ثقافةصحيفة البعث

ذات الرداء الأزرق

رامز حاج حسين

.. هذا عنوان خاطئ، فالقصة المشهورة – التي تكاد تكون بشهرة نزول الماء من أي صنبور حين تفتحه – عنوانها “ذات الرداء الأحمر”، أو ما يعرف في النسخة العربية بـ “ليلى والذئب”، فمن أين جاء اللون الأزرق ليحل محل الأحمر في العنوان؟ لماذا يشكل اللون فرقا في لوحات قصص الأطفال؟ وهل لمدلولاته ودرجاته أثر في عين المتلقي؟

من المؤكد أن عنصر الجذب في اللغة البصرية المقدمة في لوحات الأطفال واحد من أهم الأعمدة التي تبنى عليها عناصر الجذب، إن لم يكن أهمها، ذلك أن أول ما يشد الطفل والأهل لشراء القصة، أو لتصفحها، هو قوة التكوين والتشكيل اللوني الجاذب على غلافها الخارجي.

كيف نضع أبطال الحكاية؟ وبأي وضعية نشكلهم في فضاء الصفحة الواجهة؟ وبأي عمق وفلسفة لونية نضعهم ونوظفهم؟

ألواننا باردة من درجات الأزرق وجيرانه في الدائرة اللونية ليكون الداعي اللوني – هنا – هو الطمأنينة والهدوء والتلقي الهادئ للغلاف، أم الدرجات الحارة من الأحمر وجيرانه من ألوان الدائرة. وقد نلتقي أثناء البحث عدة نظريات حول أثر الألوان النفسي في ذائقة الطفل وفي وجدانه، وقد تختلف الآراء حول الأنجع في الطرح والأمثل في الخيار.

اللوحة الطفلية وألوانها

كما كل الفنون فإن اللوحة الطفلية جزء من منظومة فنية تدل، بشكل أو بآخر، على إتقان مبدعها لفنه وقدرته العالية على تشكيل موضوعها بطريقته الخاصة، وتدل أيضاً على تمكنه من أدواته وتقنياته وأهمها اللون وتدرجاته وتوزيعه البصري بشكل يجعل هذه اللوحة مميزة عن تلك اللوحة، فاللوحة التي تحمل سلاماً وسكينة حين النظر إليها تدل، بلا شك، على تعب وجهد مشكور للفنان الذي تعب كثيراً للوصول إلى هذا الانسجام البصري للألوان. ويستحق أطفالنا أن لا نستسهل ذائقتهم ولا نستخف بها لأنهم فطروا على الجمال السوري ورضعوه مع حليب الأمهات، فحريّ بفناني القصص الطفلية أن يكونوا نساجين مهرة للألوان يعرفون كل لمسة لونية من ريشتهم أين يجب أن يكون موضعها الدقيق والجميل.

التجربة والبرهان

برأيي.. فإن كل منا كفناني رسوم قصص الأطفال يستطيع أن يكون لنفسه من القراءات المنوعة خزينة فكرية يصقل بها موهبته ويجعل ريشته تسير على خطى دليل ثقافي واع، والأنسب هو الخروج بمنظومة تشكيلية في الخطوط مع مجموعة متجانسة من التدرجات اللونية من خلال استقراء ودراسة رسوم الأطفال أنفسهم في محيطه، لأنهم المتلقي الأخير لأعماله ولأجلهم يصنع لوحاته ويلونها وحين تفهم ذائقة هذا المتلقي فأنت أكيد من وصولك السهل لمرضاته وإمتاعه والأخذ بمخيلته إلى حيث تريد من تلك القصة التي ترسمها.

بين الأحمر والأزرق

في العودة للعنوان الكاسر لأفق التوقع تعالوا جميعا يا فناني رسوم القصص الطفلية لنقوم بتجارب مشتركة مع الأطفال لتغيير المفاهيم التي درجت لسنوات عدة بحيث نفهم منهم أنفسهم أسباب عزوفهم عن قصص الأطفال المحلية ورسومها، لماذا يفضلون الرسوم الأجنبية، حينها سنتلمس بشكل جلي أين أصبنا وأين أخطأنا.. لنعزز نقاط الصواب ونتلافى نقاط الخطأ، ونشكل ورشة عمل بناءة تشاركية مع الطفل نفسه ثم نغلف نتائجها بخطواتنا الأكاديمية الواعية، ونصنع قصة جديدة عن طفلة جميلة تصارع الذئب بعقلها وتنتصر عليه وهي ترتدي رداءها الأزرق.