تحقيقاتسلايد الجريدة

أحاديث ما بعد العيد.. فرحة “على قدها” ومعايدات عبر الانترنت!

أتى عيد الفطر هذا العام مخالفا للأعوام السابقة، سواء من حيث الظروف الصحية التي يعيشها العالم أو من ناحية الوضع المعيشي والظرف الاقتصادي الذي يمر على المواطن السوري ليأتي كوفيد-١٩ بتأثيره الأكبر ويغير طقوس العيد كلها.

تبدل الأحوال

اعتاد الناس في كل عيد الخروج للأسواق وزيارة الأقارب والسهر في المطاعم وصنع “حلو العيد”، إلا أن الحال لم يأت على قدر الأماني، إذ اقتصرت زيارة الأقارب على التواصل عبر الانترنت والقليل فقط من اجتمع مع ذويه وجها لوجه، والحلويات لم تزر إلا موائد القلة من ميسوري الحال، حيث باتت أسعار المواد الداخلة في صنعها تناطح السحاب، فاكتفى البعض بصنع المعمول الشعبي والأكثر تواجدا في البيوت بمواد قليلة وحسب الوضع فوصلت التكلفة للكيلو الواحد إلى خمسة آلاف ليرة. وفيما يتعلق بفرحة الأطفال بقدوم العيد واصطحابهم للعب بالمراجيح، فقد كانت غائبة تماما بسبب فيروس كورونا والاجراءات الاحترازية المتخذة للتصدي له.. إلى جانب كل ذلك، قلة قليلة أيضا من جالت الأسواق و”تبضعت”، فالأسعار كاوية ولهيبها حارق للجيوب. وبشكل عام، عيد الفطر في الـ ٢٠٢٠ جاء في ظروف استثنائية أجبرت الناس على التخلي عن معظم العادات والاكتفاء بقضاء الوقت مع العائلة في البيت وابتداع زينة وألعاب للصغار تدخل السعادة لقلوبهم.

حجر طوعي

ياسمين، أم عماد، تقول: لم نسافر هذا العيد، خلافا للأعياد السابقة التي كنا نقضيها عند الأهل في حلب، ولأسباب عدة قررنا البقاء في المنزل.. قمت بصنع بعض الحلويات بكلفة ١٥ ألف ليرة ليفرح بها الأولاد وسمحت لهم باللعب مع أصدقائهم مدة ساعة كل يوم بعد قيامي بإجراءات النظافة من تعقيم وارتداء القفازات.

بدورها، أم أليسار قالت: بسبب غلاء المواد الداخلة في صنع الحلويات، فكرت أن أشتري من السوق لكني فوجئت بالغلاء، ففي حال رغبت بشراء تشكيلة حلويات سأحتاج لـ ١٠٠ ألف تقريبا، وزوجي موظف عادي، وأنا ربة منزل، لذلك صنعت معمولا في البيت بكلفة ١٠ آلاف ليرة. وبالنسبة لطقوس العيد، تقول: حتما تغيرت العادات بسبب فيروس كورونا.. تواصلنا مع الأقارب وتبادلنا التهاني على الموبايل والفيديوهات، ولم اسمح للأطفال بمغادرة المنزل.. حاولت اللعب معهم بحيث لا يشعرون بالملل .

رضا

وبعد إعلان الحكومة منع أي مظاهر تجمعات تتعلق بالعيد، خاصة ألعاب الأطفال بكل مكوناتها وصالات الألعاب على مستوى الوحدات الإدارية بالمحافظات، لاقى هذا القرار ترحيبا من الأغلبية، فالصحة – كما يقولون – هي العيد بحد ذاته. ومع السماح بالتسوق حتى السابعة مساءً ورفع الحظر الليلي بات بالإمكان التجول بعد أخد الاحتياطات والسفر، وكذلك لمعايدة الأهل والأقارب، أما فيما يتعلق بالأطفال، فإن للوالدين الدور الأكبر في شرح الظرف الحالي لهم واللعب معهم داخل البيت.

ظرف وقرار

الخبيرة الاجتماعية والنفسية لمى الصفدي كان لها رأي آخر، إذ حاولت بث جرعة من التفاؤل والأمل في خضم سوء الأحوال، وقالت لـ “البعث”: تعتبر تجربة هذا العيد استثنائية بكل المقاييس خاصة بوجود ظرف اقتصادي وأمني ضاغط، بالإضافة لوضع الفيروس، لذلك من الأفضل والأسلم أن يكون العيد داخل البيت.

وتضيف الصفدي: لننظر إلى الجانب الإيجابي ونصف الكأس الملآن.. قد يكون الوضع سيئا لكن فكرة وجود الأهل جميعا داخل البيت كان لها أثر إيجابي، خاصةلدى الذين يعملون طول الوقت دون إيلاء أطفالهم الاهتمام بسبب مشاغل الحياة..

النقطة الثانية – تقول الخبيرة الاجتماعية – هي أن السعادة تصنع بأبسط المقاييس، إذ بالإمكان صنع الحلويات بإمكانات بسيطة لكن الأهم السماح للأطفال بالمشاركة بصنعها، كذلك صنع زينة بأدوات أيضا بسيطة ومشاركة الأبناء بها، وهذا ما قمت به مع أولادي لنشعر بفرحة العيد. ويمكن أيضا التواصل عبر الإنترنت مع الأقارب!

بالمجمل هذا العيد مختلف لكن – تقول الصفدي – دائما في الحياة هناك قاعدة “المهم والأهم”، أي أن لكل فترة من حياتنا  أولويات، فالعيد مهم لكن الأولوية للصحة والسلامة، وهي ما يجب الاقتداء به، وبما أن الأهل بخير والأطفال بصحة جيدة فهذا هو العيد. وقد يكون هناك اختلاف لكنه اختلاف مؤقت، بالتالي أي شيء مؤقت علينا تقبله، ويمكننا إقناع أطفالنا أيضا أن الفيروس والظرف الاقتصادي أمور عابرة وقد يكون العام القادم أفضل،  لذلك كلما كانت حدة التذمر أقل والسلبية في طرح الأفكار أقل، كلما كانت الأمور أفضل، وقد نجد أناسا متذمرين رغم ظروفهم الجيدة جدا وأناسا إيجابين رغم أحوالهم السيئة، لذلك فالحياة قرار والأفكار هي النقطة الأساسية، ويمكن أن نكون سعداء في هذا العيد وبأبسط الأمور.

نجوى عيدة