ثقافةصحيفة البعث

جائحة كورونا كارتون كاريكاتورياً

يعدُّ الفيروس التاجي اختباراً خطيراً للبشرية، وقد استفز عقول رسامي الكاريكاتور في العالم الذين تسابقوا للتعبير عنه وعن الأمراض الوبائية الأخرى بأسلوب لاذع وساخر.. وقد عكست الرسوم التي انتشرت عبر صفحات الانترنت حالة الأزمة وتداعياتها الخطيرة. وأصبحت الصورة الكروية مغرية لإبداع الرسوم الكاريكاتورية الساخرة تحت مسمى “النظرية العامة للفكاهة”. وقد تشابهت الأثواب الشكلية في الرسوم المطروحة.. وعدّ الرسامون صورة الفيروس فريسة سهلة للسخرية والنيل منها وسلطوا عليها سهام سخريتهم.

العشرات من الرسوم الكاريكاتورية أظهرت الأرض على أنها فيروس تاجي ضخم ثم صنعوا تحولاً واسع النطاق في مشاهد عميقة الدلالات الوصفية، إذ حولوا الفيروس المجهري إلى كوكب مجهري وهي مفارقة تضاف على عديد الصور التهكمية من واقع تحول إلى مادة دسمة للسخرية. قام فنانون آخرون بتحويل الفيروس التاجي إلى شمس وأجسام فضائية أخرى. وبطبيعة الحال، أرسل العشرات من الفنانين الفيروسات التاجية في شكل نيازك إلى سطح كوكبنا، مع تلميحات إلى الأصل الغريب لهذه الأشياء المشؤومة التي قضت مضاجعنا. ورسم بعضهم الفيروس التاجي سائحاً متواضعاً في جولة حول العالم.

توصيفات متعددة وتغيير في الملامح، وهنا، جاء إبداع بعض الرسامين الذين استبدلوا الجمجمة برمزيتها السوداوية برسم الفيروس التاجي بدلاً منها. وهي من حيث التأثير النفسي متشابهة. ونعرف أنّ السمة الرئيسية للموت النمطي منذ العصور الوسطى هي المنجل الحاد. وبعد كل هذا، تأتي التوصيفات تباعاً.. كرة معدنية مع مسامير تشبه إلى حد كبير الفيروسات التاجية! متفجرات على شكل فيروس تاجي.. وأشكال أخرى اقتنصتها عيون الرسامين العالميين في توليفة دقيقة وتسليط الضوء على الحياة الجديدة التي ألمت بالجميع بكل بؤسها.

لم يستطع رسامو الكاريكاتور الاستغناء عن الأقنعة الطبية. في هذه المجموعة الضخمة من الرسوم المتحركة التي انتشرت وملأت صفحات التواصل الاجتماعي، نرى كيف أنقذوا الموناليزا بوضع كمامة وقائية لها.. وهناك من ابتكر أقنعة طبية أنيقة خاصة بعروض الأزياء مرتبطة بلون الثياب وتسريحة الشعر.

أسهل طريقة هي وضع قناع على وجه كوكبنا، بالطبع، تم إغراء العشرات من رسامي الكاريكاتور بهذه الفكرة.. فقد صنعوا روائعهم بشكل مستقل ولكن وقع بعضهم في التفكير النمطي إذ فضح الوباء أزمة الرسوم المتحركة. لم يتم إنشاء الرسوم الكرتونية النمطية فقط من قبل المؤلفين المبتدئين، ولكن أيضاً الرسوم الموقرة التي صنعها المحترفون. عندما أفادت المعلومات أنّ الأوراق النقدية يمكن أن تصيب حامليها بالكورونا، وضع رسام الكاريكاتور على الفور أقنعة على وجوه رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية المطبوعة على الدولار.

