محليات

بين قوسين              فرصة اصطياد!!

يعرف الجميع أن أدوات من يدّعون حراسة الأسواق، من “القمع، الملاحقة، تقفي الأثر، الضبط متلبساً، التغريم، الإغلاق”، ليست إلا نافذة للتسويق الإعلامي، لأن الواقع يتكلم عكس ذلك في ضوء الممارسات التي تشهد عليها عمليات التواطؤ والرشاوى وطقوس الابتزاز التي تجمع الفعاليات المستهدفة وحماة المستهلك ومراقبي العمليات التجارية بالجملة والمفرق،.. وهنا لا نتهم جزافاً بل نسوق وقائع وأحداثاً لا يستطيع أن يكذبها أحد، وخاصة القائمين على الأجهزة الرقابية والحمائية، حيث الصفقات المشبوهة تزكم أنوف العاملين في القطاع وشركائهم في الفساد، فكيف الحال بمواطن يتجرع مرارة الفساد ويتناوله سلعاً مخالفة ومواد فاسدة وأسعاراً كاوية؟!

هنا، لا مجال لاستبعاد هيئات وجهات تدّعي التصدي للاحتكار ومحاربة “اللا منافسة” – التي يقول قانون تأسيسها إنها بمثابة المحكمة التي تصدر قراراتها باسم الشعب – من المسؤولية، وفي أضعف الإيمان  التقصير في أداء الواجب الوظيفي، لنشهد مسلسلات العتب على المواطن الذي لا يكترث بثقافة الشكوى لدوافع اجتماعية وروحية أحياناً، وكلنا نعرف النهايات الملغومة لمسرحيات الشكاوى، إما في سلة المهملات أو الاستغلال والابتزاز إذا كان الزبون دسماً ويتقن فنون “الدفع بالتي هي أحسن”!

وما الضبوط التي تُسجل وتنشر في الصحف بين الفينة والأخرى إلا عملية مقصودة لإيصال رسالة بأننا هنا ونقوم بمسؤولياتنا، علماً أن تدقيق حيثيات الضبوط يوصلنا إلى أدلة أن أصحابها باعة بسطات أو صغار تجار ومكلفين، وإذا ما حصل وتمّ تسجيل مخالفة بحق الكبار يكون متفقاً عليها بين المراقب الموضوع في جيب التاجر الصغيرة، ولا يجرؤ على رفع عينه فوق حاجبه؛ وهنا يدرك الفرقاء أن المخالفات الجسيمة يتمّ التغاضي عنها، وإن حصلت على يد مراقب تأبط ضميره ونزل للسوق سيكون مصيره الإقالة والمعاقبة، وفي حالات معينة عندما تكون العلقة كبيرة يحول للتحقيق، لأنه تطاول على أحد أعمدة الاقتصاد الوطني وأساء لسمعة التجارة السورية!!

في المقلب الآخر، يُكرم المتآمر على المستهلك وأمثاله ممن يأكلون لحم أخيهم حياً قبل أن يكون ميتاً بمعلبات فاسدة أو منتج قاتل، والمكافأة مزيد من النشاط والترفيع والترقية لأنه ببساطة يبلع ويعطي مرؤوسيه النصيب المتفق عليه.

أمام كارثية المشهد، لا مكان لشكوى المستهلك لأنها فرصة للمراقب للاصطياد والرشوة وغض النظر أو “الطناش”؛ وفي حال استفاقت الأجهزة بناء على توجيه أو ضغط تتحرك على شكل جولات وحملات شعواء تستحضر الصحافة كشاهد.. وبعدها تعود الرقابة للسبات الطويل!!

علي بلال قاسم