محليات

وزراء ومسؤولون “سابقون”.. ينتقدون ويطرحون حلولاً!

باتت وسائل التواصل الاجتماعي تتحفنا اليوم بآراء ونظريات لوزراء ومسؤولين سابقين لم نكن نسمع لهم صوتاً ولا رأياً أثناء وجودهم على رأس عملهم، فلا تكاد وزارة ما تقوم باتخاذ قرار معيّن حتى تنهال علينا الآراء من هؤلاء المسؤولين السابقين حول صوابية  القرار المتخذ أو بعده عن الواقع، أو حول تخبّط تلك الوزارة وعدم إدراكها للعواقب الوخيمة التي من الممكن أن تنتج عن القرار المتخذ وعن انفصال من قام باتخاذ هذا الإجراء عن الواقع وعدم فهمه لطبيعة المجتمع أو السوق.. إلخ.. نقرأ تحليلات ودراسات ونرى حلولاً تطرح وخيارات يأمل من خلالها “مسؤولونا السابقون” أن تُستبدل بما اُتخذ، حتى وصلت الأمور عند البعض منهم لتوبيخ وزير ما أو توجيه اتهامٍ علنيٍّ له بعدم الدراية بما يقوم به!!

والسؤال البديهي الذي يطرحه أي مواطن: أين كان هؤلاء “المسؤولون” عندما كانوا على رأس عملهم؟ ولماذا لم نسمع لهم صوتاً؟ ولم نقرأ لهم تحليلاً، أو لم نرَ حلولهم السحرية التي نقرأها اليوم على مواقع التواصل الاجتماعي! وكيف يطلبون من نظرائهم أموراً هم أنفسهم لم يقوموا بها، خاصةً وأن بعضهم كان على رأس عمله منذ فترةٍ ليست بالبعيدة؟! لماذا نرى معظمهم منفصلاً عن الواقع وبعيداً عن المواطن وهمومه عندما يكون على رأس عمله؟ فيكون بخيلاً بالمعلومة ليس فقط على المواطن بل أيضاً على أي وسيلة إعلامية ممكن أن تتوجّه له بسؤال حول موضوع متعلق بالوزارة أو المؤسسة التي يديرها، لدرجةٍ وصلت بالبعض منهم بأن يهاجم السلطة وينتقد تفاصيل هو نفسه كان يقوم بها! فما الذي كان يمنع هؤلاء المسؤولين من التمتّع بالمصداقية والشفافية في علاقتهم مع المواطن؟!

صحيح أن المواطن يحتاج اليوم أكثر من أي وقتٍ مضى لأن يسمع وأن يكون مُطلعاً على حيثيات وغايات جملة القرارات التي تُتخذ، فمن صمد وتحمّل عبء وتعب عشر سنوات من الحرب الإرهابية التي فُرضت عليه، ووقف مع دولته وصبر ومازال يصبر، ينتظر اليوم  من مسؤوليه المزيد من الإيضاحات والشرح حول واقعه المعيشي خاصةً في ظل هذه الظروف الاقتصادية والمعيشية السيئة، وبقدر ما يكون أصحاب القرار قريبين من الناس ومتفهمين لمخاوفهم وقلقهم وصادقين بكلامهم معهم بقدر ما سنتمكن من مواجهة  ومقاومة الصعوبات بأقل الخسائر الممكنة، ولكن الصحيح أيضاً أنه يحتاج إلى من يتعامل معه وينظر إليه على أنه راشد يعي ويتحمل المسؤولية ومن حقه المشاركة في اتخاذ القرار، لا أن يتم التعامل معه على أنه قاصر نحجب المعلومات عنه عندما نكون في سدة المسؤولية ونتذكره فقط عندما نكون خارج دائرة القرار لأهداف شتى، قد تكون “النكايات” واحدة منها، وقد تكون “عقدة الأستذة” المزمنة، ولربما الشعور بالتقصير أو الإحساس بالذنب.. وقد.. وقد.. ولكنها جميعاً تقوم على فرضية أن المواطن غير جدير بـ “المشاركة” طالما “نحن” (أصحاب المعالي) في موقع القرار والمسؤولية!!

لينا عدرة