تحقيقاتسلايد الجريدةصحيفة البعث

الكوادر التمريضية في الصف الأول لمواجهة كورونا.. معاناة تنتظر الإنصاف ومطالب في خانة التهميش!!

اختارت منظمة الصحة العالمية عام 2020 ليكون العام العالمي للممرضين. ويعتبر يوم 12 أيار من كل عام يوم الممرض أو يوم التمريض حيث يقوم المجلس العالمي للممرضين باختيار موضوع معين، وتوزع المناشير والكتيبات والمعلومات المتعلقة بموضوع العناية الذي تم اختياره، على سبيل نشر المعرفة والتوعية. وبالتأكيد، يأخذ الاحتفال هذا العام طابعاً خاصاً بسبب وباء كورونا الذي حلَّ على العالم بأسره، وجعل العبء مضاعفاً على القطاع الصحي والطبي والتمريضي الذي حمل على كاهله عبء التصدي للفيروس، ففي آخر إحصائية لها، أوضحت منظمة الصحة العالمية أن 3000 آلاف ممرض وطبيب أصيبوا بالمرض منهم 1600 في حالة خطرة.
ولاشك أن واقع عمل الكوادر التمريضية العاملة في بلدنا لا يخلو من المنغصات فهم يتعرضون إلى الكثير من التهميش وعدم الاكتراث لمطالبهم وحقوقهم التي لم يتوقفوا عن المطالبة بها منذ صدور المرسوم الرئاسي رقم 38 للعام 2012، والذي يقضي بإحداث نقابة للتمريض، ولكن مضمون هذا المرسوم لم يطبق حتى الآن، ما يجعل العاملين في هذا القطاع يتساءلون عن دور النقابة التي من المفترض أن تدافع عن حقوق كوادرها.. وهل بالفعل هناك نقابة لها نظام داخلي ومالي؟!

مشكلات !!
حقيقة الأمر أن المشكلات التي تواجه الكادر التمريضي لا تعد ولا تحصى، ولعل أبرزها – استناداً إلى آراء عدد كبير من العاملين في القطاع – غياب التنسيق بين المؤسسات الصحية المختلفة، والتجاوزات الكثيرة لدى عدد لا بأس به من المديرين بحق عناصر التمريض، والشكاوى الكثيرة من سوء المعاملة خاصةً في السنوات الأخيرة، إضافة إلى النقص الشديد في الكادر وغياب الاحترام، حيث ينظر للممرض نظرة دونية، إضافة إلى مخاطر المهنة الكثيرة كالعدوى والأمراض المختلفة، ما اضطر الكثير من الممرضين إلى التقاعد المبكر. كما يعاني الممرضون أيضاً من غياب الحوافز وعدم وجود ضمان صحي على الرغم من أنهم أبناء المؤسسات الصحية. وأخيراً، وليس آخراً، هناك التمييز بين مكونات العمل الواحد من الممرضين والمعالجين من حيث طبيعة العمل والمخدرين من حيث الحوافز وعدم المساواة بينهم، حيث تتراوح طبيعة عمل التمريض بين 3 إلى 5 بالمئة بينما هي لدى المخدرين والمعالجين 75بالمئة.

كورونا كشفت القناع!!
حلَّ الوباء ليكشف القناع عن الظلم الواقع على معظم العاملين في هذا القطاع.. ريما ممرضة في أحد مشافي العاصمة تقول: منذ بدء الإجراءات الاحترازية التي تم فرضها من قبل الفريق الحكومي، لم أنقطع يوماً واحداً عن عملي، علماً أنني كنت أتحمل عبئاً مادياً كبيراً بسبب عدم توفر المواصلات.. هذا إضافة إلى ساعات الدوام الطويلة، فمثلاً نحن، وبما أننا في مقدمة من يواجه وباء كورونا، صدرت القرارات متأخرة جداً بمنحنا وسائل الوقاية اللازمة. وفي الحقيقة اليوم هنالك الكثير من النقص الحاصل للوسائل وهذا ما لا يرغب البعض بالحديث عنه أو الإضاءة عليه، هذا ولم نتحدث عن موضوع آخر مهم جداً في الواقع وهو أمر جديد، وأقصد هنا “التنمر” الذي نتعرض له والخوف الذي نراه في عيون محيطنا الذي نعيش فيه وكأننا أصبحنا مصدراً للقلق وبرأي البعض مصدراً لنقل الوباء بحكم عملنا في المشافي، مضيفة: صحيح أنني لا أحتك أبداً مع المصابين، وهناك فريق متخصص هو من يقوم بالعلاج، ولكن مجرد تواجدنا في أماكن عملنا يجعلنا عرضةً للإصابة، وهذا أمرٌ ليس مستبعداً، خاصةً وأننا رأينا الكثير من الدول المتقدمة تعرضت كوادرها الطبية للعدوى بسبب تماسها المباشر مع المرضى على الرغم من كل وسائل الوقاية والحماية.

