الصفحة الاولىسلايد الجريدةصحيفة البعث

الرفيق الأسد لكوادر البعث: الحزب أثبت ديناميكيته وقدرته على الانطلاق نحو المستقبل

وجّه الرفيق بشار الأسد الأمين العام للحزب يوم أمس كلمة إلى كوادر البعث مع بدء “الاستئناس” لاختيار ممثليهم للترشّح لمجلس الشعب، فيما يلي نصّها:

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

لقد شكّلت الانتخابات الحزبية على الدوام محطة هامة من محطات العمل الحزبي والسياسي.. وطريقاً لتعميق التجربة الديمقراطية في الحزب، وأساساً للعلاقة السليمة بين الحزب وقواعده. وحزبنا حزب عريق بتاريخه وتجربته الطويلة والغنية، والتي أنضجتها سنون النضال على الساحتين الوطنية والقومية.. وإن كانت تلك السنون قد حفلت بمحطات مضيئة من الفكر والتضحية والبناء، فهي لم تخلُ من الأخطاء التي يقع فيها الكثير من الأحزاب، والتي أدت لتراجع دور الحزب في بعض المراحل، والإساءة إلى صورته في مراحل أخرى. كما أدت إلى عزوف البعض عن الانخراط في تحمّل المسؤوليات الوطنية والحزبية وخسارة العديد من الكوادر الكفوءة التي رأت في تلك الأخطاء ابتعاداً عن أخلاقيات حزبنا وقيمه، وربما انحرافاً عن أهدافه. كما أن غياب الآليات والمعايير الموضوعية شكّل بعض الخلل في العلاقة بين القيادة والقاعدة داخل الحزب، وكان عقبة تسببت في انكفاء القواعد عن تحمّل مسؤولياتها، وبالتالي غيابها -أو تغييبها- عن ممارسة حقها وواجبها في الترشّح والانتخاب والمشاركة في إيصال القيادات الكفوءة لتمثيلها في المواقع الحزبية أو في المؤسسات الوطنية المنتخبة، كل ذلك أدى لحالة من الركود الحزبي على المستوى الفكري والإجرائي لم يكسر جمودَه سوى محاولات الكثيرين من كوادر الحزب، الحريصة عليه والمتمسّكة بمبادئه، إعادة الحيوية للحياة الحزبية انطلاقاً من إيمانهم بعقيدته ووعيهم لدوره الوطني والقومي.

وكان هناك العديد من الطروحات الهامة والحوارات الغنية والتي أنتجت أفكاراً عملية واقعية أخذت طريقها للتطبيق، لكن الحرب الشرسة التي شنت على سورية وتداعياتها أدت لتغيير الأولويات بشكل جذري، وأصبح الحفاظ على الوطن وما زال هو الهدف الأسمى والهاجس الأكبر.

لكن الأحزاب العريقة لا تستسلم للظروف ولا تخضع للتقلبات، وتبديل الأولويات لا يلغي الأساسيات، فخوض الحروب بأنواعها المختلفة، العسكرية والاقتصادية والإعلامية النفسية، بحاجة لعقيدة قوية، والعقيدة بحاجة لفكر، والفكر بحاجة لمؤسسات تستند إلى إجراءات تحافظ عليها وتطوّرها.

من هنا كان لا بد من القيام بأهم إجراء يحفظ المؤسسة الحزبية ويطورها ويقويها، وهو توسيع مشاركة القواعد الحزبية في اختيار ممثليهم لمجلس الشعب.. والقيام بهذه الخطوة في هذه الظروف إنما يدل على الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز ويتميز بها الحزب.. هذه الخطوة الضرورية لتجديده تنظيمياً وعقائدياً، والتي تشكّل الرد الموضوعي والساطع على من وصفوه بالشمولية والتكلّس والانفصال عن روح العصر.

أيتها الرفيقات أيها الرفاق

ما زلنا نواجه اليوم حرباً مركبة تهدف قبل كل شيء لتشويه الوعي، وضرب القيم والمبادئ، وهذه الحرب تفرض علينا مزيداً من تحمّل المسؤولية.. ورغم المخاطر الكبيرة والصعوبات التي يمر بها وطننا، وفي الوقت الذي تواجه فيه أحزاب كبرى حول العالم خطر الانحسار الفكري والانكفاء، يثبت حزبنا مجدداً قدرته ليس فقط على مواجهة التحديات والظروف الصعبة بل على مواكبة روح العصر ومتطلباته. وأتت الانتخابات الحزبية التي جرت منذ مدة لتؤكّد على ما سبق، حيث قام الرفاق باختيار مرشحيهم للمواقع الحزبية المختلفة عبر ممارسة حقهم بأسلوب ديمقراطي راقٍ وبوعي لحجم المسؤولية الملقاة على عاتقهم.

أنتم اليوم أمام مسؤولية أن تثبتوا قوة حزبنا من خلال التصاقه بقواعده الحزبية وتمثيله لأوسع الشرائح الشعبية، وتعبيره عن تطلعاتها، ومن خلال ثقة قواعده به للسير بهم باتجاه ما يطمحون له، وخاصة مواصلة تطويره ليكون قادراً على لعب الدور المنوط به في مسيرة الدفاع عن المبادئ والحقوق والسياسات التي تصب في صالح الوطن وتعزيز قدراته.

وما تجربة الاستئناس التي تخوضونها اليوم لتحديد مرشحي الحزب لانتخابات مجلس الشعب للمرة الأولى، إلا دليلاً دامغاً على ديناميكية البعث، وتطوّره، وقدرته على التكيف والانطلاق نحو المستقبل.. وهي خطوة هامة في سياق تجديد آليات الممارسة الحزبية، لكونها تتيح للرفاق الحزبيين فرصة لتحديد خياراتهم ومرشحيهم بكل شفافية ومسؤولية، وبالتالي فإن مشاركة كل رفيق حزبي في هذه العملية ستساعد في اختيار الحزب للمرشحين الأكثر كفاءة لحمل هذه المسؤولية، ما يجعل المشاركة الفعّالة للرفاق الحزبيين في عملية “الاستئناس”، ولاحقاً في انتخاب أعضاء مجلس الشعب، واجباً ومسؤولية في آن معاً ملقاة على كل رفيق.

والخيارات الصحيحة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، فاختاروا الأصلح والأنسب ولا يكونَّن في حسبان أي أحد أي اعتبارات غير الاعتبارات الوطنية.. اختاروا بعيداً عن أي ولاءات ضيقة، واعتبارات غير موضوعية، وعصبيات لا تنتمي لعقيدة الحزب الوطنية والقومية.

إن الحيوية العالية وروح التجدد التي تميز بها الحزب في أصعب الظروف، ليست إلا دليلاً على أن المبادئ لا تتكلَّس، والعقيدةَ لا تموت ما دام يحملها دمُ متجدد ونسغ حي يسري في عروق من أخلصوا الانتماء لحزبهم ووطنهم وأمتهم وعقيدتهم القومية والوطنية..

أتمنى لكم التوفيق في إيصال مرشحيكم، ومن يمثل خياراتكم الوطنية والحزبية ليكون صوتكم وصوت جماهير شعبنا في مجلس الشعب. فالديمقراطية مسؤولية قبل أن تكون ممارسة.

والخلود لرسالتنا