ثقافةصحيفة البعث

سليم شامية: توعية المشاهدين بلوحات بسيطة

لا يخفي المخرج التلفزيوني سليم شامية المنشغل اليوم بتصوير مجموعة من الفواصل الدرامية التوعوية صعوبةَ العمل في ظل الإجراءات الاحترازية للتصدي لوباء كورونا، مبينا أن هذه الصعوبات يجب ألا تقف في وجه إنجاز هذه الفواصل التي تهدف إلى توعية المشاهدين لضرورة الالتزام في بيوتهم والتقيد بتعليمات وزارة الصحة والفريق الحكومي المعني بالتصدي لفيروس كورونا تجنبا للإصابة، مشيرا إلى أن المحطات السورية بدأت بعرض هذه الفواصل وبعضها مازال يصوَّر وستُعرض قريبا، وهي لوحات درامية بسيطة وخفيفة ترشد المشاهد إلى السلوكيات الصحيحة التي تقي الإصابة من هذا الوباء من خلال مشاركة عدة فنانين سوريين نذكر منهم: أندريه سكاف، جمال العلي، محمد قنوع، فوزي بشارة، أمية ملص، آلاء عفاش، مؤكدا شامية أنه قدم في هذه الفواصل رؤية إخراجية بسيطة وسلسة لتصل بشكل مباشر إلى قلوب المشاهدين، وقد بدأ التلفزيون بعرضها، مبينا في الوقت ذاته أنه أخرج إلى جانب هذه الفواصل ولنفس الهدف أغنيتين ناقدتين وبأسلوب ساخر عن أهمية الجلوس في المنزل والتوضيح أن هذا الوقت ليس للتنزه والتسوق إلا لما هو ضروري، وعن الغلاء المستشري وجشع التجار والدعوة لخفض الأسعار في ظل هذه الأزمة، وذلك من خلال أداء الفنان أحمد قطريب، منوها كذلك شامية إلى أنه يقوم أيضا بإخراج نحو 30 لوحة فنية “إنشاد ديني” لشهر رمضان سيتم عرضها قبل وبعد الإفطار مباشرة.

الفن وجهات نظر

واكب شامية وهو الذي تنقل منذ الثمانينيات بعمله ما بين المونتاج ومخرج منفذ ومخرج مسيرة الدراما السورية بمحطات متعددة، ومن هنا يؤكد على أن كل محطة من هذه المحطات التي مرت بها الدراما كان لها نهجها في عرض أفكارها ومبادئها، وفي فترة الحرب على سورية عبَّرت عن هذه الحرب بشكل درامي وبأساليب ورؤى مختلفة ليبقى القاسم المشترك بين هذه الأعمال الرغبة في إيصال رسالة هادفة تقوم على توعية الشعب بحيثيات الحرب.

مئة عمل

مع بداية الثمانينيات، بدأ سليم شامية العمل في المونتاج ومازال حتى الآن يعمل فيه إلى جانب عمله كمخرج وكمخرج منفذ، مشيرا إلى أنه شارك كمونتير في أكثر من مئة عمل تلفزيوني مثل: أبو كامل، حي المزار، صلاح الدين، صقر قريش، الزير سالم، وغيرها، مبينا أن عمله لفترة طويلة في المونتاج كان مقدمة صحيحة للعمل فيما بعد كمخرج منفذ ومخرج، فعمله في المونتاج في البداية وتواجده الدائم أثناء التصوير للتسجيل، حيث لا يتم الجلوس في غرفة المونتاج آنذاك إلا بعد الانتهاء من التصوير وبالتالي فإن احتكاكه المستمر مع المخرجين والفنيين والممثلين طيلة فترة التصوير جعله يتعرف على كل تفاصيل العمل الفني، وهذا ما جعل المخرجين يسندون إليه مهمة مخرج منفذ أو تعاون فني إلى جانب استمراره في المونتاج، وهذا ساعده فيما بعد على الدخول في مجال الإخراج بيسر وسهولة لأن عمله في المونتاج ومن ثم كمخرج منفذ ساعده دوما على رسم صورة مكتملة وواضحة لأي مشهد، حيث يكون جاهزا في مخيلته كشريط مصور بحيث لا يبقى أثناء الإخراج على الأرض إلا التنفيذ، منوها بأنه لم ينحَز إلى فن دون آخر في مسيرته المهنية، فكل نوع من الأنواع التي اكتسب مهارتها له خصوصيته، مؤكدا على إخلاصه للمونتاج عندما يعمل فيه، وللإخراج عندما يكون مخرجا منفذا أو مخرجا، معبرا عن اعتزازه بالأعمال الوثائقية التي أنجزها عن أبواب وأسوار ومآذن وحمّامات وأسواق دمشق.