أم محمد ممرضة تعمل في أحد المشافي الجامعية، تحدثت عن الظلم الكبير الذي وقع عليهم ومازال بحرمانهم من أبسط حقوقهم، بما في ذلك المكافأة التي تم منحها لهم، لتكون المفاجأة فيما بعد بحرمان من يستحقها على الرغم من تواضعها مقارنةً بالجهد المبذول، لتذهب لمن لا يستحقها. تضيف: تم الحديث عن الموضوع وقدمنا الشكاوى واعترضنا ولكن ما من مجيب! في المشفى الذي أعمل به تم توزيع المكافأة على حاشية الإدارة ولعبت المحسوبيات والواسطة – كالعادة – دورها المعهود، فأين الإنصاف والعدالة؟ هذا ولم نتحدث عن قرار الفريق الحكومي المعني بالتصدي للوباء والذي استثنى الأم العاملة التي لديها أطفال في سن الحضانة من العمل لتتمكن من الاهتمام بأطفالها في ظل هذه الظروف السيئة، فماذا بإمكان الأم الممرضة أن تقول وهي من تضطر لتذهب إلى عملها وتترك أطفالها بلا رعاية!! لماذا لم تستثن، أو على الأقل لم يتم الالتفات إلى وضعنا شأننا شأن الأمهات العاملات في القطاعات الأخرى؟! وماذا قدمنا للممرضة الحامل في شهورها الأخيرة؟ والتي دائماً تسمع الإجابة نفسها في حال تقدمت لطلب إجازة؟ وهل وفرنا لها فيما بعد الرعاية لأطفالها وخصصنا لهم دور حضانة تابعة للنقابة أو للمستشفيات؟

مطالب
هي جملة مطالب وصلتنا من عدد كبير من الكوادر التمريضية يطالبون فيها بداية بالبدء بانتخابات لممثل عن كل شهادة في كل منطقة صحية، ثم محافظة، وفيما بعد المؤتمر لإقرار الأنظمة الداخلية والمالية، وفتح المجال لتوظيف كافة خريجي التمريض والمهن الطبية في القطاع العام، إضافةً إلى البدء بحملةٍ شاملة لمنع مزاولة المهنة لمن لا يحمل ترخيص مزاولة وموافقة من وزارة الصحة على شهادته أصولاً، وأخيراً منح كافة الاختصاصات الطبية التقنية التمريضية تعويض طبيعة عمل لا تقل عن 75 بالمئة حسب معايير الخطورة، وتعيين عنصر طبي مسؤول عن التنفيذ في كل منشأة لفرض تنفيذ توجيهات الحكومة للوقاية من وباء كوفيد19.

حل مشكلاتهم
لا يمكن، بل لا يجوز، أن نتجاهل أو نغض الطرف عن المظلومية الكبيرة الواقعة على الكوادر التمريضية، وعن ضرورة العمل والسعي لحل مشكلاتهم ومساعدتهم لتحصيل حقوقهم، خاصةً وأننا اليوم نلمس الجهد الكبير المبذول من قبل القطاع الطبي والصحي الذي تتعرض كوادره للخطر تاركين خلفهم أسرهم وأطفالهم في سبيل أن نحيا نحن ونتمكن من تجاوز هذه المحنة. اليوم ،تبذل دول كثيرة في العالم جهداً كبيراً ولا تتوانى عن استغلال أي فرصة للتعبير عن تقديرها وامتنانها للجهود العظيمة التي يبذلها الكادر الصحي والطبي، فكيف يسعنا نحن اليوم أن نقدر كوادرنا الصحية والطبية بكل فئاتها واختصاصاتها، وهي التي لم تتوان عن المخاطرة والتضحية حتى بحياتها في سبيل تقديم العون والمساعدة وتضميد جراحنا في أصعب وأقسى ظروف الحرب، وهذا ما يحسب لها! فهل هناك من يضمد جراحهم؟
لينا عدرة