اقتصادصحيفة البعث

كورونا.. عدو البيروقراطية!

يقولون في اللغة: المبالغة عدو البلاغة، ورغم ذلك فالمبالغة في الشعر قمة البلاغة، ويرجع ذلك عند بعضهم، إلى أن ما يحق للشاعر لا يحق لغيره.. أما في الإجراءات والقرارات والقوانين، وخاصة الاقتصادية والإدارية، المتعلقة بإنجاز الأعمال والاستثمار وتسيير وتسهيل أمور الناس، فالمبالغة ليست من “البلاغة” التشريعية في شيء أبدا، بل هي تعطيل كبير “بيروقراطية”، وتأخير منبوذ غير مبرر مطلقا للعمل والأعمال، وهدر للوقت والجهد وللمال، وفوق هذا فتح لمنافذ الفساد والإفساد.

مع ذلك، لا يزال القائمون والمقررون، في منظومتنا التشريعية الاقتصادية والإدارية، يقاربون ما هو موجود من أنظمة (إجراءات، وقرارات، قوانين..) تحكم آليات وخطوات واشتراطات إنجاز الأعمال، مقاربة المبالغة في الشعر، على قاعدة يحق للشاعر!

هذا الواقع القائم أكده – على سبيل المثال لا الحصر- القرار “210/ ق. و” الذي ما كان ليتخذ ويصدر، لولا كورونا، وما فرضه على أصحاب القرار من اتخاذ لإجراءات احترازية.

القرار، والذي هو تفصيل “صغير وبسيط نسبيا وظاهريا” من تفاصيل كثيرة تحفل بها مضامين إجراءاتنا وقراراتنا وقوانيننا، والتي يوما بعد يوم، يتكشف لنا ما يكمن فيها من شياطين التعطيل والتأخير، هو اليوم في أنموذجه مثال على ما يتوجب علينا، أثناء، وبعد، المرحلة الكورونية، تغييره وتطويره؛ وليت التغير المنشودلا يكون بحكم الـ “مرغم أخاك لا بطل!!”، بل بحكم الصحيح المطلوب تكريسه وتوطينه في الذهنية والعقلية المعنية بالتشريع الاقتصادي والمالي، قبل توطينه في الإداري العملي.

لقد أتاح القرار، الذي صدر بهدف استمرارية كل جهات القطاع العام، الإداري والاقتصادي، بالتعاقد وتنفيذ خططها بأبسط مستوى ممكن من الإجراءات.. أتاح لهذه الجهات استيفاء رسم الطابع المتوجب على العقود أو الصكوك أو المستندات وغيرها من الوثائق نقدا، على أن تقوم بتوريده خلال 15 يوما من تاريخ انتهاء كل شهر، إلى وزارة المالية – مديرية الخزينة المركزية، أو مديرية المالية المختصة بالمحافظة حسب الحال.

والقرار، وباعتراف متخذيه أنفسهم، إجراء يساعد بشكل كبير في “خمسة بعيون الشيطان”، وهي: تبسيط إجراءات العمل. السرعة بإجراءات التعاقد. السرعة بتامين احتياجات الجهات العامة. السرعة في وصولها بالوقت المناسب. تخفيف العبء على المتعاقدين مع القطاع العام.

هذا ما بعد القرار، في حين ما كان قبله، يوجب على المتعاقدين، لا سيما مع جهات القطاع العام الإداري، مراجعة مديريات المالية بالمحافظات، ليتم استيفاء رسم الطابع، ومهر تلك الوثائق من قبل دائرة الضرائب غير المباشرة في مديريات الماليات المختصة أصولا، وبالتالي لم يعد من ضرورة لمراجعة المتعاقدين مع القطاع العام للدوائر المالية لاستكمال عملية استفاء رسم الطابع المتوجب ومتمماته، إذ أصبحت كل العملية تتم لدى الجهة المتعاقد معها بشكل مباشر وسلس وسريع.

القرار الموضوع، ورغم أنه ليس إلا نقطة تغير إجرائي، له، على قدره، منعكسات إيجابية، فما بالكم لو كان هناك كم ونوع من النقاط المماثلة؟!

من المؤكد أن هناك الكثير من نقاط التغيير، في مختلف التفاصيل الاقتصادية والإدارية، التي تنتظر “شخطة” قلم.

قسيم دحدل

qassim1965@gmail.com