دراساتصحيفة البعث

هل ينفد صبر الأوروبيين ؟

ترجمة وإعداد عائدة أسعد

توقفت الحياة العامة في أوروبا وأغلقت المدارس والمطاعم والمكاتب والمحلات التجارية ، فإلى متى يتحمل الأوربيون قيوداً على حرياتهم في الحركة؟ وماذا ينتظرهم؟ وما هي المبررات التي يمكن سوقها للعودة إلى ما يشبه الحياة الطبيعية؟.

حسب ماركو بوشمان  عضو البوندستاغ  في حزب الديمقراطيين الأحرار ، هناك خوف أن يبدأ الناس خاصة من الطبقات المتوسطة بالتمرد بسبب  قلقهم من فقدان وظائفهم أو قيمة مدخراتهم ، وحتى لو كانت القيود المفروضة على الحريات مبررة في الوقت الحالي لا بد من العمل بسرعة لإيجاد طرق لتخفيف القيود ورفعها بطريقة مسؤولة طبياً.

بينما يؤكد كارستين لينمان، مشرع في الاتحاد المسيحي الديمقراطي في حزب المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أنه سيتم تعزيز الاقتصاد تدريجياً بعد عيد الفصح وأنه من المستحيل البقاء على الوضع الحالي لأكثر من شهرين أو ثلاثة أشهر.

من وجهة النظر الطبية يعتقد عالم الفيروسات ألكسندر كيكولي أنه قد يكون من الممكن تخفيف الإغلاق بعد عطلة عيد الفصح بينما يقول الألماني فرانك أولريش مونتغومري أحد رؤساء الجمعية الطبية العالمية أن أقرب وقت ممكن للقيام بذلك سيكون في أوائل شهر أيار.

والحكومة الألمانية ترفض التكهن وتقول أنها ستبدأ التفكير في تخفيف القيود فقط عندما يتضاعف معدل الإصابة في ألمانيا كل 10 أيام بينما الآن هو كل خمسة أيام تقريباً. وبحسب استطلاع أجرته فورسا يبدو معظم الألمان متفائلين لرفع القيود ووافق 88٪ من المستطلعين على ثلاثة أسابيع أخرى من القيود وأيد نصفهم قيوداً أكثر صرامة.

وفي إيطاليا، الدولة الأوروبية الأكثر تأثراً بـ COVID-19 بالرغم من انخفاض الإصابات الجديدة صرح وزير الصحة روبرتو سبيرانزا: يجب ألا نخلط بين الإشارات الإيجابية الأولى وإشارة كل شيء واضح.

وفي إسبانيا، التي تأتي بعد إيطاليا في الدول الأكثر إصابة في أوروبا  تم تشديد القيود ويُسمح الآن فقط للأشخاص الذين يعملون في القطاعات الأساسية بمغادرة المنزل، وحسب أنطونيو جاراميندي رئيس اتحاد جمعيات الأعمال الإسبانية  يمكن أن تؤدي الإجراءات الجديدة إلى بطالة جماعية وقد لا تكون هناك أزمة اقتصادية فحسب بل أزمة اجتماعية أيضاً.

وحسب مقال في صحيفة Die Presse في فيينا لن تكون هناك عودة وشيكة إلى الحياة الطبيعية في النمسا و على الناس حالياً ارتداء أقنعة واقية للذهاب إلى السوبر ماركت وقد تستمر هذه الحالة حوالي عام ولن تكون البلاد قادرة على العمل في حالة الطوارئ التي تجد نفسها فيها حالياً.

في بداية الأزمة قررت عدد من البلدان إتباع مسار مختلف فقد اختار كل من رئيس الوزراء الهولندي مارك روتي ونظيره البريطاني بوريس جونسون سياسة “حصانة القطيع” بدلاً من وضع جميع السكان في الحظر ، وكانت الفكرة بعزل المجموعات عالية المخاطر بما في ذلك كبار السن والأشخاص الذين يعانون من ضعف الجهاز المناعي ، وبقيت المدارس مفتوحة في البداية وبعد احتجاجات ضخمة واتهامات بأن الحكومات لا تهتم بالضحايا، ثم تم إسقاط الحديث عن حصانة القطيع وإدخال تدابير صارمة.

إن السويد هي الاستثناء الوحيد في أوروبا والحياة فيها طبيعية نسبياً فالمطاعم لا تزال مفتوحة وكذلك العديد من المدارس وعلى الرغم من أن الحكومة فرضت حظراً على زيارة دور المسنين إلا أنها تعتمد على السلوك المعقول للسكان فيما يتعلق بالمسافة الاجتماعية والعزلة الذاتية وأبلغ رئيس الوزراء ستيفان لوفين مواطنيه في خطابه : علينا جميعاً كأفراد أن نتحمل المسؤولية ولا يمكننا التشريع وحظر كل شيء.

في ألمانيا يتردد منتقدو القيود في الدعوة إلى تحديد موعد تعود فيه البلاد إلى طبيعتها ويريدون أن يرتبط ذلك بالتقدم الطبي فيما يتعلق بالفيروس و أن تقدم الحكومة إستراتيجية خروج. وهنا أشار هانز ميشيلباخ الخبير المالي إلى أن المواطنين ورجال الأعمال بحاجة إلى آفاق واضحة وإلى تطوير إجراء لإعادة تشغيل الحياة الاقتصادية بطريقة منظمة، كما نصح الخبير الاقتصادي فولكر ويلاند الحكومة بأن تكون صريحة مع الناس حول المعايير التي تطور الوضع لأن ذلك سيساعد على خلق الثقة والاستقرار الاقتصادي،  ودعا ماركو بوشمان من الحزب الديمقراطي الحر الحكومة إلى نقل اعتباراتها السياسية بطريقة شفافة للحفاظ على الثقة بالدولة وبسياساتها.