ثقافةصحيفة البعث

بروكار.. فكرة فقيرة وإخراج متواضع!!

كانت مهمة فن الدراما عبر العصور ومازالت تتمثّل في تطابق الشكل مع المضمون في وحدة نسيجية متماسكة ومتجانسة، وما أكثر الأعمال الدرامية التلفزيونية السورية التي نجحت شكلاً وإخراجاً وتمثيلاً، وأعجبت الكثير من المشاهدين، وكانت بمثابة الواجهة الراقية للدراما السورية التي وصلت لأوجها في السنوات العشرين الماضية، لكنها بدأت تشهد تراجعاً مخيفاً منذ سنوات لأسباب عديدة، يأتي في مقدمتها اعتمادها على الكم، وابتعادها عن النوع والجودة، وبات همها ربحياً أكثر منه فكرياً وفنياً، فأتت أكثر أعمالنا فقيرة من حيث الهدف والمضمون، ولم يستطع المشاهد العادي أن يجني من مشاهدتها أية فائدة فكرية أو اجتماعية أو ثقافية تذكر، فمرت في ذاكرته دون أن تترك أثراً أو تطرح سؤالاً يتعلق بحياة الناس، وسبل مواجهة مشكلاتهم المتفاقمة.

وقد برزت في الآونة الأخيرة أعمال البيئة الشامية بأجزائها المتكررة، فنجح بعضها، وحظيت بمتابعة جماهيرية كبيرة، لكن موضة هذه الأعمال بات العمل فيها من باب الاستسهال حتى لو كانت على حساب الذائقة الفنية.

هذا الموسم حظينا بمتابعة مسلسل البيئة الشامية بروكار للكاتب سمير هزيم، وإخراج محمد زهير رجب.. المسلسل افتقد طوال حلقاته إلى عناصر التشويق والإدهاش والإبداع والإمتاع والإقناع، وأؤكد على كلمة “الإقناع” التي وضعتها بين قوسين، إذ إن الكثير من المشاهد جاءت رتيبة ومملة من جهة، وغير مقنعة وفاترة من جهة أخرى.

الفكرة الأساسية للعمل عادية ومتواضعة لم يأت المخرج بأي شيء جديد، بل على العكس وقع في العديد من المطبّات، ابتداء من قيادته لشخصيات العمل، حيث لم نر شخصية زعيم الحارة المعروف عنها بصلابتها وقوة شخصيتها، وتعاون ومحبة أهل الحارة لها، فهذه الصفات غابت عن أداء الزعيم “أبو النور” (عبد الهادي الصباغ)، مروراً بأداء الكومبارس وحركته التي بدت مصطنعة ومكشوفة للمشاهد ضمن أزقة الحارة الشامية التي من المفروض أن تعج بأهلها، وانتهاء بأخطاء إخراجية اعترف بها مخرج العمل بعد نهاية عرضه، وما زاد الأمور سوءاً أن العمل جاء ليكرّس مفاهيم شاذة ومغلوطة لا تتناسب مع تلك الفترة الزمنية، فتبادل الكتابة على الجدران بين العاشقين “بثينة والدكتور عصمت” بعبارات الحب والشوق على جدران الحارة في وضح النهار في حارة مكتظة بالناس، حيث سعى المخرج إلى إفراغ الحارة من أهلها في هذه المشاهد.

والخطأ الأكثر إيلاماً عندما قام الهمشري (سعد مينه) بأسر عسكري فرنسي خارج الحارة، وارتدى ملابسه العسكرية.. إلى هنا، والمشهد مازال مقبولاً، لكنه دخل المعسكر الفرنسي دون أن ينتبه إليه أحد، مع العلم أنه ملتح، وشعره الكثيف المسدول كاف ليفضح أمره، وتابع دخوله لمكتب الجنرال، ووضع خنجراً على طاولته في مشهد لا يمكن أن يقنع طالباً في المرحلة الابتدائية.

لم يتمكن المخرج من إيجاد طريقة إخراجية مقنعة لاحتراق المشغل المتواجد بقلب الحارة، فكيف يمكن أن تقوم إحدى عاملات المشغل الحاقدة على زميلاتها بإدخال عبوة من المواد القابلة للاشتعال، وتقوم برشها وسط تواجد أكثر من عشر بنات يرقصن داخل المشغل دون أن تنتبه إليها إحداهن، وبعد أن احترق المشغل قام في الحلقة السابعة والعشرين، أي بعد مرور أربع حلقات، ببث مشهد من داخل المشغل والبنات يعملن به، وهذا الخطأ اعترف به مخرج العمل.

الممثلون لم يوفقوا على الإطلاق في أداء أدوارهم باستثناء الممثل يزن خليل (الدكتور عصمت) الذي نجح في تقديم أداء جيد أكد خلاله أنه مشروع نجم لا محالة، ونجد أن باقي الممثلين أدوا أدوارهم دون حرفية أو حرارة، فكانوا مشخّصين وليسوا مجسّدين رغم أن أغلبهم يعتبر من نجوم الدراما السورية.

مهند الحسني