سلايد الجريدةصحيفة البعثمحليات

الفواتير الممزقة موضة التجار ومدير “حماية المستهلك” يدير ظهره للإعلام!!

لا يختلف اثنان على تأثير العقوبات الاقتصادية والحصار الجائر على الحياة المعيشية للمواطن، ما يعني تضييق الخناق لإضعافه، إلا أن ما زاد الطين بلة جشع واستغلال التجار للأزمة، حيث راحوا يضخمون الموضوع وبث الذعر والهلع في الأسواق لترتفع الأسعار بشكل جنوني بين ليلة وضحاها، بل وبين لحظة وأخرى مع نشر إشاعات عبر بائعي المفرق بأن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعات أكثر وأكثر، ما دفع البعض لشراء كميات كبيرة من المواد الغذائية خوفاً من فقدانها مع إغلاق المحال لبعض التجار بحجة عدم ثبوت الأسعار وخوفاً من الخسارة حسب زعمهم.

تطبيل وتزمير

أما المواطن فقد ملّ من كثرة الكلام عن الرقابة التموينية والضبوط كون الحملات التموينية وموضة الضبوط لم تأت أكلها، في ظل وجود فلتان كبير في الأسواق، ليعتبر المواطنون أن الضبوط اليومية ليست إلا “تطبيلاً وتزميراً” من قبل حماية المستهلك، إضافة إلى تواطؤ بعض مراقبي التموين مع التجار، في ظل وجود تفاوت كبير في الأسعار من محل إلى محل في المنطقة نفسها بشكل مزاجي، مع تحكم أصحاب المحال الذين يضربون عرض الحائط بكل القرارات والإجراءات التموينية القاصرة التي لم تقنع المستهلك من خلال أجهزتها الرقابية، وخاصة في ظل الانتقادات وعدم الثقة، مع الدور الرقابي المفقود، لاسيما وسط فوضى الأسواق وتناقضاتها وحالات الاحتكار وفلتان ظاهرة التلاعب في المواصفات واتساعها، وبيع الأغذية والمواد والسلع المغشوشة، لتكون دوريات حماية المستهلك هي الحاضر الغائب، كما وصفها بعض المتابعين الذين أكدوا أن تصريحات المعنيين لا تغني ولا تسمن من جوع، في ظل عدم توفر النية والإرادة والبرنامج الواضح  المنطلق من أخذ دور وزارة “حماية المستهلك” في ظل الأزمات، وخاصة أن الظروف الاستثنائية تحتاج لإجراءات استثنائية تكون أكثر فاعلية وتأثيراً في مثل هذه الأوقات، وطالب المواطنون بتشديد العقوبات على التجار الذين يتحكمون بالأسواق مستغلين فساد بعض دوريات الرقابة، لاسيما أنه لم يعد يخيف أصحاب المحال تهديد المواطن بالشكوى لدوريات الرقابة، وخاصة أن التجار يعرفون كيف يتصدون للشكاوى من خلال “المرهم الشافي” كما وصفه أحد المواطنين.

هروب من المخالفة

ولم يكن المستهلك ضحية الفلتان وغلاء الأسعار، فهناك محال لبائعي المفرق معاناتهم مع تجار الجملة، حيث كشف بائعو مفرق عن رفض بائعي الجملة والموزعين تقديم فواتير بحجة تذبذب الأسعار، إضافة إلى وجود موضة جديدة في حال إعطاء فواتير، حيث يقوم الموزع وبائع الجملة بتمزيق اسم الشركة أو المعمل من الفاتورة والإبقاء على الفاتورة، وذلك كي يضلل حماية المستهلك في حال تقديم الفواتير لدورياتها، وقد حصلت “البعث” على نماذج من الفواتير الممزقة.

ومن أجل متابعة الموضوع مع وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك قمنا بالاتصال مع مدير حماية المستهلك في الوزارة علي الخطيب أكثر من مرة وعلى مدار أيام، ولكنه لم يرد على اتصالاتنا، علماً أنه عرف سبب الاتصال، لكن للأسف لم يستجب لنا، ما ترك الشك والاتهامات الموجهة  لمديرية حماية المستهلك حسب تأكيدات متابعين لعمل المديرية.

