اقتصادسلايد الجريدةصحيفة البعث

كُسر التوتر بين “حماية المستهلك” والتجار للمرة الأولى.. فهل ينعكس “تبويس الشوارب” خيراً؟

دمشق – ريم ربيع

لم يكُن لقاء وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك طلال البرازي كما سبقه من لقاءات طغت فيها الخلافات وتناقض الآراء، فالاجتماع الذي عقد أمس في غرفة تجارة دمشق جاء في وقت حساس للغاية أمام اشتداد الضائقة المالية المترافقة مع الارتفاع الخيالي في الأسعار وفلتان الأسواق والتخبط الذي وصل إلى إغلاقات بالجملة، وسيطرت على أجواء الاجتماع إيجابية متبادلة بين الطرفين، عبّر عنها رئيس اتحاد غرف التجارة غسان القلاع حين أبدى إعجابه وتفاؤله بحديث الوزير الذي بادر، للمرة الأولى منذ 47 عاماً، بزيارة الغرفة قبل أن يزوره التجار، مشيراً إلى أن هذه المرة الأولى التي يتحدث فيها وزير بهذه الطريقة مع القطاع الخاص.

تشاركية

أفرد البرازي حيزاً كبيراً في حديثه – الوجداني إلى حدّ كبير – للتأكيد على الشراكة بين الحكومة والتاجر في مواجهة الحرب الاقتصادية والحصار اليوم، مؤكداً أن هذه المواجهة يجب أن تخلو من الثغرات التي لا يمكن إنكار وجودها الحالي لدى “البعض” من التجار والمحتكرين، والذين لا يتجاوزون برأيه 5% في القطاع الصناعي والتجاري ممن تهمهم المصلحة المادية أولاً، مضيفاً: “لا تستطيع مؤسسات الدولة وحدها تغطية احتياجات المواطنين وأغلب الاعتماد يقع على تجار التجزئة”، مشدداً على الاستعداد للمرحلة المقبلة وعدم إعطاء العقوبات الاقتصادية أكثر من وزنها، فتأثيرها لا يتجاوز 50% من حجم التهويل الإعلامي المرافق لها، كما أكد على أن سعر الصرف سيستمر بالانخفاض، والحكومة جادة في استقرار الوضع الاقتصادي بدعم الجناحين الزراعي والتجاري.

استنهاض الهمم

“التجار هم الشركاء الأقرب لنا”، هي النقطة الأساس التي شدد عليها الوزير “التاجر أساساً”، مترافقةً مع تجاوب غير مسبوق وتغيير في العقلية رآه التجار مصالحة معهم لأول مرة في تاريخ هذه الوزارة، كما حاول البرازي “استنهاض” ما يقدر من همم التجار لإطلاق مبادرات تخفف من وطأة التدهور المعيشي للمواطن على أن تكون حقيقية لا إعلامية، الأمر الذي لاقى تجاوباً من عدد كبير من الحضور الذين سرعان ما أعلنوا عن حسومات وتخفيضات لمختلف المنتجات الغذائية والنسيجية وغيرها، لعلّ هذه المبادرات ترى الضوء ولا تقتصر على قاعة الاجتماعات في الغرفة!

ليس شماعة

بدوره، رأى أمين سر اتحاد غرف التجارة محمد حمشو أن الوزير أعطى التجار حقهم في حديثه عن الأغلبية العاملة منهم، مؤكداً أن أكثرهم لا مشكلة له مع “قانون قيصر”، ولن يستخدموه كشماعة، فمازال التجار يؤمنون المواد بأساليب مختلفة وسيستمرون في ذلك ولن يُفقد أي شيء من السوق، مضيفاً أن أزمة كورونا والإغلاق والركود أنقذ الوضع الاقتصادي من الانهيار أكثر، وليس كما قيل في مجلس الشعب منذ أيام بأن كورونا هي السبب! واعتبر عضو  مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق محمد الحلاق أن التشريعات وبيئة الأعمال بحاجة إلى تعديل، فبعض التشريعات غير قابلة للتطبيق، موضحاً أنه من غير المجدي التركيز على مخالفات الأسواق بالإغلاق في هذا الظرف بدل إنعاش بيئة الأعمال، وفيما طالب عضو لجنة التصدير فايز قسومة بالحد من دخول دوريات الجمارك للأسواق، جاء الرد من حمشو قائلاً: “اسودّ وجهنا” حين اتفقنا أول مرة مع الجمارك، فكانت النتيجة أن كثرت البضائع المهربة في المستودعات!

تشدد

ورغم تجاوب البرازي مع التجار، الذين طالبوا بعدم المخالفة بإغلاق محلاتهم، إلا أنه أشار إلى دراسة قانون للتشدد في العقوبات تجاه المخالفات الجسيمة تحديداً، فمن غير المقبول احتكار المواد الأساسية، أو أن تحجب مستودعات وصول الأعلاف إلى المداجن لتتسبب بارتفاع أسعارها، مؤكداً أن الرقابة التموينية ستكون حتى على صالات السورية للتجارة فلا مبرر لعدم رقابتها، حيث يوجد بعض الأخطاء في عدد من الصالات إلا أنها تبقى محدودة، وبيّن وزير حماية المستهلك أن “السورية للتجارة” مستمرة في تخفيض أسعارها عن أسعار السوق، حيث باعت خلال يومين فقط بعد موجة الغلاء الأخيرة الكمية ذاتها التي كانت تباع في 18 يوماً! موضحاً أن المؤسسة تشكل 6 – 7% من السوق ولا تمنع أحداً من المنافسة.

تجاوب

وطغت مطالب التجار على الوقت الأكبر من اللقاء، إذ تمحور أغلبها على تسريع العمل بنظام الفوترة في ظل تهرب المستوردين وتجار الجملة من إعطاء فواتير حقيقية، والمطالبة بجعل لجنة التسعير في الوزارة أكثر منطقية في أسعارها حيث يوجد تفاوت كبير بينها وبين القطاع الخاص، والتأكيد على ضرورة إعادة فتح المحلات ليلاً، وإعادة النظر بمنع نقل النقد بين المحافظات، كما أبدى البرازي “ليونة” في موضوع تسجيل العمال والدرجات التي يسجل بها التاجر بحسب عدد عماله، وغمزَ إلى إمكانية إيجاد حل ما لهذا الأمر قريباً.