دراساتصحيفة البعث

التفاهم الروسي- الصيني العميق في ظل الوباء

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع لو غراند سوار 2/5/2020

 

أصبح التفاهم الروسي الصيني أحد أهم نماذج السياسة الدولية في السنوات الأخيرة، وعلى وجه التحديد منذ أحداث 2014 في أوكرانيا، وازدادت أهمية هذا الاتفاق في السياقات الإقليمية والعالمية التي أثارتها جائحة فيروس كورونا وتبعاتها على الاقتصاد العالمي، وتهديد الولايات المتحدة بخلق أزمة ركود جديدة.

يعتبر مراقبون أن التهديد بخلق أزمة ركود أحد المؤشرات على انحطاط الولايات المتحدة كقوة عالمية التي على ما يبدو عازمة على إدامة هيمنتها على المسرح العالمي مهما كانت التكلفة.

من الواضح أن المصلحة المشتركة لروسيا والصين تقتضي أن يدعم كل منهما الآخر في مواجهتهما المتزايدة مع الولايات المتحدة، ذلك أن كل الدلائل تشير إلى أن الامبريالية الأمريكية ستتخذ طابعاً أكثر عنفاً وقمعاً في الوضع العالمي الحالي.

مما لا شك فيه أن الاتفاق بين روسيا والصين يعززه ويرسخه زعيما البلدين، ففي غضون شهر جرت محادثتان هاتفيتان بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والرئيس الصيني شي جين بينغ لمناقشة الوباء وتداعياته، وضرورة العمل معاً، وأشارت القراءات الصينية إلى أن بوتين انتقد استفزاز واتهامات بعض الدول للصين، ومحاولة البعض تشويه صورة الصين، وتحميلها مسؤولية تفشي الوباء.

حقيقة، إن الدعم المتبادل الذي خلقته روسيا والصين يخلق مساحة للبلدين لصد الولايات المتحدة بشكل فعال، ففي وقت سابق من هذا الأسبوع ، شارك المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية المخاوف التي عبّرت عنها موسكو في السنوات الأخيرة فيما يتعلق بوجود مختبرات البنتاغون في دول الاتحاد السوفييتي السابق، في محاولة  لعسكرة الأمراض، حيث لفتت موسكو إلى وجود مختبر خاص بالقرب من تبليسي في جورجيا.

ويؤكد الروس أن هناك 11 مختبراً من هذا القبيل في أوكرانيا، طورها البنتاغون. فعندما انضمت شبه جزيرة القرم إلى روسيا في عام 2014، اكتشفوا أنه في أحد هذه المختبرات في سيمفيروبول، التي كانت على ما يبدو مركزاً لجمع المواد وإرسالها إلى أوروبا ، 104 تجمعات من الطفيليات الخارجية، و46 عينة لأعضاء القوارض الداخلية، و105 عينات من مصل الدم البشري جاهزة للشحن.

في السياق أكد الناطق الصيني في 29 نيسان على هذه المعلومات بالقول: “أنشأت الولايات المتحدة العديد من المختبرات البيولوجية في دول اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفييتية السابقة، لكنها ظلت صامتة بشأن وظائف وأهداف وسلامة هذه المختبرات، ما تسبب في قلق كبير بين السكان المحليين والدول المجاورة، كما نعلم، يضغط بعض السكان المحليين لإغلاق هذه المختبرات، ونأمل أن تتصرف الولايات المتحدة بمسؤولية، وأن تأخذ في الاعتبار مخاوف المجتمع الدولي، وتولي أهمية لصحة وسلامة السكان المحليين، وتتخذ خطوات ملموسة لتبديد الشكوك”.

اليوم، لم تتهم الحكومة الأمريكية الصين رسمياً بتطوير كوفيد- 19 عن قصد كسلاح بيولوجي، وإنما يواصل ترامب إطلاق التلميحات، وبحسب تقييم أجهزة المخابرات الأمريكية فإن الفيروس لم يصنعه الإنسان أو أنه معدل وراثياً، لكن ترامب يقول إنه رأى أدلة تشير إلى أن الفيروس التاجي الجديد جاء من مختبر للفيروسات في ووهان، على الرغم من أنه لم يتمكن من تقديم أي دليل لدعم هذا الادعاء.

ردت الصين بقوة على هجمات ترامب، بينما دعمت روسيا الموقف الصيني، حيث سخر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف مؤخراً من محادثات بعض الدول الأوروبية التي طالبت بتعويض من بكين عن “عدم إبلاغ المجتمع الدولي في الوقت المناسب”.

في الواقع، يمكن أن يصبح الأمر جاداً إذا اختار ترامب اتباع استراتيجية عقابية تجاه الصين، وفي السياق كتبت صحيفة واشنطن بوست يوم الخميس الماضي: “على انفراد ، ناقش ترامب وزملاؤه إمكانية حرمان الصين من حصانة سيادتها، من أجل السماح لحكومة الولايات المتحدة أو الضحايا بمقاضاة الصين للحصول على تعويض”.

في الوقت الحالي، تتفق روسيا مع تصور الصين بأن إدارة ترامب تقود خطاباً عدائياً حول فيروس كورونا لتحويل الانتباه العام عن عدم أهليتها لمواجهة الوباء، لكن دعم روسيا يصبح حاسماً بالنسبة لبكين إذا مضت إدارة ترامب لتصعيد العمل في الأشهر المقبلة.