دراساتصحيفة البعث

ترامب يعلن الحرب على الشعب الأمريكي…

ترجمة وإعداد: هناء شروف

 

عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي على حشد خارج البيت الأبيض، أعلن دونالد ترامب الحرب على الشعب الأمريكي الذي احتج على وفاة جورج فلويد، كان فلويد رجلاً أسود قتل يوم 25 أيار بعد أن غرس ضابط شرطة مينيابوليس ديريك تشوفين ركبته في رقبته لمدة 8 دقائق و 46 ثانية، ولكن بعد أسبوع من الاحتجاجات التاريخية، من الواضح أن هذه الانتفاضة لا تتعلق فقط بفلويد، بل إنها تتعلق بكل ظلم تم إلحاقه بالمجتمع الأسود منذ نشأة هذا البلد الذي شابته الإبادة الجماعية والرق، وتتعلق أيضاً بكل أشكال غياب العدالة، بحيث إن هذه الانتفاضة حطمت أصناماً عدة، منها صنم الرأسمالية الأمريكية (المتاجر الفاخرة)، ودولة الشرطة الأمريكية (منطقة مينيابوليس الثالثة)، والعنصرية الأمريكية (التماثيل الكونفدرالية).

ردت الشرطة بعنف لا يمكن تصوره، لقد قادوا المركبات ودهسوا المتظاهرين، واعتدوا على الناس في ممتلكاتهم الخاصة، وجرحوا الصحفيين والمتظاهرين السلميين بأسلحة غير فتاكة و”أقل فتكاً”، وقد فعلوا ذلك بتأييد كامل من رئيس غرّد: “عندما يبدأ النهب، يبدأ إطلاق النار”.

استدعى ترامب الحرس الوطني، ولكن لكي ينزل الجيش إلى الأراضي الأمريكية سيتعين على شاغل البيت الأبيض التذرع بقانون الانتفاضة البالغ من العمر 213 عاماً الذي تم تفعيله آخر مرة خلال انتفاضة لوس أنجلوس عام 1992 بعد اندلاع انتفاضة في لوس أنجلوس على خلفية الضرب الوحشي  على المواطن أفريقي الأصل لرودني كينغ من قبل الشرطة، لم يكتف ترامب بالتهديد بالعنف، لكن كلامه لاحقاً عن المادة الثانية من الدستور التي تكفل للمواطنين الأمريكيين الحق بامتلاك السلاح، وعن الالتزام بالقانون، يعد بمثابة رسالة استدعاء واضحة لقاعدة مؤيديه من المتطرفين البيض الذين احتشدوا قبل نحو شهر أمام مقر المحكمة في ولاية ميشيغان حاملين بنادقهم الآلية دون أن يواجهوا أي رد فعل عنيف من الشرطة.

“إذا رفضت مدينة أو ولاية اتخاذ الإجراءات اللازمة للدفاع عن حياة وممتلكات سكانها، فسأقوم بنشر الجيش الأمريكي وحل المشكلة بسرعة، والمطلوب من الحرس الوطني السيطرة على الشوارع”، هذا ما كرره ترامب، هنا لا يوجد تحذير، هذا إنذار، ما يعني أن الرئيس يعد بالعنف، أثناء حديثه، استخدمت الشرطة الغاز المسيل للدموع والرصاص المطاطي لدفع المتظاهرين بعيداً عن واجهة البيت الأبيض حتى يتمكن القائد العام من السير إلى كنيسة داخلية لالتقاط صورة فوتوغرافية مع كتاب مقدس.

لقد أعلن ترامب الحرب على شعبه، والحرب على السود احتجاجاً على حقهم في تنفس الهواء الحر في بلد مبني على دم وعظام وعرق الشعب الأمريكي، كل رجل وامرأة وطفل موجود في الشارع الآن يختنق بالغاز المسيل للدموع، ويتعرّض للضرب بالرصاص، لقد أعلن ترامب الحرب على كل شخص يائس من محاولته الهروب من هذا الكابوس الأمريكي.

يقول كاتب المقال: رأيت هذا وشعرت به من قبل، الأمس لم يكن استثنائياً، فقد أعلن ترامب الحرب علينا منذ فترة طويلة، عندما وصف المكسيكيين بـ “المغتصبين”، وتعهد ببناء جدار حدودي، وهو نصب تذكاري للكراهية، في الحقيقة، نحن في حالة حرب مع ترامب منذ عام 2016، أما بالنسبة للسود والسكان الأصليين فإن هذا البلد في حالة حرب معنا منذ قرون، ولا نعرف كيف نستيقظ من هذا الكابوس، عندما أنظر إلى وجه ترامب الذي يشعر بالرضى عن النفس، أجلس خائفاً من أن أفقد شخصاً من عنف الشرطة، أو بسبب كوفيد 19، أو من كليهما.

ويتابع الكاتب: كانت لدي ذكريات حية في حفل تنصيب ترامب، عندما كنا أنا وشريكي نحتج على ما كنا نعرفه بداية حكومة يمينية متطرفة خطيرة، كنا نرقص ونستمتع وسط المظاهرة عندما ساد كل شيء فجأة، استدرت ورأيت الشرطة مع معدات مكافحة الشغب تندفع نحوي، وألقيت قنابل الدخان وأعطيت الهراوات، كان هناك قناصة على السطح، شعرت بهذا الكابوس حينها، نظرت حولي في ذعر، ثم رأيت الناس، الناس البيض، يرتدون قبعات حمراء، يتجولون في الشوارع مع الهدايا التذكارية والتسوق وتناول الطعام، كنا في عالمين مختلفين، وفي عالمي، كانت هناك حرب.

يشن ترامب حرباً علينا في كل يوم من منصبه، لقد شن هذا البلد حرباً على شعبي منذ تأسيسه، في حديقة الورود بالأمس، أعلنها بصوت أعلى وبصقها على وجوهنا بقوة أكبر.

ليس لدي أية فكرة عن العنف الذي ستجلبه الأيام القادمة، خاصة إذا مرر ترامب قانون الانتفاضة، أمريكا كابوس لا ينتهي أبداً، حرب تستعر لتستمر.