تحقيقات

البطء في التعلم.. معاناة في الاستيعاب والاستذكار.. وتعاون الأهل والمدرسة أولى خطوات العلاج

يعتبر التحصيل العلمي أكثر الهواجس التي تسيطر على تفكير الأهالي في إطار تربية أبنائهم، ومن هنا تبدأ المعاناة مع الأطفال الأقل تحصيلاً، حيث يتكون صراع حقيقي بينهما، هذا الصراع يأتي مع عدم معرفة الأهل بجملة من الحقائق المرتبطة بذهن الطفل، حيث يعلل تراجع مستوى الطفل لأسباب غير منطقية، فعلى سبيل المثال هو لا يحب المدرسة، اللعب يلهيه عن واجباته وغيرها من الحجج، هنا لابد من العودة إلى المنطق الذي يقول: إن هناك فئة من الأطفال يعانون من مشكلات مرتبطة بملكاتهم العقلية، فالتلميذ الذي يعاني من التعلم هو في الحقيقة بطيء في الفهم والاستيعاب والاستذكار وتتراوح نسبة ذكائه مابين 70/80 درجة إذا توافرت الظروف الملائمة له، سواء في المدرسة أو المنزل، وذلك من خلال التدريب على الاستذكار واستعمال الأشياء المحسوسة في التعلم وتنمية الثقة في النفس، ووضع المثيرات لتحفيزه على التعلم والاعتماد على طريقة التكرار، وكذلك التعاون بين المدرسة والمنزل لاستمرار العملية التعليمية، بهذا يمكن للتلميذ مواصلة اندماجه مع المناهج الأكاديمية المدرسية، إن مفهوم الضعف العقلي من المفاهيم التي يخلط بينها وبين مفهوم صعوبة التعلم ويعرف الضعف العقلي بأنه حالة نقص أو تأخر أو توقف أو عدم اكتمال النمو العقلي والمعرفي التي يولد بها الفرد أو تحدث له في سن مبكرة نتيجة لعوامل وراثية أو مرضية أو بيئية تؤثر على الجهاز العصبي للفرد، ما يؤدي إلى نقص الذكاء وتتضح آثارها في ضعف مستوى أداء الفرد في المجالات التي ترتبط بالنضج والتعليم والتوافق النفسي.

دور المدرسة
يمكننا أن ننهض بمن يعانون بطئ في التعلم من خلال اكتشاف نواحي الضعف والقوة لديهم وإعداد برامج إثراء أو تقوية أو علاج لها، وخلق جو من التعاون بين التلميذ والمعلمة لتشجيع التلميذ على اكتشاف العلاقات المختلفة بين المواد الجديدة وبين المعلومات القديمة، وذلك من أجل تسهيل عملية الانتقال بحيث تكون قدرة التلميذ على التحصيل أفضل لتقييم الصفات المميزة للمادة الجديدة، والتأكد من فهم التلميذ لها وأن يربطها بمعلومات سابقة، الأستاذ المختص بحالة بطئ التعلم جمال عبد الغني يؤكد ضرورة الاهتمام بأن تكون المادة المتعلمة ذات معنى ومفهومة من قبل التلميذ لمساعدته على التعلم والتعرف على استراتيجيات التعلم لديه وتدريبه على استخدامها واستخدام استراتيجيات تناسبه، بالإضافة لاستخدام الأساليب التعليمية المختلفة كالسمعية والبصرية والمحسوسة المناسبة للدرس لإيصال المعلومة بطريقة أفضل وأسرع مع ضرورة جلوس التلميذ في الصف الأمامي المواجه للسبورة بعيداً عن كل ما يشتت الانتباه ومراعاة الفروق الفردية لكل التلاميذ، ويضيف عبد الغني لابد من تكليف التلميذ بعمل أنشطة خاصة به ومناسبة لقدراته ومتابعته بالتعاون مع معلمة التربية الخاصة في وضع الخطة التربوية الفردية للتلاميذ ذوي صعوبات التعلم ومتابعتها، والخطة التربوية هي خطة توضع لكل تلميذ لديه صعوبة تعليمية ما لتحديد الأهداف التي سيتم تحقيقها من أجل تعزيز نجاح وتحسن أداء التلميذ بالتزامن مع تعاون معلمة التربية الخاصة عند تواجد الأخيرة داخل غرفة الصف لمساعدة التلاميذ الذين قد لا يحتاجون لتعليم فردي أو في مجموعات صغيرة في غرفة خاصة لاشتراك التلميذ في الأنشطة المختلفة في المدرسة وتكليفهم بالقيام ببعض الأعمال البسيطة لبث الثقة في نفسهم وتعويدهم الاعتماد على النفس .

