محليات

قبل فوات الأوان!!

لا شك أن القرارات الحكومية الأخيرة بعودة دورة الحياة الطبيعية لكامل خريطة العمل المؤسساتي والإنتاجي تؤسّس لمرحلة جديدة ومهمّة تترافق مع محددات وشروط جديدة قد تكون أصعب، وربما معقدة للغاية، في ضوء ما يستجد من تحديات حقيقية على مختلف المستويات، ما يتطلّب البحث عن حلول ومخارج للكثير من القضايا والملفات المستعجلة، والتي تستدعي مراجعة متأنية للحقائق على الأرض وإجراء تحليل دقيق للواقع الراهن ومجمل البيانات لكشف مكامن الضعف وتحديد مواقع القوة، وبالتالي إيجاد أفضل السبل والطرق للتقدّم خطوات جريئة باتجاه مواجهة التحديات والأزمات المتوقعة.

ومن المؤكد، في ضوء هذه الظروف، أنه لم يعد منطقياً التعامل بالعقلية والأريحية نفسها مع الحاجة الملحة لاستمرار العمل ورفع وتائر الإنتاج، والذي يصطدم بحواجز كثيرة، أبرزها عدم التقدم أدنى خطوة على صعيد تحديث التشريعات والقوانين وإعادة تنظيم العلاقة بين جميع الشركاء في القطاعين العام والخاص، يضاف إلى ذلك المشكلات العالقة لناحية مصادر التمويل والسياسات النقدية والمصرفية غير الواضحة، وقضايا أخرى ذات صلة بملفات متعثرة، منها ضعف الإمكانات والموارد وغياب أية منهجية واضحة لإدارة ملف الاستثمار وإقامة مشاريع حيوية وإستراتيجية وتنموية، ما أدى بالنتيجة إلى تراجع ملحوظ في مؤشرات النمو وضاعف من البطالة وأهدر عشرات الفرص الحقيقيّة للاستفادة من الطاقات والموارد المتاحة.

هذا الجدل والنقاش عمره عشرات السنين، وما زلنا نراوح في المكان، إن لم نتراجع، حيث لم تنفع عشرات بل مئات الاجتماعات والقرارات في إحداث التغيير المطلوب. ونعتقد أن الفرصة اليوم متاحة أكثر من أي وقت مضى، بل على العكس الضرورة الملحة تفرض على الجميع تغيير الفكر والنهج، وهي مسؤولية مشتركة تقع في المقام الأول على الفريق الحكومي الاقتصادي، والمطلوب منه وضع رؤية شاملة وواضحة للعملية الاستثمارية والإنتاجية، وتقديم التسهيلات والمحفزات وكلّ الدعم المطلوب لإطلاق المزيد من المشاريع الإستراتيجية، وخلق بيئة جاذبة للاستثمار تُغري أصحاب رؤوس الأموال الراكدة والمهاجرة، وهو ما يتطلّب أن تقترن الأقوال والوعود بالأفعال على الأرض، وبما يساهم في جسر الفجوة وردم الهوة بين آليات العمل – التشريعية والتنفيذية – وصولاً إلى تحقيق الشراكة الحقيقية في عملية البناء والنمو.

ونرى أن أي تأخير في إجراء مقاربة شفافة ومنطقية، بين ما كنّا عليه قبل وباء كورونا وما بعده، سيضاعف من الأثر السلبي على واقعنا الاقتصادي والمعيشي، وهو ما يجب أن تضعه الحكومة في الحسبان وتأخذه بعين الاهتمام والاعتبار قبل فوات الأوان.

معن الغادري