محليات

الحقيقة المرة!!

يذهب البعض بعيداً بالتحليلات الاقتصادية وانعكسات الأزمات المتراكمة والمتلاحقة على الواقع المعيشي تحديداً، ومعظمها لا يلامس الواقع وما فرضته الظروف الراهنة وطبيعة التحديات التي تواجه بلدنا عموماً جراء ما أفرزته الحرب الإرهابية والحصار الاقتصادي، ثم وباء كورونا، من آثار وتداعيات أكثر من سلبية ليس على الواقع المعيشي وحسب، بل ومختلف قطاعات وجوانب الحياة.

خلط الأوراق وكثرة التجارب وسياسة تدوير الزوايا عمّقت من حدة المشكلات، ووسعت من الفجوة الموجودة أصلاً بين المواطن والمسؤول، وبالتالي جاء أداء المؤسسات بمختلف تصنيفاتها ارتجالياً، ما عكس حقيقتها المرة لجهة ضعف مواردها ومحدودية إمكاناتها ونسب الهدر والإنفاق، والتي لا تتناسب قطعاً مع ما يتم تسويقه وترويجه على الصفحات الزرقاء من إنجازات – وهمية وخلبية وخادعة – لم تعد تنطلي على أحد.

مما تقدم، يجدر بالمعنيين إعادة تقييم الأمور وإجراء مكاشفة واقعية وحقيقية، ولو اضطرهم الأمر لإحداث تغيير جذري في هيكليات المؤسسات وفي طبيعة أعمالها الإدارية والفنية وفي الصلاحيات الممنوحة لها، ونعتقد أن الوقت مناسب أكثر من أي وقت مضى لإجراء هذا التغيير، لعله يعيد تصويب الأمور، ويحقق التوازن الفعلي بين ما هو متاح من دعم وإمكانات وبين المردود والإنتاج الذي مازال في حدوده الدنيا.

لسنا هنا في معرض توجيه الاتهامات، ولكن في المقابل لم يعد خافياً على أحد أن الكثير من المؤسسات الخدمية والإنشائية والإنتاجية غارقة في الفساد من رأسها حتى قدميها، ما يفسر حقيقة عجزها وتعثرها وخساراتها، الأمر الذي يتطلب صحوة رقابية وعقابية خارجة عن المألوف بإشراف جهة موثوقة تلغي العقلية المنفعية السائدة في أدق تفاصيل العمل المؤسساتي.

ونرى أن الجرأة مطلوبة في هذا التوقيت تحديداً، ولاسيما أن الأمور في الكثير من المفاصل خرجت عن التحكم والسيطرة، وأصبحت في عهدة أشخاص غير مؤتمنين على المال العام والمصلحة العامة، ما يحتم على الفريق الحكومي اتخاذ ما يلزم وبالسرعة القصوى لخلق حالة جديدة من العمل التفاعلي الناجز وفق رؤية واضحة واستراتيجيات ذات جدوى بعيداً عن المعادلات الرقمية الوهمية والتحليلات الفضفاضة، والتي تحتمل الكثير من التأويل والتشكيك، ولعل الأهم هو الابتعاد عن الاجتهادات الفردية والتجارب الفاشلة الموجعة.

معن الغادري