دراساتصحيفة البعث

صفقة الوحدة بين نتنياهو و غانتس

إعداد: سمر سامي السمارة

 

بعد إجراء ثلاثة انتخابات غير حاسمة، اتفق رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو وخصمه الرئيسي بيني غانتس على تشكيل حكومة وحدة بسبب وباء كوفيد 19، وكان الضم غير المشروع لغور الأردن والمستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الضفة الغربية المحتلة إحدى الركائز الأساسية لهذا النظام الجديد الذي يحظى بالدعم الكامل من ترامب.

وبهذا الشأن، قال مدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني لموقع “تروث أوت” الإخباري: “إن استغلال الفترة الزمنية التي ينشغل فيها العالم بمواجهة وباء كوفيد 19 لارتكاب المزيد من جرائم الحرب، أمر غير أخلاقي، ويطرح  تحديات جديدة لسيادة القانون وحقوق الإنسان”، إذ إنه من المقرر أن يشمل الضم الذي سيبدأ في تموز القادم حوالي 30 بالمئة من الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك غور الأردن، والمستوطنات الإسرائيلية التي تضم أكثر من 620,000 مستوطن، كما حذرت الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي إسرائيل من أن ضم أجزاء من الضفة الغربية المحتلة سيكون أمراً غير قانوني، وقال الممثل الخاص للأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط “نيكولاي ملادينوف”: إن مثل هذا الإجراء “سيشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي”، وأشار جوزيب بوريل، مفوض الاتحاد الأوروبي للسياسة الخارجية، إلى أن دول الاتحاد الأوروبي لا تعترف بسيادة إسرائيل على الأراضي الفلسطينية، مضيفاً بأنها “ستواصل مراقبة الوضع عن كثب وتداعياته الأوسع، وستتصرف وفقاً لذلك”، وإلى جانب ذلك، تتطلب الصفقة الجديدة موافقة الإدارة الأمريكية على الضم غير القانوني، ما يجعل ترامب متواطئاً في ارتكاب جرائم الحرب الإسرائيلية.

 المستوطنات غير الشرعية

قامت إسرائيل كقوة احتلال بنقل أكثر من 600000 مستوطن إسرائيلي بشكل غير شرعي إلى مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة، بما في ذلك القدس الشرقية المحتلة، وهنا لابد من التذكير بأن المادة 49 من اتفاقية جنيف الرابعة  تحظر على كيان الاحتلال نقل “جزء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها”، وكانت محكمة العدل الدولية أكدت في عام 2004 “عدم مشروعية بناء المستوطنات الإسرائيلية على الأراضي المحتلة”، واتفقت المحكمة مع مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على أن إقامة إسرائيل للمستوطنات في الأراضي  الفلسطينية المحتلة تشكّل “انتهاكاً صارخاً” لاتفاقية جنيف الرابعة، ومن الجدير بالذكر أن إسرائيل تُبقي على احتلالها العسكري غير الشرعي للضفة الغربية، بما في ذلك القدس الشرقية منذ عام 1967، على الرغم من أنه لا يمكن الاستيلاء على الأراضي بشكل قانوني عن طريق الحرب، وبناء على ذلك، اعتمد مجلس الأمن الدولي القرار رقم 242 في عام 1967 الذي ينص على “مبدأ عدم جواز احتلال الأراضي عن طريق الحرب”، وفي عام 2016 ، أعاد مجدداً تلك الصيغة في القرار 2334 الذي أدان إسرائيل لبنائها مستوطنات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، بما فيها القدس الشرقية، وينص القرار 2334 على أن إنشاء إسرائيل للمستوطنات على الأراضي الفلسطينية “ليست له أية شرعية قانونية، ويشكّل انتهاكاً صارخاً بموجب القانون الدولي”،علاوة على ذلك، فإن إقامة إسرائيل للمستوطنات في الأراضي الفلسطينية تشكّل جريمة حرب، إذ يصنف نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية النقل المباشر أو غير المباشر لسلطة الاحتلال “لأجزاء من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها” باعتباره جريمة حرب.

