بأسلوبها المعهود حول هذه القوانين من خلال استخدام فيروس سلاحا في هذه الحالة. وهذا لا يعني بالضرورة أن الولايات المتحدة نقلت العدوى عمدا إلى شعب باستخدامها أسلحة بيولوجية، مثلما كانت استخدمتها بكثافة في الحرب الكورية.

مات ألاف الإيرانيين جراء هذا الفيروس بسبب الصعوبات التي تفرضها العقوبات الأمريكية في الحصول على الأدوية والمعدات والموارد، ومن المحتمل أن تؤدي زيادة العقوبات إلى مزيد من الضحايا. ولم يكن هذا مصادفة، بل إنه متعمد، إذ قال وزير الخارجية، مايك بومبيو، إن الهدف هو جعل المدنيين الإيرانيين بائسين ويائسين بدرجة تدفعهم للإطاحة بحكومتهم، ومن الواضح أن هذا الفيروس يستخدم لهذا الغرض.

تحاول آلة الحرب الأمريكية إلحاق فنزويلا بالمصير نفسه حيث توفي عشرات الآلاف جراء سوء التغذية وعدم القدرة على الوصول إلى الدواء بسبب الحرب الاقتصادية الوحشية التي شنتها إدارة ترامب، إذ حرم صندوق النقد الدولي فنزويلا من الحصول على قرض تحتاجه لمكافحة الجائحة بسبب خلاف على شرعية حكومة مادورو، وهو خلاف خلقته الولايات المتحدة من لا شيء ودعمته بالأكاذيب. علاوة على ذلك، تعرض إدارة ترامب رشوة بقيمة 15 مليون دولار على أي شخص يساعدها في اعتقال مادورو.

من ذا الذي يستفيد من عدم امتلاك أمة يفتك بها الوباء لحكومة ترعاها؟ بالتأكيد ليس الشعب الفنزويلي.

إننا نشهد الحرب الجرثومية نفسها التي شنت على أفراد وحكومات، كرفض إطلاق سراح جوليان أسانج بكفالة بينما ينتشر الفيروس في السجون البريطانية، رغم تحذير الأطباء من قابلية موته من العدوى بسبب مرض الرئة المزمن.

وعلى الرغم من نعيقها الغاضب على دول تمردت عليها، أمثال سورية التي زعمت الإدارة أنها تستخدم أسلحة كيميائية، إلا أن الحكومة الأمريكية لم تتردد أبدا في استخدام الأسلحة البيولوجية اليوم، ويموت الإيرانيون والفنزويليون من فيروس يستخدم كسلاح لإسقاط حكومتين تجرأتا على رفض إملاءات واشنطن، وهذا يعني أنهم يموتون بسبب حرب جرثومية.

ما من تهمة شنيعة إلا وتوجهها الإمبراطورية الأمريكية للحكومات الأخرى، فيما هي ترتكب ما هو أفظع وأشنع، وهذا هو المعنى الحقيقي للاستثنائية الأمريكية.