محليات

إدارة قضايا الدولة بدأت تمثيل الجهات العامة أمام المحاكم الدولية.. الحكم بـ 91 مليار ليرة لصالح الدولة وتحصيل 300 مليار من القروض المتعثرة

دمشق – ريم ربيع

تختلف النظرة تجاه عمل إدارة قضايا الدولة بين من يرى ضعفاً في فعالية التنفيذ وإهمالاً في حضور الدعاوى يقود إلى سقوط الحقوق بالتقادم بعد عشرات السنوات، وبين من يرى في عمل الإدارة جهوداً واضحة في ظل ظروف سيئة، حيث تمثل الإدارة الدولة بسلطاتها وجهاتها الإدارية قاطبة، فهي بإمكانات متواضعة تمثل وكيلاً لآلاف الجهات العامة، وما يقارب 35 إلى 40% من إجمالي عدد الدعاوى المنظورة أمام القضاء تمثل إدارة قضايا الدولة طرفاً فيها، وتترافع سنوياً بأكثر من 135 ألف دعوى بمختلف أنواعها.

ويُظهر الإحصاء أن نسبة الدعاوى التي تربحها الإدارة سنوياً تزيد عن 80%، وبالتالي فإن وضع الآليات المناسبة لتحصيلها يرفد الموازنة العامة للدولة بأكثر من 11.5% من إيراداتها، في حين ترى رئيس الإدارة المستشار هدى الصواف أن عمل الإدارة تطور بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة بعد اتخاذ خطوات عديدة أفرزت نتائج جيدة، إلا أن الفاعلية العملية لتلك النتائج و المتمثلة بتنفيذ الأحكام الصادرة لصالح الدولة وتحصيل الأموال مازالت ضعيفة إلى حد كبير وفقاً لتقييم الإدارة ذاتها، كما يلاحظ تعطل السير بإجراءات آلاف الدعاوى لأسباب مختلفة، وسقوط الكثير من حقوق الدولة بالتقادم، إضافة لمشكلات البطء والنمطية والتعقيد الإداري التي يوصف بها عمل الإدارة.

قصور القانون

وحسب الصواف ترجع الأسباب الأساسية لتلك المشكلات إلى ضعف وعدم ملاءمة القانون رقم /55/ لعام 1977 الناظم  لهيكلة وعمل إدارة قضايا الدولة من الناحيتين الإدارية والفنية، وقصوره عن توفير الوسائل القانونية والإدارية اللازمة لتأدية الإدارة لمهامها، فوفقاً للقانون ترجع سلطة اتخاذ كافة القرارات المتعلقة بسير الدعوى للجهة العامة صاحبة الدعوى وليس للإدارة، وبالتالي يجب مراسلة الجهة العامة بكل تفاصيل الدعوى عن طريق البريد الرسمي العادي مما يؤدي إلى إبطاء سير الدعاوى، كما أن الإدارة لا تملك شخصية اعتبارية، وليس لها صفة قضائية، ولا يتوفر حماية قانونية أو حصانة لمحامي الدولة.!

معوقات

ورغم وجود عشرات آلاف الدعاوى سنوياً، فإن عدد المحامين الممثلين للدولة لا يتجاوز 480 محامي دولة! ما يضطر الإدارة لتكليف المحامي بالعمل في مئات الدعاوى ومع عدة محاكم، كما أن عدد العاملين الإداريين ينقص بنحو 43% عن الملاك العددي، إضافة لما تعانيه الكوادر الفنية والإدارية من نقص في التدريب والتأهيل، وانعكاس ذلك بصورة سلبية على أدائها في المحاكم، وأشارت الصواف إلى معوقات تتعلق بالبنية التحتية (المقرات والسيارات ومستلزمات العمل)، حيث لا تملك إدارة قضايا الدولة سوى 3 أبنية من مجموع الأبنية التي تشغلها حالياً في كافة المحافظات، بينما تستأجر 13 بناءً، منها 5 مقرات غير صالحة كلياً للعمل نتيجة ضيقها، كما أن عدد أن عدد السيارات قليل جداً لا يفي بالحاجات وضرورات التنقل. والجزء المتبقي من المعوقات – بحسب رؤية وواقع عمل الإدارة – منشؤه خارجي يرتبط ببيئة العمل، وعدم تعاون الكثير من الجهات العامة مع الإدارة، والتأخير الدائم في الرد على كتبها وطلباتها، حيث تتأخر إجراءات بعض الدعاوى بسبب قلة الخبرة بالعمل القضائي لدى مديريات الشؤون القانونية في العديد من  الجهات العامة، كما أن بعض الدعاوى للجهات ذات الطابع الاقتصادي له رسوم بمئات الملايين، وعند مراسلة الطرف الآخر في الدعوى يقوم بتأجيلها بحجة عدم توفر ميزانية، وبذلك تؤخر لعام أو أكثر.

