رأيصحيفة البعث

10 حزيران 20 عاماً على غياب حافظ الأسد

كتب صفوان القدسي :

في تحدي الكتابة عن حافظ الأسد القصد ليس في متناول اليد
(1)
قدَّرت أن محاولة أخرى، تضاف إلى محاولات أخرى سبقت، للتحليق في فضاءات حافظ الأسد الشاسعة، والتجول في عوالمه الرحيبة، سوف يكون من شأنها أن تمكنني من إنجاز جزء يسير مما أحاول، ومنذ سنوات مديدة وعديدة، أن أفعله، وهو الاقتراب أكثر وأكثر من الرجل الذي افتتنت به افتتان العقل والقلب في آن معا، والإمساك بالمفاتيح التي تمتلك القدرة على التعامل مع الأرقام السرية التي تفتح الأبواب المغلقة، والبوابات الموصدة، لتنكشف مشاهد من هذا العالم الفسيح، تضاف إلى مشاهد أخرى سابقة، يكون من شأنها أن تجعل قدراتنا على الإبصار الناصع في وضوحه وجلائه، أكبر مما كانت عليه في أي زمن مضى وانقضى.
(2)
وأعترف، تماما، مثلما اعترفت في مرات أخرى سابقة، بأن القصد ليس في متناول اليد، فالمسافة بين المحاولة والقصد مسافة شاسعة يصعب اجتيازها، خصوصا حين تكون هذه المسافة محفوفة بجملة إشكالات تستعصي في الكثير من الأحيان على الحل، بحيث يغدو أي جهد مبذول لاجتياز هذه المسافة الشاسعة بين المحاولة والقصد جهدا ضائعا، من دون أن يكون مأسوفا عليه. ذلك أن هذا الجهد الضائع من شأنه أن يصنع حوافز جديدة يمكن في نهاية المطاف أن تثمر جهدا غير ضائع.
(3)
وأعترف بأن التحدي كان أكبر مما توقعت وقدَّرت. ذلك أن تحدي الكتابة عن حافظ الأسد هو بحجم حافظ الأسد. وحين يكون التحدي بحجم الرجل نفسه، فإن الأمر يغدو مما لا يمكن معه الجزم بأن القصد أصبح في متناول اليد. فالحقيقة الساطعة والناصعة هي أنه مازالت هناك مسافة لابد من اجتيازها لكي يغدو القصد في متناول اليد.
ولقد فكرت طويلا، وتأملت مليَّا، وانتهيت إلى نتيجة مفادها أن تحدي الكتابة عن حافظ الأسد هو التحدي الذي يستأهل الاستجابة المناسبة، والذي يستحق المعادل الموضوعي الذي يكون من شأنه، في نهاية المطاف، أن يكون، في الأقل الأقل، في مستوى هذا التحدي الكبير.
(4)
ولقد حاولت سابقا وجازفت واستجبت، وها أنذا أحاول من جديد وأجازف وأستجيب. ولعلي أوفق بأكثر مما وفقت في مرات أخرى سبقت.
يكفيني فضل المحاولة، ويكفيني فضل المجازفة، ويكفيني فضل الاستجابة. ففي المحاولة تصميم أزعم أني أمتلكه، وفي المجازفة اقتحام لحواجز وأسلاك شائكة أدعي أني أقدر عليه، وفي الاستجابة مثابرة ومواظبة، هما من طبعي وطبيعتي، وصولا إلى هدف نبيل يستحق أن أكرس له حياتي وجهدي وفكري.
(5)
وقبل ذلك كله وبعده، فإني لا أعدو أن أكون تلميذا مجتهدا في مثابة حافظ الأسد الوطنية، وقارئا مجدَّا في مرجعية حافظ الأسد القومية. وحسبي أني ارتضيت لنفسي هذا الدور، وحسبي أن أظلَّ كذلك ما دمت أمتلك القدرة على ذلك. وفي ذلك ما يدعوني إلى الاعتزاز بما فعلت، والافتخار بما سألت ربي أن يمتعني بالقدرة على الاستمرار في دور ارتضيته لنفسي، طواعية واختيارا، قناعة واقتناعا.
وفي هذا الكلام ما يغنيني
عن أي كلام .