أخبارصحيفة البعث

مقتل بروكس يطلق موجة ثانية من الاحتجاجات الأمريكية

في الوقت الذي تسعى فيه إدارة ترامب للملمة الآثار المترتبة على مقتل المواطن الأمريكي من أصول إفريقية جورج فلويد، جاء مقتل الشاب ريتشارد بروكس من  أتلانتا على يد شرطة المدينة ليصب الزيت على نار الاحتجاجات من جديد، ويؤجج الشعارات المناهضة إلى نبذ العنصرية ومحاسبة المسؤولين عنها، فيما شهدت عدد من بلدان العالم، بينها ألمانيا وبريطانيا ونيوزيلندا تظاهرات حاشدة رافعة شعار “حياة السود مهمة”.

واعتقلت الشرطة الأميركية، أمس الأحد، عشرات المحتجين في اتلانتا، بعد ليل طويل من الاحتجاجات والصدامات، فيما قدّمت قائدة شرطة المدينة استقالتها، في محاولة منها لتهدئة الوضع، معترفة بأن “استخدام القوة المميتة لم يكن مبرراً”، لكن استقالتها لم تنجح في تهدئة المحتجين، الذين أحرقوا مسرح الجريمة، وأضرموا النار بالمطعم الذي قتل بروكس أمامه.

ونشرت وسائل الإعلام المحلية صوراً ظهر فيها مئات المحتجين في الشوارع والنيران تشتعل في أحد مطاعم سلسلة وينديز للوجبات السريعة، وذكرت أن المتظاهرين أغلقوا طريقاً سريعاً أمام المطعم، الذي قتل أمامه الشاب بروكس (27 عاماً).

وذكرت الصحيفة المحلية “اتلانتا جرنال كونيستيتيوشن” أن مقتل بروكس هو الحادثة الثامنة والأربعين التي يتورط فيها شرطي، وطلب من مكتب التحقيقات في جورجيا التحقيق فيها، فيما ذكرت مصادر أن مقتل بروكس زاد من حدة الاضطرابات التي تشهدها مدينة اتلانتا أصلاً منذ أسابيع إثر مقتل الشاب من أصل أفريقي أحمد اربيري، في حادثة عنصرية بحتة، وجريمة قتل فلويد على يد الشرطة الأمريكية.

وفي سياق إزالة عدد من تماثيل جنود وجنرالات امتلكوا عبيداً في عدد من الولايات الأميركية، قام متظاهرون في نيو أورليانز بتحطيم تمثال (جون ماكدونو) ورميه في نهر المسيسيبي بعد نقله على متن شاحنة من مكانه إلى النهر، وبحسب ما نقلته قناة “فوكس نيوز” الأميركية قام المتظاهرون  بتحطيم تمثال ماكدونو المعروف بـ”مالك العبد” قبل نقله إلى نهر المسيسيبي حيث ألقوه.

إلى ذلك أعرب نواب وناشطون أمريكيون عن قناعتهم بأن وزارة الدفاع الأمريكية “البنتاغون” شاركت في السنوات الأخيرة بعسكرة الشرطة في البلاد عبر تزويدها مجاناً بفائضها من الآليات المدرعة والأسلحة الحربية عن طريق برنامج مثير للجدل.

وقدم نحو مئتي نائب في الكونغرس غالبيتهم ديمقراطيون مشروع قانون لإصلاح الشرطة ينص على أن تلك الموارد التي يقدمها البنتاغون هي أسلحة حربية وأصبح ينبغي وقف عسكرة قوات الأمن.

وأحيت صور لعناصر في الشرطة بلباس عسكري وبنادق هجومية موجهة إلى المحتجين الانتقادات ضد عنف الشرطة والجدل حيال هذا البرنامج، الذي قلصه الرئيس السابق باراك أوباما بشكل كبير في عام 2015، لكن الرئيس دونالد ترامب أعاد تفعيله في 2017.

ويعد أعضاء في مجلس الشيوخ أيضاً مشروع قانون، بإشراف السناتور الديمقراطي عن هاواي براين شاتز، الذي يندد منذ سنوات بالتسليح المفرط للشرطة الأمريكية، ويقول: “العديد من دوائر الشرطة تتزود بالعتاد كما لو أنها تستعد لحرب وهذا لا ينفع من أجل حفظ الأمن”، وأضاف: “لا يعني امتلاك وزارة الدفاع لفائض أسلحة أنها بالضرورة ستستخدم بشكل جيد”.

في سياق متصل، اقترح السيناتور الأميركي بيرني ساندرز اقتطاع 74 مليار دولار من ميزانية البنتاغون لدعم الفقراء، وهي 10% من ميزانية وزارة الدفاع للعام المقبل والبالغة 740 ميار دولار، والتي تجري مناقشتها. وأشار ساندرز في تغريدة له عبر “تويتر”، إلى أنه بدلاً من إنفاق حكومة بلاده مزيداً من الأموال على أسلحة الدمار الشامل ربما يكون من الأفضل لها أن تنفق الأموال على تحسين حياة الأميركيين”.

هذا وشهدت عدة مدن ألمانية مظاهرات رفضا لعنصرية وعنف الشرطة الأمريكية، وذكرت صحيفة زود دويتشه تسايتونغ الألمانية أن متظاهرين في مدينة هامبورغ شكلوا سلسلة بشرية رفضاً للعنصرية والظلم الاجتماعي، كما شهدت مدن لايبزيغ وإرفورت ومونستر وشيمنيتز وفرايبورغ وباساو مظاهرات مماثلة.

وفي برلين شارك نحو 150 ناشطاً من مختلف الحركات اليسارية والمناهضة للفاشية، في المسيرة وحملوا ملصقات ولافتات تندد بعنف الشرطة ووحشيتها والتمييز العنصري، كما طالب المشاركون ألمانيا باحترام الآخرين وتطبيق نظام العدل عليهم والتخلي عن العنصرية.

وفي سياق التحركات الشعبية المناهضة للعنصرية، شهدت شوارع أوكلاند وويلنغتون في نيوزيلندا أيضاً تظاهرات شارك فيها آلاف المواطنين الذين ردّدوا شعارات تطالب بإلغاء التمييز في كافة أشكاله، ورفعوا شعارات تقول: إن “حياة السود مهمة”.

أما في بريطانيا، فاعتقلت الشرطة أكثر من مئة شخص بعد احتجاجات عنيفة في العاصمة لندن، اندلعت بالتزامن مع تظاهرات في عدة ولايات أميركية.

وفي اليابان، شهدت طوكيو مظاهرة حاشدة ضمن حملة (حياة السود مهمة)، وطالب المشاركون بالمظاهرة بإنهاء التمييز العنصري وانتهاكات الشرطة، ورددوا هتافات تندد بالعنصرية، كما حملوا لافتات كتب عليها “العنصرية وباء” و”لا سلام بلا عدالة”. وقال أحد المشاركين شو فوكوي 22 عاماً: “الدعاء له لا يكفي.. نحتاج لتغيير المجتمع ليس فقط من أجل جورج لكن أيضاً من أجل من ماتوا من قبل”، بينما قال ناهو إيدا 44 عاماً: “في اليابان هناك يمينيون متطرفون يتبعون أسلوباً تمييزاً مع الأعراق الأخرى.. الكوريون والصينيون في اليابان يتعرضون لخطاب الكراهية.. يتعين عدم السماح بهذه الأمور وينبغي لنا معارضتها”.