ثقافةصحيفة البعث

إيهاب شعبان.. إبداع مميز لشخصية المطران كبوجي في شبابه

ظهرت موهبته بشكل واضح في مسلسل “مسافة أمان” – تأليف إيمان سعيد وإخراج الليث حجو – الذي يعكس ارتدادات الحرب على الحياة الاجتماعية، إذ قدم الشاب إيهاب شعبان دور “مروان” الذي كان ممثلاً لمعاناة ومشاكل وشكل حياة شريحة كبيرة من الجيل السوري الذي تحمل الكثير من الهزائم والخيبات والانكسارات، كما عبر بطريقة لافتة عن الشريحة التي لا تجد مكاناً لها في هذه الظروف، وتعاني من عدم امتلاك فرصة الظهور ولو بمشهد بسيط بعد أن تخرج من المعهد العالي للفنون المسرحية.

في العام الماضي، وتحديداً في “مسافة أمان” قلنا أن إيهاب شعبان أمام فرصة ذهبية على الشاشة الصغيرة بإطلالته المميزة، خاصة أنه من الوجوه الجديدة الموهوبة، وبالفعل كان ما تمنيناه وأطل في هذا الموسم الرمضاني مجسداً شخصية المطران إيلاريون كبوجي في مرحلة الشباب (بين العشرين والأربعين عاماً) في مسلسل “حارس القدس” لمؤلفه حسن م. يوسف وإخراج باسل الخطيب، ويعتبر أول عمل درامي يتناول شخصية رجل دين مسيحي على مستوى سورية والوطن العربي هو المطران إيلاريون كبوجي (مواليد حلب 1922-2017)، والذي أصبح مطراناً لكنيسة الروم الكاثوليك في القدس سنة 1965، وجيّر مكانته الدينية لصالح خدمة القضية الفلسطينية، وخلال الحرب على سورية قام المطران بدور فعال بنقل وجهة النظر الرسمية السورية المحقة عما يجري في أرض الشام، وقدم الكثير من الدعم والمساعدات للجرحى والمتضررين.

في الواقع، لغة الكلام ليست هي الوحيدة التي يمكن للإنسان أن يوصل رسالته السامية من خلالها إلى العالم أو ليعبر عن همومه وآماله وطموحاته، لكن الفنان له لغة أخرى يتواصل بها مع العالم، وهي لغة عالمية يفهمها الجميع من دون ترجمان. وقد نجح إيهاب شعبان أيما نجاح في تقديم هذه الشخصية المقدسة، واستطاع بإبداعه إيصال رسالته الواضحة إلى كل من شاهد العمل، من خلال سعي الأب جورج كبوجي بكل جهده إلى الحق ورفض الظلم بكل أشكاله، وتقديم تضحيات كبيرة في سبيل المبادىء التي لطالما آمن بها، واستطاع شعبان بإيجاز في حركات جسده وبلاغة في إيماءاته وحنكة عالية في الأداء وبنظرة عيونه الناطقة، ونبرات صوته المترعة بالثقة والصبر، تقديم شخصية واقعية بامتياز، حتى نسينا بأنه يمثل دور المطران الحقيقي وظنناه هو، وجعلنا نتمنى ألا يكبر ويتغير الدور ويغيب عن الشاشة وعن المضي معنا في حلقات المسلسل، فقد قدم دوره بشكل مبهر، واستطاع أن يعبر عن أدق التفاصيل بشكل مميز وذكي، وكان يشعرنا بالخطر معه في بعض المشاهد التي خاطر بها في حياته ضد الظلم والاحتلال في حلب، وكأننا جزء من المشهد، وجعل الجميع يقفون إلى جانبه بدعوات “يارب مايكمشوه” وأن تتم العملية بسلام، مثل مشهد مساعدته للأستاذ خليل في حلب من أجل إنقاذ بعض الأشخاص المطلوبين من قبل الاحتلال الفرنسي.

ولا يمكن أن ننسى مفتاح بيت “أم عطا” -الفنانة آمال سعد الدين- التي احتضنت الأب جورج عند قدومه للتعليم في القدس وساندته، وأعطته مفتاح بيتها الذي حاولت بكل قوتها الحفاظ عليه من الاحتلال الصهيوني وسلمته المفتاح، وكأنها تقول له “مفتاح القدس معك” ونقل إيهاب شعبان إلينا هذا الشعور بأن فلسطين كانت ومازالت قضيتنا الأولى رغم كل مامر علينا من حروب وأزمات.

إيهاب شعبان بأدائه المميز وحضوره الرائع يثبت للمرة الثانية أنه يسير في طريقه الصحيح بخطا واضحة ثابتة، ليكون من أهم وجوه الدراما السورية وأحد نجومها المميزين، وقد تمكن من وضع أولى خطواته في الأعمال العربية، وسجل أول ظهور له إلى جانب نجوم الصف الأول من الممثلين السوريين، أمثال تيم حسن وقصي خولي وباسل خياط وغيرهم. من خلال تجسيده لدور “يوسف” في مسلسل “العودة” ويوسف هو الحبيب السابق لنسيم -دانييلا رحمة، التي تتركه وتسافر بشكل مفاجئ، لتعود بعد 7 سنوات بسبب تعرض والدها لحادث سير ودخوله في غيبوبة، لتكتشف أن يوسف ارتبط بفتاة تدعى سحر، لكن يوسف ما زال يكن بعض المشاعر لنسيم، كما أنه فور عودتها تقع حوادث غريبة لصديقاتها، حيث تتعرض اثنتان منهما للقتل.

جمان بركات