تحقيقات

الكلور يتصدر قائمة المعقمات .. واستخدامات خاطئة تهدد الصحة

كثرت الأعراض المرضية التي تسبب بها الاستخدام المفرط للمعقمات نظراً لاقتناع البعض بجدوى ذلك في حماية أنفسهم وعائلاتهم من وباء كورونا ، و للأسف انتهت الكثير من هذه الحالات إلى نهايات مأساوية أدت إلى التسمم والوفاة نتيجة الإفراط والاستخدام الخاطئ من خلال خلط أنواع مختلفة من المعقمات مع بعضها بغية الحصول على درجة تعقيم عالية ، هذا عدا عن الأعراض الجلدية التي تظهر على الأيدي من تشققات وغيرها .
وطبعاً من المواد الشائع استخدامها وبكثرة الكلور وهو من العناصر الكيميائية التي تم اكتشافها عام 1774 ، و نظراً لأنه جزء من ملح الطعام ومركبات أخرى ، فإنه متوفر طبيعياً وهام لمعظم أشكال الحياة بما فيها الجسم البشري، ويعد غاز الكلور من أول الغازات السامة التي استعملت كأسلحة في الحروب خلال الحرب العالمية الأولى، وهو أصفر مخضر، وله رائحة كريهة، كما أنه سام للغاية، استعمل الكلور في معالجة مياه الشرب، فكان من أهم الإنجازات العلمية التي تحققت في القرن العشرين، حيث أصبح هذا التطبيق ساري المفعول في الدول الصناعية ليصبح بعد ذلك عالمياً، وقد ساعدت كلورة الماء في التخلص من الأمراض المتفشية في تلك الفترة مثل الكوليرا والتفوئيد، وغيرها من الأمراض، بالرغم من ذلك تبين الجانب الأسود للعملية، حسب مخاوف بعض العلماء، أنه عند إضافة الكلور إلى الماء يتحد مع بعض الملوثات العضوية لينتج عن ذلك ما يعرف بمواد الكلوروفورم، وهي مادة مسرطنة، لهذا ربط العلماء بين الاستحمام بالماء المكلور وأخطار سرطان المثانة والمستقيم، لأنه يمكن استنشاق الكلور عن طريق الجلد وفق تقرير مجلس الجودة البيئية في أمريكا.