أحكام..

وحسب بيانات الإدارة فإن المبالغ المحكوم بها للدولة في 2018 أكثر من 351 مليار ليرة، فيما حُكم في 2019 حوالي بـ 91 مليار ليرة فضلاً عن المبالغ بالعملات الأجنبية، حيث حكم بحوالي 20 مليون دولار و936 ألف يورو، وصدرت أحكام تتعلق بملكية 18 عقارا للدولة تقدر بـ 270 مليون ليرة، وقد نفذ فعلياً من الأحكام 191 مليون ليرة و 29 ألف دولار في دمشق، وفي طرطوس 602 مليون ليرة، وبالطرق الإدارية نفذ مبلغ 9.3 مليار ليرة و2.780 مليون دولار، وفي دعاوى مديرية حراج اللاذقية نفذ مبلغ 19.5 مليون ليرة. وفيما تشكل الجمارك المورد الأساسي للدولة، فإن أكثر من نصف الدعاوى للجمارك إلا أن المشكلة هنا تتمثل في التنفيذ – وفقاً للصواف – وتحاول الإدارة الوصول لمذكرة تفاهم ليكون التنفيذ مشتركا.

دعاوى خارجية

وكشفت الصواف عن بدء الإدارة بالمشاركة الفاعلة في تمثيل الدولة في الدعاوى الخارجية أمام المحاكم الدولية، وهي دعاوى ذات أهمية اقتصادية وسياسية بالغة، عدا عن البدء بتمثيلها للعديد من الجهات العامة السورية أمام محاكم دول عربية عدة مثل لبنان والأردن والعراق ومصر، كان آخرها رد مبلغ 154 ألف دولار لصالح الدولة بعد دعوى إيقاف بث من قبل النايل سات، كما يبذل محامو الدولة جهوداً فعالة – برأي الصواف – في أعمال لجان القروض المتعثرة المكلفين بها من قبل مجلس الوزراء، والتي أثمرت عن تحصيل ما يقارب 300 مليار ليرة سورية حتى الآن، فيما كشف المحامون في هذه اللجان عن ضبط تزوير وتلاعب وحالات احتيال، وعمليات تزوير في بعض السندات خلال مراجعتها.

تطوير

وأكدت الصواف أن دعم وزير العدل واستجابته لطلبات الإدارة جعلها تتقدم خطوات هامة في السنوات الأخيرة لتحسين واقع العمل على مختلف الجوانب والأصعدة، منها رفد الإدارة بـ 390 عامل إداري من مختلف الفئات الوظيفية لسد النقص في وظائفها، كما أن إجراءات تعيين 200 محامي دولة من الناجحين في المسابقة التي تم إجراؤها عام 2019 في طور الانتهاء، كما تم بالتعاون مع إدارة المعهد العالي للقضاء وضع خطة تدريبية مكثفة للكوادر الجديدة للنهوض بأعباء العمل، كما بدأ السير بتنفيذ مشروعات بناء مقرات لفروع الإدارة في كل من حمص وحماه والسويداء، وخُصص مؤخراً مبلغ 103 مليون ليرة سورية لترميم فرع الإدارة بحلب.

وأُقرت رؤية وخطة الإدارة لعام 2020 من قبل لجنة التنمية البشرية لدى مجلس الوزراء متضمنةً رفع مستوى أداء الكوادر البشرية، وإدخال الأتمتة بصورة صحيحة وتطبيق آليات أكثر سرعة وتنظيماً للتواصل مع الجهات العامة، إضافة لتفعيل آليات التنفيذ وتحصيل أموال الدولة من خلال التنسيق مع وزارة المالية ومنظومة الحجز الاحتياطي.