ضبوط ومتابعة

وما كان لنا إلا الاستعاضة بمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك في ريف دمشق، حيث كانت استجابة مديرها لؤي السالم سريعة، ولم يخف انتشار ظاهرة الفواتير الممزقة، حيث تمت متابعة أكثر من شكوى وتنظيم ضبوط بحق المرتكبين، خاصة أن تمزيق الفاتورة يعتبر تزويراً، إضافة لرفع الأسعار.

وأوضح السالم أن المديرية تبذل جهوداً مضاعفة لكبح ومنع حالات الجشع والطمع والغش التي ظهرت في الآونة الأخيرة مع محاولة التجار لرفع الأسعار بشكل مخالف، وذلك من خلال انتشار عناصر الرقابة التموينية على مساحة المحافظة ومراقبتها للأسواق وحركة انسياب هذه المواد خلال هذه الفترة.

وبيّن السالم أن المديرية نظّمت أكثر من 4820 ضبطاً تموينياً منذ بداية العام وحتى نهاية شهر أيار منها 4452 ضبطاً عدلياً، و368 ضبط عينة (غذائية – غير غذائية سعرية).

وأشار السالم إلى متابعة وضبط ورشات ومعامل مختلفة حيازة مواد منتهية الصلاحية، وغش وتدليس في البضاعة ذاتها، وعدم وجود مواصفات وبيانات، إضافة للغش في صناعة كباب الدجاج، وفرم اللحم مسبقاً، وحيازة مواد مجهولة المصدر، كما بلغ عدد الإحالات موجوداً إلى القضاء للفترة نفسها 32 إحالة بمخالفات جسيمة، كما بلغ عدد الإغلاقات الإدارية المنفذة بحق الفعاليات المخالفة أكثر من 700 إغلاق تراوحت مدتها بين 3 أيام وحتى الشهر، تبعاً لجسامة المخالفة، ولفت السالم إلى تعديلات مرتقبة في قانون حماية المستهلك ستكون رادعة للمخالفين.

التخطيط السليم

ومع العقوبات الجائرة وجشع التجار وغلاء الأسعار يرى خبراء اقتصاديون أن الأمن الغذائي هو من أهم أسباب وعوامل الصمود في وجه المخطط الكوني الاستعماري  ضد سورية، حيث أشار الخبير الاقتصادي الدكتور أحمد دعاس إلى ضرورة التخطيط الصحيح ووضع دراسات ذات جدوى، وخاصة ما يتعلق بالقطاع الزراعي الذي يعتبر قطار التنمية المستدامة، داعياً وزارة الزراعة والجهات المعنية إلى الاهتمام بهذا الجانب، ومسح كل الأراضي الصالحة للزراعة التي يمكن استصلاحها وإصدار قرار واضح ودقيق لمنع البناء عليها بشكل نهائي.

ولم يغفل دعاس أهمية الثروة الحيوانية وتقديم كافة المستلزمات للمربين وتخفيف العناء عليهم وتأمين الأعلاف بأسعار مقبولة، ما يؤمن المنتجات الحيوانية في الأسواق بأسعار مقبولة، لافتاً إلى التخطيط المسبق للأراضي غير القابلة للزراعة بشكل نهائي للسكن والصناعة وغير ذلك، إضافة للاهتمام بالأمن المائي لاستثمار كل نقطة مياه صالحة للشرب أو للزراعة، مع تأمين البذار والأسمدة والمبيدات الحشرية والصناعة الغذائية وكل المعدات التي تحتاجها الزراعة لتطويرها من حيث الكم والنوع.

تدخل إيجابي

ويأمل متابعون من القائمين على وزارة “حماية المستهلك” أن تكون هناك حلول سريعة لضبط الأسواق وإصدار القرارات المناسبة من أجل تحسين أداء المراقبين وتوجيه المديرين المعنيين بالتعاون مع الإعلام كونه شريكاً أساسياً، إضافة إلى  تعميق التدخل الإيجابي وزيادته قدر المستطاع عبر توفير السلع والمواد، وخاصة الأساسية لتخفيف الهوة بين الطلب والعرض وكسر الاحتكار واستقرار الأسعار.

علي حسون