دراساتصحيفة البعث

على الصين أن تهزم مخططات أمريكا الخبيثة

ترجمة وإعداد: علاء العطار

تشكل الصين بجبروتها الاقتصادي وقوتها العسكرية وأهميتها التجارية سوراً منيعاً أمام غطرسة الولايات المتحدة التي لطالما حاولت عبر إداراتها المتعاقبة هدم هذا الصرح العملاق دون جدوى، معتقدين أن الصين ستعتنق النظام الليبرالي لما بعد حقبة الحرب العالمية الثانية لا أن تسعى إلى هزيمته.

أدى نجاح الرئيس شي جين بينغ في تحقيق طموحه في تحويل التلال والصخور المنخفضة في بحر الصين الجنوبي إلى جزر إلى زيادة حنق الولايات المتحدة وغيرتها، فهذا يمنح الصين منطقة اقتصادية تبلغ مساحتها نحو 200 ميل بحري، ويعود أساس مطالبة الصين بهذه الأراضي إلى ما يسمى “خط النقاط التسع”، الذي يعطيها الحق بملك الجزء الأعظم من بحر الصين الجنوبي واستغلال موارده، لكن الولايات المتحدة تزعم أن بحر الصين الجنوبي مياه دولية وترفض الاعتراف بالشعاب المرجانية في الحوض والارتفاعات المنخفضة كجزر تستحق مناطق اقتصادية حصرية.

وهذا أمر طبيعي، فكلما رأت الولايات المتحدة فائدة لدولة أخرى في شيء كان تافهاً في نظرها، يصبح هذا الشيء محور اهتمامها، كالطفل الصغير الذي ضجر من لعبته فرماها، وما إن لعب بها طفل آخر طالبَ بها، لكن في هذه الحالة لم تكن اللعبة لها أساساً، وها هي تدرس إمكانية الاعتراف بإيتو آبا كجزيرة وتدفع تايوان للمطالبة بها، وهي جزيرة متنازع عليها بين الصين وفيتنام والفلبين وتايوان، كما أنها تحرّض تايوان على رفض الاعتراف بصين واحدة على أساس قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758 لعام 1971، فتحاول بذلك صد طموحات الصين في بحر الصين الجنوبي.

تستغل الولايات المتحدة في سبيل ذلك جائحة كورونا، فمنذ أن تفشى الفيروس حثّت تايوان على الانضمام إلى منظمة الصحة العالمية ككيان منفصل، ودعمت هذه المؤامرة بكل قوتها، في الحقيقة، ضغط بعض المسؤولين الأمريكيين على منظمة الصحة العالمية لتسمح لجزيرة تايوان بحضور اجتماع جمعية الصحة العالمية دون قيد أو شرط.

وتتضح محاولة الولايات المتحدة تحريض المجتمع الدولي ضد منظمة الصحة العالمية وبكين في حقيقة أن وزير خارجيتها مايك بومبيو شخصياً حث البلدان حول العالم على دعم مطلب تايوان غير المعقول، وكان يضغط على المدير العام لمنظمة الصحة العالمية تيدروس أدهانوم غيبرييسوس ليدعو الجزيرة إلى حضور جمعية الصحة العالمية.

إن الدعم الأمريكي النشط لسلطات تايوان “المؤيدة للاستقلال” هو واحد من سلسلة تحركات أمريكية أدت إلى تدهور العلاقات الصينية الأمريكية في السنوات الأخيرة، فهي تلعب “ورقة تايوان” لتخلق مزيداً من المشاكل السياسية للبر الرئيسي الصيني، وتحويل انتباه الشعب الأمريكي عن فشل الإدارة في السيطرة على تفشي الفيروس التاجي في بلادها.

وتعتزم واشنطن، عبر دعم المطالبات الانفصالية علناً، تكثيفَ النزاعات عبر المضيق والحصول على سطوة أكبر أمام بكين، ولا تكترث واشنطن مطلقاً أن الجزيرة في هذا الصراع الصيني الأمريكي قد ينتهي الأمر بها لأن تكون أكثر من يتضرر ويعاني.

وفي الرابع من أيار، كررت منظمة الصحة العالمية أن جمهورية الصين الشعبية هي الممثل الشرعي الوحيد للصين لدى الأمم المتحدة، ويتعين على منظمة الصحة العالمية، بصفتها منظمة تابعة للأمم المتحدة، أن تلتزم بقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 2758، الذي ينص صراحة على أن تايوان جزء لا يتجزأ من الصين وأن كلا جانبي مضيق تايوان ينتمي إلى صين واحدة.

ليس بإمكان تايوان حضور جمعية الصحة العالمية أو المشاركة في أي نشاط لأي منظمة دولية كمراقب، إلا بعد أن تعترف بمبدأ الصين الواحدة، وما إصرار الولايات المتحدة على قبول منظمة الصحة العالمية لتايوان ككيان منفصل إلا انتهاك لقرار الأمم المتحدة رقم 2758 وللمبادئ الدولية والنظام العالمي الحالي، وعلى مدى السنوات الأربع الماضية، حاولت الولايات المتحدة إجبار المنظمات الدولية على إدراج تايوان ككيان منفصل لكنها فشلت في مخططاتها الخبيثة، كما أن محاولتها الأخيرة محكوم عليها بالفشل.

إنها حقبة تعددية الأطراف، إذ ولت تلك الأيام التي تلاعبت فيها الولايات المتحدة بالمنظمات العالمية للحفاظ على هيمنتها، فطبقاً لميثاق الأمم المتحدة: إن الأمم المتحدة والهيئات التابعة لها مبنية لخدمة جميع البلدان والشعوب وليس دولة واحدة وشعبها، والولايات المتحدة على كبر عضلاتها ودعم حلفائها الأعمى، لم تتمكن من تغيير هذه الحقيقة في الآونة الأخيرة، ولم تنجح في منع العديد من البلدان النامية من التمسك بالعدل والعدالة في العلاقات الدولية أو في حل النزاعات الإقليمية والعالمية.

تايوان جزء من الصين ويجب أن تعترف بمبدأ صين واحدة لتكون مؤهلة لحضور أنشطة المنظمات الدولية، ولن تنجح الولايات المتحدة أبداً في محاولتها استغلال الوباء لدعم “استقلال تايوان”.