دراساتصحيفة البعث

هل تسلّح ألمانيا طائراتها المسيّرة ؟

ترجمة: عائدة أسعد

عن موقع توب ستوريز 11/5/2020

 

أثارت الحكومة الألمانية جدلاً كبيراً حول مسألة تسليح الطائرات المسيّرة دون طيار بعد أن بدأ الجيش الألماني بتجنيد طيارين دون طيار بأجور جيدة، وقد توصلت الحكومة الائتلافية إلى صيغة قرار ترفض فيه استخدام الطائرات دون طيار في عمليات القتل التي تتعارض مع القانون الدولي.

هذه القضية أعادها وزير الدفاع أنيغريت كرامب كارينباور إلى الواجهة في كانون الأول الماضي بعد زيارته للقوات الألمانية في مقاطعة قندوز في أفغانستان عندما قال: “لو كنت سآخذ برغبات الجنود على متن الطائرة فإن الكثيرين منهم تحدثوا عن تسليح الطائرات دون طيار، ولكن عليك هنا أن تسأل جدياً عما إذا كنا مستعدين حقاً لعدم نشر جميع الخيارات المتاحة لنا، مع مراعاة أن حياة الجنود على المحك”.

أثارت تعليقات كارينباور انتقادات كبيرة في الأوساط السياسية، الأمر الذي استدعى الحكومة لتأجيل القرار في ذلك الحين، وبدلاً من ذلك أقيمت جلسة استماع تضم خبراء وسياسيين للاستماع لعرض الجنرال ايبرهارد زورن المفتش العام للبوندسوير حول مسألة تسليح الطائرات دون طيار، وقد شهدت المناقشة معارضة قوية من قبل حزب الخضر، وحزب اليسار.

وقالت نورا مولر التي تشرف على المناقشة من مؤسسة Körber إن ألمانيا بحاجة منذ فترة طويلة إلى تجديد النقاش حول الإجراءات العسكرية والأمنية التي ترغب في استخدامها، وهذا يشمل الجدل حول استخدام الطائرات المسيّرة دون طيار، ويعتبر كرامب كارينباور ثالث وزير دفاع ألماني يضغط على هذه القضية، فقد بدأ توماس دي مايزيير بتحريكها عندما دافع عن طائرات دون طيار مسلّحة من أجل البوندسوير، واصفاً إياها بأنها أسلحة محايدة أخلاقياً، وقبله كانت أورسولا فون دير لين الموجودة الآن في بروكسل على رأس المفوضية الأوروبية قد قدمت حالة مماثلة في فترة ولايتها ولكن دون جدوى.

وتعتمد القوات الألمانية البالغ عددها 1300 جندي تقريباً في قندوز في أفغانستان على طائرات دون طيار من طراز Heron 1 من صنع إسرائيل من أجل دفاع أفضل ضد الهجمات، ويضغط الجنود من أجل الترقية إلى طراز Heron TP التي تحسّن قدرات الاستطلاع، ووقت الطيران الذي قد يصل إلى 36 ساعة، ويمكن تسليحها بسهولة.

أما خبير القانون الدولي هينتشل فون هينغ فلا يرى أية مشكلة في مهمات الطائرات دون طيار المسلّحة، وهي بالنسبة له مجرد شكل آخر من أشكال الأسلحة الدقيقة، وقال: إن الطائرات دون طيار يمكن أن تكون ضد أهداف عسكرية محددة، بحيث يمكن نشرها ضمن حدود القانون الدولي، وسواء كانت ضربات الطائرات دون طيار تتعارض مع القانون الدولي أم لا فهي مسألة قانونية تماماً حول كيفية استخدامها في حالات فردية.

بينما قال الخبير القانوني بيتر بيكر إن حرب الطائرات دون طيار لا تتوافق مع القانون الدولي، مشيراً إلى مشكلة أثارها أربعة جنود أمريكيين مع الرئيس السابق باراك أوباما، وهي فكرة أن الجنود يفقدون جزءاً من معنوياتهم وضبط النفس عند العمل عن بعد طوال الوقت، واعترف بأنه قد تكون هناك حالات فردية يساعد فيها نشر طائرات دون طيار مسلّحة على إبقاء القوات الألمانية أكثر أماناً، لكن هذه الحجة وحدها غير كافية.

لقد تجنب السياسيون النقاش بتسليح الطائرات دون طيار لما يقرب من عقد في ألمانيا لأنها تذكّر بالعمليات الأمريكية التي لا تحظى بشعبية، خاصة في آسيا وأفريقيا، حيث لقي المئات حتفهم، وبينهم مدنيون في غارات في باكستان وأفغانستان والعراق، والعديد من البلدان في أفريقيا في السنوات الأخيرة تحت حجة ما يسمى بالحرب على الإرهاب.