ربط وتوليف

يفرق الفنان شامية بين المونتاج والمونتير، مشيرا إلى أن المونتير هو القائم على عمليات المونتاج، وهو يروي حكاية مرئية من خلال الوصل والإيقاع والزمن كما يفعل المخرج، إلا أن الفرق بين المخرج والمونتير أن المخرج يختار مواده من الخيال بينما يختار المونتير مواده من الواقع الملموس، أما المونتاج كما يشير شامية فهو عملية ربط وتوليف وتركيب اللوحات كما يتطلب المشهد، وذلك حسب التواصل وزمن وتتابع كل لقطة، منوها إلى أن المطبات التي يقع بها المونتير غالبا ما تكون نتيجة الأخطاء التي تحدث في التصوير أو عندما يكون المونتير غير ملمّ بالعمليات الإبداعية ويكون مجرد تقني، مؤكدا أن المونتير إضافة إلى مهاراته في العمل على الأجهزة يجب أن يتمتع بحس إبداعي في العمل، ويجب أن يكون ملما وعارفا بالكادر التلفزيوني، ومدركا بكل دقة ما يتطلبه المشهد، خاصة على صعيد الزمن، وإذا لم يتمتع بذلك فسيقع بمطبات كثيرة ستبدو واضحة للمشاهد.

النص هو الأساس

الإخراج بمفهوم شامية هو صياغة السيناريو والحوار وتحويلهما لصوت وصورة، ومهمة المخرج تكمن في استغلال وتوظيف كل ما يمكن أن يساعده على ترجمة هذا السيناريو، ويبدأ الإخراج من وجهة نظره من اختيار النص ومن ثم الممثلين فالعناصر الفنية، وتكامل هذه الأطراف يؤدي برأيه إلى إخراج جيد، وأي خلل فيها يحدث ضعفا، وهو يرى أن أكبر عقبة يواجهها المخرج تكمن في صعوبة إيجاد النص الجيد، فإذا لم يتوفر نص جيد ذو أهمية وقيمة لا يستطيع المخرج أن يصنع منه مسلسلا جيدا، فالنص هو الأساس، مع توفر إمكانيات إنتاجية تواكب النص ومتطلباته إلى جانب اختيار الممثل المناسب للشخصية المناسبة واختيار العناصر الفنية الجيدة لأن أي خلل في أحد هذه العناصر سيسبب للمخرج عقباتٍ كثيرة.

فوق قواعد الحرفة

يشير المخرج سليم شامية، وهو المحاضر بمركز التدريب الإذاعي والتلفزيوني العربي وببعض المعاهد الخاصة بالإخراج والمونتاج والمدرب لعمليات المونتاج في أكثر من جهة رسمية، أنه سبق وأن أصدر كتابا تحت عنوان “الإبداع فوق قواعد الحرفة” وهو عبارة عن ثلاثة أجزاء بيَّن فيه أن الإبداع يكمن في فهم قواعد الإخراج التلفزيوني واستيعابها ومن ثم كسرها، مسلطا الضوء فيه على تاريخ السينما في العالم وتاريخ السينما السورية وتعريف كل المهن في العمل الفني (الإضاءة، التصوير، الصوت، السيناريو، المكياج) والحديث عن أنواع اللقطات وأهميتها والتعريف بالفيلم الروائي والتسجيلي والوثائقي، منوها كذلك إلى كتاب آخر كان قد أصدره عن عملية الإعداد والمونتاج وأنواعه.

ويختتم شامية كلامه بالإشارة إلى أنه يستعد لإنجاز أعمال متعددة كمخرج وكتعاون فني في سورية والجزائر إلى جانب استمراره بإنجاز فواصل درامية موجهة: “حقي أن أتعلم، الزواج المبكر، النظافة…” لصالح مديرية الإعلام التنموي في وزارة الإعلام، وقد أنجز منها نحو 15 فاصلا حتى الآن.

أمينة عباس