مجموعة أخرى من الرسوم الكاريكاتورية التي سلطت الضوء على واقع الأطباء ومواجهتهم للفيروس التاجي، مثل لوحة طبيب مسلح بحقنة ضخمة، دخل المعركة بها مع وحش الفيروس.. وطبيب تحول إلى مصارع ثيران في مواجهة الوباء.. وطبيب آخر يزحف إلى الفيروس التاجي الذي يشبه القنبلة ويحاول تحييده وإبعاد خطره. يتذكر رسامو الكاريكاتور أيضاً المشهد الهزلي القديم “ضرب رجل على رأسه من الزاوية”. في حالتنا هذه، هناك من حاول ضرب الفيروس بكتاب العلوم بكل دلالاته ووقعه المعرفي.

انحسرت الموجات الهستيريّة الأولى للكارتون، وبدأ الفنانون يتنافسون في الأصالة. الكورونا هو جائحة خطيرة كما نعلم، ولكن الحياة السياسية لا تزال موجودة، وإنْ كانت بشكل مجمّد إلى حد ما. فماذا عن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب؟ ألم يجسّد الشر أيضاً؟ فقد عبّر رسامو الكاريكاتور عنه ووصفوه وتفننوا بتحويل رأسه إلى فيروس تاجي  بدلاً من دماغه.

ولم يتوقف الموضوع عند ترامب وحده، فقد نال بعض القادة  مثل بوريس جونسون وأدولف هتلر نصيبهم. ولم ينسَ الفنانون الأذكياء تمثال الحرية. على سبيل المثال، وضعوا قناعاً طبياً بألوان علم الولايات المتحدة عليها.

أخيراً، بدأ رسامو الكاريكاتور يتذكرون الصور التي يسهل التعرف عليها وأكثرها إغراءً وملاءمة لإنشاء صور تأثيرات كوميدية. تم تهجين أبطال الرسوم النمطية من قبل الفنانين مع صور الأوبئة التاجية. وعلى سبيل المثال، ألا تبدو الكتلة المعدنية الثقيلة المربوطة بقدم السجين كفيروس تاجي؟ وحولوا كل ما هو كروي ككرة القدم، كرة السلة، الكرة الطائرة، كرات التنس وكرات البلياردو.. إلى فيروس..!

استقر الأمير الصغير على كوكب الفيروس التاجي وتحولت جمجمة يوريك في يد هاملت إلى فيروس تاجي.

تم العثور على مكان للفيروس التاجي على أنف Jester الخ.

العديد من رسامي الكاريكاتور، مثل مؤلف هذه السطور، لم يتمكنوا من مقاومة استخدام هذه الصور المغرية في توظيف كل ما نراه. أين يمكن إخفاء شخص من الفيروس التاجي أثناء الحجر الصحي؟ هل فكرت في ذلك؟ الجزيرة غير المأهولة التي يحبها رسامو الكاريكاتور تنتظر!

لم ينسَ رسامو الكاريكاتور ديوجين مع برميله. ماذا عن الرداء الأحمر والذئب الذي يبدو وكأنه فيروس تاجي؟

دفع الحجر الصحي الفنانين إلى معالجة قضية العنصرية. فقد رسم أحد الفنانين إنساناً ببشرته السمراء مغطى بقناع طبي أبيض وعلى عكس المشهد، بشرة فاتحة مغطاة بقناع أسود. يصعب حساب مثل هذه الرسوم الكاريكاتورية النمطية التي أنشئت في الأشهر الأخيرة.. دون كيشوت وطواحينه وحكاياته، بينوكيو وبرج بابل وبرج بيزا الخ.

نرى الكثير من الأعمال التي تكرر بعضها. وأصبحت الرسوم الكاريكاتورية “خفيفة” وأكثر سطحية.

لقد أشار الوباء مرة أخرى إلى أزمة حادة في فن الرسوم المتحركة العالمية الحديثة التي تحولت إلى شجارٍ ناجح إلى حد ما مع الصور النمطية والرسائل البدائية للبشرية.

*فلاديمير كازانيفسكي/أوكرانيا/ موقع الكاريكاتور السوري

ترجمة: رائد خليل