ثقافةصحيفة البعث

“مقابلة مع السيد آدم”.. البحث عن لغز الجريمة

ينطلق مسلسل “مقابلة مع السيد آدم” من فكرة الوحدة الصغرى إلى الوحدة الكبرى، فما أن تنتهي خطوط الجريمة الأولى التي عمل القاتل على الإيحاء على أنها انتحار حتى مضت الخطوط نحو المحور الأساسي للعمل والجريمة الكبرى التي من الممكن أن تقود إلى جرائم. والأمر اللافت أن المؤلف والمخرج فادي سليم اعتمد على التفسير والتحليل بطريقة بعيدة عن التقليدية المعتمدة في أعمال الجريمة مركزاً على الإيحاء بأسئلة يكتشف المشاهد إجابتها في الحلقات القادمة.

بعد الحلقات الأولى بدا التفاعل الإيجابي مع العمل من خلال ردود المشاهدين وتوقعاتهم على صفحات التواصل الاجتماعي. وبالتأكيد حضور النجم غسان مسعود الذي يؤدي دور السيد آدم، الأستاذ في علم الطب الشرعي، والذي غدا من أشهر الأطباء في العالم في تحليل وكشف الجريمة، من خلال معاينة الجثة ودراسة عينات منها.

إلى هنا تبدو الأمور مفهومة إلى أن يدخل فادي سليم تفاصيل الطب الشرعي وشروحاته، والتغييرات التي تطرأ على الخلايا ودرجة الحرارة الباردة التي تعمل على الحفاظ عليها، مما شد المشاهدين إلى المتابعة وفتح مدخلاً جديداً لعوالم الدراما من خلال الطب الشرعي ومشاهد المحاضرات التي يلقيها د. آدم، وكيفية محاولة المجرمين كشف السبب الحقيقي وراء القتل بالإيحاء بتجارة الأعضاء. الأمر الذي أراد أيضاً المخرج سليم تركيز الضوء عليه خاصة في ظل انتشاره في السنوات الأخيرة في دول عدة وارتباطه بجهات دولية، والذي أثاره د. آدم في التقرير الذي قدمه ليتغير مسار العمل من كشف خفايا الجريمة إلى تهديد حياة د. آدم وأسرته.

وينتقل سليم بالاعتماد على ورد المحقق الذي يؤدي دوره النجم محمد الأحمد بأدائه الرائع إلى سلسلة من الأحداث الشائقة والمثيرة والمحفزة لفكر المشاهد ليصبح شريكاً بالتحليل والتوقعات، فيعمد إلى استخدام الرواية في تصوير الجريمة وكيفية قتل الضحية سالي الفتاة المصرية (سلمى جلال) التي تعمل في شركة كبرى وتكون على علاقة مع ابن صاحبة الشركة معتصم (السدير مسعود) من قبل ديالا (رنا شميس) لتصل مشاهد الجريمة عبْر الفلاش باك، وربما تحمل الحلقات القادمة حقائق خفية وتكشف عن روايات أخرى لكيفية وقوع الجريمة.

الأمر الهام الذي أثاره المخرج هو انجرار القانونيين إلى الفساد والاشتراك بالجريمة والتخطيط للخروج منها بأساليب تبدو قانونية ومتبعة كما فعلت ديالا، وورطت معها زوجها المحامي يوسف (لجين إسماعيل) وهما يمارسان مهنة المحاماة ويديران شركة قانونية، والأهم أن يوسف هو ابن آدم الذي غيّر التقرير.

ويضع المخرج المشاهدين على المحك بالمنعطف الذي قلب الموازين، فهل تغيير التقرير وموافقة د. آدم إثر التهديد عليه ونكران الحقيقة، سيقود إلى أحداث جديدة يعمل من خلالها آدم على تحقيق العدالة وكشف الحقيقة أم سيكتفي بالصمت والانسحاب؟ وكيف سيكون موقفه حينما يعرف أن زوجة ابنه المحامية شريكة فعلية بالجريمة، وقد مهد لذلك المخرج بإظهار مشاهد عدة أوحت بعدم ارتياحه لها ومخاوفه منها رغم محاولاتها المكشوفة من قبله بالتمثيل وتغيير حقيقتها، ليدخل المخرج الحاسة السادسة ضمن خطوط الحبكة الإجرامية التي طالت أيضاً الطب النفسي والدوافع والتحريض على الانتحار من قبل الآخر بدخول شخصية أستاذة الطب النفسي (تولين البكري) والخيط الرفيع الذي يربطها بآدم عبْر صداقة يتضمنها الحب الصامت.

تطرق المخرج أيضاً إلى مرضى متلازمة داون التي تناولتها الدراما السورية سابقاً وإلى مسألة الرقابة، وكانت الموسيقا المثيرة والمخيفة والمتصاعدة في مواضع متعددة بتأليف الموسيقي حازم جبور داعمة لخطوط الجريمة.

ملده شويكاني