دراساتصحيفة البعث

قمر إيران الصناعي

ترجمة: سمر سامي السمارة

عن موقع ذا ألتر ورد 24/4/2020

 

“ضرب الإيرانيون الكرة خارج المرمى”، هذا ما قالته الإدارة الأمريكية  مستقية هذا التعبير من مصطلحات لعبة البيسبول، لكن الإيرانيون لم يضربوا كرة أحد، بل أطلقوا قمراً صناعياً على مسافة 465 كيلومتراً في الفضاء كباقي دول العالم الأخرى.

هذا القمر الإيراني أثار غضب الإدارة الأمريكية، ودفع كبير الدبلوماسيين الأمريكيين “بومبيو” للمطالبة بالمزيد من العقوبات على إيران بسبب ما زعم أنه انتهاك لقرارات الأمم المتحدة التي تحظر إطلاق الصواريخ العسكرية الإيرانية في الفضاء، داعياً  إيران إلى تخصيص موارد قمرهم لمواجهة جائحة “كوفييد- 19”. كما استشهد بومبيو بقرار الأمم المتحدة رقم 2231 الذي يتعلق بالاتفاق النووي الدولي لعام 2015 مع إيران الذي تخلت عنه إدارة ترامب عام 2018.

إن قمر إيران الصناعي المخصص للاتصالات لا ينتهك قرارات الأمم المتحدة، لكن تلميحات بومبيو إلى مشاركة الحرس الثوري الإسلامي الإيراني في عملية الإطلاق تحمل الكثير من خبث النوايا، خاصة أن محاضرة بومبيو حول القمر الصناعي لإيران أتت بعد أسابيع فقط من أمر ترامب إنشاء قوة فضائية جديدة تفتح مجال التسلح الفضائي، الأمر الذي يشكل انتهاكا لمعاهدة دولية تحظر مثل هذا التطور.

وحتى دعوة بومبيو لإيران لـ “تخصيص أولوية الموارد” لتلبية “مطالب الشعب الإيراني”، ما هي إلا دعوة جوفاء من أجل حرف الأنظار عن أزمة الولايات المتحدة  التي تحتل مركز الصدارة في العالم في عدد الإصابات والوفيات بسبب هذا الفيروس.يأتي هذيان بومبيو حول “تخصيص أولويات الموارد” بينما تنفق واشنطن ما يزيد على 750 مليار دولار على الجانب العسكري سنوياً، أي ما يقارب 57 ضعفاً من المبلغ الذي تنفقه إيران، وأكثر بخمس مرات من إنفاق الصين، وأكثر من 10 أضعاف الميزانية العسكرية الروسية. وعليه فإن تلبية طلب الأمريكيين في الحصول على رعاية صحية أفضل يمكن أن يتحقق بسهولة عبر إعادة توجيه نفقاتها العسكرية المخيفة، خاصةً في هذا الوقت الذي بدا فشل نظام الصحة العامة في الولايات المتحدة أكثر وضوحاً خلال أزمة كوفييد-19.لقد تجاوز عدد ضحايا الجائحة في الولايات المتحدة مؤخراً الـ 50 ألفا مقارنة مع الرقم الإيراني البالغ 5300 شخص، ما يشير إلى أن إيران تقوم بعمل أفضل بكثير في احتواء الفيروس، وبحسب البيانات فإن معدل الوفيات في إيران أقل من نصف معدلها في الولايات المتحدة.يحدث هذا في الوقت الذي تفرض فيه الولايات المتحدة عقوبات غير قانونية على إيران، وهو ما يلحق ضرراً بقدرة إيران على استيراد الإمدادات الطبية لمواجهة الفيروس والأمراض القاتلة الأخرى، ولكن من الواضح أن إيران من خلال مواردها الخاصة تدير الأزمة بشكل أفضل بكثير من الولايات المتحدة. وفوق هذا كله، تمكنت إيران مؤخراً من إطلاق أول قمر صناعي لها في الفضاء، وهنا لابد من الاعتراف بأن الإيرانيين جديرون بالإشادة بإنجازاتهم التكنولوجية التي تعتمد بالكامل على مواردهم ومهارة علمائهم.لذلك فإن غضب واشنطن نابع من أن سياسة العقوبات الإجرامية والهمجية أظهرت عدم فعاليتها، لهذا السبب يتبجح بومبيو الآن بمناشدة الدول الأخرى لفرض المزيد من العقوبات الدولية على إيران بعد أن فشلت العقوبات الأمريكية. لكن حتى لو تم ذلك، لم تعد الولايات المتحدة هي الإمبراطورية العالمية المفترضة، لأن تقصيرها تجاه الصحة العامة الأمريكية أصبح واضح للغاية، وأن إيران التي تضررت بسبب العقوبات الأمريكية قادرة على تحقيق إنجاز بارز في الأقمار الصناعية بينما فيروس كورونا هزم الولايات المتحدة ووضعها على المحك في مواجهة الوباء.