 ترامب يساعد إسرائيل لارتكاب جرائم حرب

يساعد  ترامب إسرائيل ويدافع عن جرائم الحرب المتمثّلة في ضم الأراضي الفلسطينية، وفي شهر كانون الثاني كشفت إدارته عن “صفقة القرن” التي تدعي أنها تهدف إلى تحقيق السلام بين إسرائيل والفلسطينيين، لكن الحقيقة أن هذه الصفقة تمنح  لإسرائيل قائمة أمنيات، مع تعهد بتسهيل قمع إسرائيل للفلسطينيين، وفي هذا الصدد، كتب ياسر الأشقر في الموقع الإخباري “موندويس” قائلاً: “تضفي صفقة ترامب التي يؤيدها نتنياهو وغانتس تأييداً كاملاً الطابع الرسمي على “عقيدة نتنياهو” التي تستند إلى الهزيمة التدريجية والكاملة للحركة الوطنية الفلسطينية، والإنجاز اللاحق لـ “إسرائيل الكبرى” من خلال الاحتلال الدائم وضم الأراضي، ينص نظام روما الأساسي على مقاضاة أي فرد “يساعد، يحرض أو يساعد بطريقة أخرى” في ارتكاب جريمة أو محاولة ارتكابها، بما في ذلك توفير وسائل ارتكابها”، وعليه فمن خلال “صفقة القرن” التي تدعو إلى ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، والتصديق على هذا الضم غير القانوني، يساعد ترامب ويحرض على جرائم الحرب الإسرائيلية، حيث تعتبر موافقة ترامب مفتاح قدرة إسرائيل على ارتكاب جريمة الحرب المتمثّلة في الضم دون عقاب، إذ تموّل الإدارة الأمريكية الاحتلال الإسرائيلي غير القانوني بما قيمته 3.8 مليار دولار سنوياً، وفي الواقع، تتطلب صفقة الوحدة بين نتنياهو وغانتس موافقة ترامب على شروطها، وهو أمر شبه مؤكد، ويرى  السفير الأمريكي السابق لدى إسرائيل “مارتن انديك” أنه من المرجح أن يدعم ترامب الضم في مناشدة لقاعدته أثناء حملته للانتخابات الرئاسية في تشرين الثاني القادم، “سوف يوافق ترامب على الضم لتأمين قاعدته عند خوض الانتخابات” وفي المقابل تعارض المنظمات الصهيونية الليبرالية خطة الضم الإسرائيلية، إذ تفضل جماعة الضغط الموالية لإسرائيل “جي ستريت” وضع شروط على بعض المليارات من الدولارات التي تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل إذا استمرت في الضم، ويرى أوري نير، المتحدث باسم منظمة “أمريكيون من أجل السلام”: أن “الضم سيجعل إسرائيل منبوذة دولياً، إذ إنها تديم الاحتلال والصراع مع الفلسطينيين، وتعبث بالقانون الدولي والمجتمع الدولي، كما أن القيام بذلك سيبعث برسالة إلى العالم بأسره بأن إسرائيل تفضل استمرار صراعها الدموي مع الفلسطينيين، والفصل العنصري في الضفة الغربية، على الديمقراطية والسلام”، وفي رسالة موجهة إلى غانتس، كتب220 ضابطاً من كبار ضباط الأمن الإسرائيليين سابقاً، بما في ذلك قائد عسكري سابق: “يمكن أن يتسبب الضم بشكل أحادي بمواجهة خطر جدي، ومن المرجح أن يؤدي أي ضم جزئي إلى سلسلة من ردود الفعل التي لن تكون لإسرائيل سيطرة  عليها”، بالإضافة إلى ذلك، تواجه إسرائيل معارضة في الكونغرس لضم الضفة الغربية، ففي السادس من كانون الأول لعام 2019، تبنى مجلس النواب من خلال  تصويت للحزبيين المشروع رقم 326 الذي يدعم “ردع الأفعال التي من شأنها أن تبعد أكثر نهاية سلمية للصراع، وبالأخص كل ضم أحادي للأراضي”.