دراساتصحيفة البعث

هل ينجو الاتحاد الأوروبي من آثار الوباء؟

ترجمة وإعداد: عائدة أسعد 

 

أوقف وزراء مالية منطقة اليورو المحادثات بشأن اتخاذ تدابير لمعالجة آثار جائحة فيروس كورونا على الاقتصادات الوطنية، وحسب مقال كتبه بيرند ريجرت في صحيفة DW الألمانية: “هذه ليست دراما عادية وهناك الكثير على المحك. وحقيقة أن وزراء مالية منطقة اليورو الـ 19 أجبروا على قطع المفاوضات بعد 16 ساعة من المحادثات أمر مقلق إلى حد ما، ما يعني أن القضايا الملحة المتعلقة بكيفية التعامل مع تأثير جائحة الفيروس التاجي، وكيفية تقاسم عبء إعادة بناء الاقتصادات بعد ذلك لا تزال معضلة دون حل “.

هناك تسع دول في منطقة اليورو ترغب في تحمل الديون لحل المشكلات في حين تعارض ذلك النهج أربع دول أخرى وبينها ألمانيا، ولكن ذلك ليس معركة تتصارع فيها الأطراف من حيث المبدأ إنما يتعلق الأمر بالبقاء الاقتصادي النهائي على عكس الوضع الذي تسببت به ديون اليونان في السنوات السابقة.

في الوقت الحالي، ليس بإمكان أحد التنبؤ ببقاء دول غنية لمساعدة الدول الأكثر فقراً عندما تنتهي جائحة الفيروس التاجي ، ويبدو أن الركود الكبير على مدار السنوات التسعين الماضية سيحطم كلا من فرنسا وإيطاليا وإسبانيا واليونان وستتعرض ألمانيا والولايات المتحدة والمملكة المتحدة أيضا لضربات مدمرة وسيعوق الوباء في نهاية المطاف الاقتصاد العالمي بأكمله.

إن وزير المالية الألماني أولاف شولز الذي قال مؤخراً إنه سيوافق على تقديم قروض بقيمة 50 مليار يورو أي ما يعادل (54 مليار دولار) للشركات المحلية  متردد لتقديم وعود مماثلة لشركاء منطقة اليورو، وذلك تماما ما سيكون مقدمة لسندات اليورو أو السندات المشتركة أو الدين المشترك.

أما رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي فيصرّ على جمع الديون وهو يعلم جيداً أنه لا يستطيع الاعتماد على الأسواق المالية لتوليد 400 مليار يورو التي وعد بها بلاده مؤخراً، خاصةً أن هناك شائعات تقول أن المسؤولين الإيطاليين هددوا بمغادرة منطقة اليورو – وربما الاتحاد الأوروبي – إذا لم تحصل البلاد على الإئتمان الذي تطالب به الحكومة.

وبالتالي، يبدو أن كل شيء على المحك هذه المرة: البقاء الاقتصادي للدول الأعضاء الفردية، وكذلك مستقبل الاتحاد الأوروبي نفسه. ولا عجب أن تصف المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل الوباء بأنه أكبر اختبار يواجهه الاتحاد الأوروبي منذ ظهوره.

من المقرر أن يستأنف وزراء المالية المحادثات، ومن المقرر أن يعالج رؤساء الدول والحكومات – الذين قطعوا مفاوضاتهم الخاصة مؤخراً – هذا التحدي الكبير، وفي هذه المرحلة سيتعين عليهم اتخاذ قرار لأنهم يستمرون يومياً في محاكاة تكاليف دول منطقة اليورو لمليارات الدولارات ، ومع ذلك لم تتمكن دول الاتحاد الأوروبي حتى الآن من التوصل إلى توافق في الآراء بشأن التقدم إلى الأمام واتخاذ إجراءات جريئة.

لقد تم تعيين رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لين لتقديم خارطة طريق لتطبيع الحياة في الاتحاد الأوروبي، وقد أجبرت على إعادة النظر بهذه الخارطة بعد تلقي عدد من المكالمات من رؤساء دول وحكومات غاضبين. والآن بدلاً من إيجاد مسار جماعي إلى الأمام تعمل كل دولة عضو في الاتحاد الأوروبي بمفردها لحماية مواطنيها.

وبالتالي إذا بقيت الأمور على هذا الشكل سيكون هناك أشهر لعودة الحياة والعمل إلى طبيعتهما في الاتحاد الأوروبي، ولكن هل هناك المزيد من الوقت؟ وهل سينجو الاتحاد الأوروبي من آثار الوباء الخطير؟