الكلور في مياه الشرب
وتستخدم مادة الكلور في عملية تعقيم مياه الشرب ، وخاصة مياه السدود، فما هي انعكاسات ذلك على صحة المياه، وبالتالي صحة البشر؟.. يقول المهندس الكيميائي سمير الراشد: إن الكلور هو غاز، ويرمز له cl، يوجد تضارب في الآراء حول استخدامه، وهو مادة سامة، إلا أنه الأكثر استخداماً وانتشاراً، وذلك لرخص ثمنه وفعاليته العالية، فمشتقات الكلور بعد ملامستها للماء تعمل على إبادة 99.9% من الملوثات الموجودة فيه ، وبيّن الراشد أن سمية الكلور تتعلق بكيفية التعامل مع المادة ومقدار الجرعة المضافة، حيث يضاف الكلور للماء بهدف التعقيم، وإبادة الجراثيم والملوثات التي تحتويها، مشيراً إلى أن كلورة المياه بدأت منذ نشوء السدود، حيث يتم التعامل مع هذه العملية حسب حالة المياه، فالنسب مثلاً مرهونة بحسب مصدر ونوع الماء، لأن مياه السدود تختلف عن مياه الآبار، فالأولى تحتاج إلى معالجة كيميائية، حيث نقوم بعمليات الترسيب والترشيح والتعقيم، ثم يحضر المحلول، سواء كان غازاً أو سائلاً، ويحقن بنسب تلائم وضع الماء، وكذلك بالنسبة للفترات بين التعقيم، فحال المياه يحدد لنا متى يتوجب علينا تعقيم المياه، منوّها إلى أن السائل، “أي الهيبو كلوريد الصوديوم”، يستخدم للسدود، أما الغاز فيستخدم للمحطات الكبيرة فقط.
البدائل غير متاحة
ويبقى السؤال المهم حول توفر البدائل لهذه المادة، يقول الراشد إن البدائل موجودة، ولكنها تحتاج شروطاً معينة لتحضيرها، فمادة الآزون إحدى المواد البديلة، لكن الغاز منها لا يمكن نقله، فيتحتم تحضيره بالمكان نفسه المتواجد فيه، وله معدات خاصة به، بالإضافة إلى التكلفة العالية لتحضيره، حيث يحتاج إلى محطات ضخمة للضخ، غير أن الحد المسموح باستخدامه في الماء هو 0.1 ملغ/ لتر، بينما الحد المسموح لاستخدام مادة الكلور بنهاية الشبكة هو 0.5 ملغ/لتر، أما البدائل الأخرى مثل الأشعة فوق البنفسجية فقد تم تجريب هذه المادة لأحد الآبار، وما لاحظناه أن التعقيم يكون آنياً، أي أننا بحاجة إلى جرعات داعمة لضمان وصول التعقيم إلى المنازل.
الكلور في المنازل
ولإلقاء الضوء على كيفية التعامل مع هذه المادة في المنازل، وسبل الوقاية من أضرارها، التقينا الدكتورة جيداء عبد الهادي، اختصاص الجهاز الهضمي، لتؤكد أن الكلورالمستخدم في المنازل هو الهيبو كلوريد الصوديوم، وهو مادة كيميائية سامة تستعمل في تعقيم المياه، وأغراض التنظيف، وتعتبر من أكثر المواد التي تسبب حالات التسمم، واستخدامه يؤدي إلى العديد من الأضرار الصحية التي تصيب الجهاز البولي والكلى على المدى البعيد، بالإضافة إلى الغسيل والاستحمام بالمياه المكلورة، حيث يتم امتصاص الكلور عن طريق الجلد أيضاً، كما أن استنشاق رائحة الكلور يؤدي إلى حساسية بالرئة والعيون، وإلى تخريش الأغشية المخاطية للأنف والعين، أما ما يخص الجهاز الهضمي فإن أكثر الحالات التي تواجهنا هي حروق الفم والمري نتيجة تناول مادة الكلور بالخطأ، وهذا ما يحدث عند غالبية الأطفال، لذا أنصح دائماً بإبعاد الكلور وأية مواد كيميائية أخرى عن متناول الأطفال، وعدم إضافة الكلور لتنظيف أطباق وأدوات الطعام، وذلك لأن آثار الكلور تبقى عالقة على الأدوات حتى بعد غسلها بالماء، ويمكن استخدام الخل أو الملح المركز لهذه العملية من أجل ربات المنازل اللواتي يحبذن تعقيم أدوات الطعام، ومن سبل الوقاية التي نستطيع ممارستها ألا نقوم بشرب الماء من المصدر الأساسي للمياه، بل علينا تركها لمدة ساعة على الأقل، وبعدها نستخدمها للشرب.
لتفادي الأخطار
أما تأثيرات المادة على الجلد فتختصرها الدكتورة هناء سلوم، اختصاصية بالأمراض الجلدية، وتقول إن الكلور يسبب أضراراً واضحة على الجلد، وأكثر هذه الأضرار الحروق الجلدية التي يسببها الكلور المركز، بالإضافة إلى أكزيما التماس، والتهاب حواف الأظافر التي تصيب الجلد حتى مع الكلور الممدد، لذا علينا تمديد الكلور بشكل جيد بالماء، وارتداء القفازات المطاطية لمنع التماس المباشر مع الجلد، وعدم خلط الكلور مع مواد أخرى في عمليات التنظيف المنزلية لتفادي الأخطار الناجمة عن ذلك.
التحقيقات