بيئة التعلم
يؤثر البيت في حياة هؤلاء الأطفال عبر الجهود والخطوات التي يمكن للأهل والأم خاصة أن تقوم بها لمساعدة طفلها بطئ التعلم ويرى عبد الغني على الأم أن تجهز لطفلها غرفة مخصصة له وحده في المنزل ليستذكر فيها بعيداً عن المشتتات في الخارج مثل الضوضاء في الشارع، كما عليها القيام بمساعدة طفلها في التعامل مع فروضه وواجباته المدرسية بطريقة فعالة واستراتيجية محددة كتشجيعه أن يبدأ ويكمل بالواجب المدرسي الأكثر صعوبة لينتقل بعد ذلك للفروض الأكثر سهولة، بالإضافة إلى إعطائه فترات راحة بين الفروض المدرسية المختلفة والمواد الواجب عليه استذكارها، وإدخال بعض العناصر الأخرى في جلسات استذكار الطفل حتى لا يشعر بالملل ويحسن من مقدرته على حفظ المعلومات، ومحاولة تحفيز الطفل ليحسن أداءه من الناحية الأكاديمية في المدرسة، أما بالنسبة لواجبات المعلم اتجاه الطفل بطئ التعلم، يتابع عبد الغني أنه يجب على المعلم أن يجعل بيئة الفصل مناسبة للتلميذ بطئ التعلم كمكان يسمح بمراقبة الطفل وإعطاء الطفل استراحة بين الحين والآخر ليتمكن من التركيز لمدة أطول مع تكرار المفاهيم أكثر من مرة و التركيز على تعليم الطفل النقاط الأساسية في كل درس مع طرح الأسئلة على الطفل في وسط الدرس وتشجيعه على طرح الأسئلة مع إعطائه بكل صبر إجابات عن كل شكوكه، ويجب إعطاء الطفل فروضاً لا تستغرق الكثير من الوقت لإنجازها مع تعليمه أن يقوم بكتابة تفاصيل الفرض والواجب المدرسي حتى لا ينسى شيئاً مع تجنب مقارنة نتائج اختبارات التلميذ بطئ التعلم بنتائج باقي التلاميذ.

الطرق السليمة
تختلف مشكلات الأطفال التعليمية فهناك من يكون لديه اضطرابات في النطق أحياناً والقراءة والكتابة، وهو في الواقع يأخذ وقتاً أكثر من أقرانه من أجل أن يقوم بالتحصيل الدراسي، ولكن بحسب الأخصائية صبرية عمران لابد من اتخاذ الطرق السليمة لننجح في أن يكون هذا الطفل كأقرانه، فكما نعرف اينشتاين والكثير من العباقرة لم يكونوا الأكثر تميزاً في الفصول الدراسية بل على العكس تم طردهم فكانت إرادتهم وإرادة أبويهم هي من جعلتهم عباقرة، لذلك يجب علينا اتباع استراتيجيات مناسبة حتى نصل بطفلنا إلى بر الأمان ربما أغلبنا قد شاهد فيلم أيشان وكيف تأثر بوصف أبويه بأنه فاشل، والواقع أننا يجب أن نكون مثل هذا المدرس الذي احتضنه وأخرج إلى العالم أجمل مافيه، علينا أولاً أن نتقبل أولادنا ثم نكسبهم المهارات اللازمة، ونقف خلفهم ونشجعهم فلا يجب أبداً أن نقول له أنت فاشل أنت غبي لأن مثل هذه الكلمات ستحطمه، فرفع معنويات الطفل والاهتمام بهواياته سوف يعمل على رفع مستواه الدراسي، خاصة مع العمل المتواصل على ذلك،لأنه سوف يكتسب التوازن النفسي اللازم فالقلق والخوف والانطواء من مسببات النسيان، وهذه أهم الطرق للتعامل مع الطفل بطئ التعلم أي مساعدته على الاستذكار وتقسيم وقت الطفل بين المذاكرة واللعب، بالإضافة لاستخدام الوسائل التعليمية المناسبة، وهو أمر مهم للغاية، وكذلك الجداول والمجسمات تساعده كثيراً في عمليات الفهم والتذكر واختيار المدرس المناسب للطفل بطئ التعلم فمن الصعب عليه التعلم في فصل كثافة الطلاب به كبيرة، لذلك يجب الاهتمام بأن يكون للطفل مدرس يتفهم حالته ويشجعه ويكون إيجابياً ويتمكن من التغيير المنشود.
ميادة حسن