دراساتصحيفة البعث

جونسون يغرّد بنكهة ترامبية

 

ترجمة: هناء شروف / عن الاوبزيرفر

في الأسابيع الثلاثة الماضية أثار مقتل جورج فلويد على يد ضابط شرطة مينيابوليس احتجاجات مناهضة للعنصرية في كل ركن من أركان الكوكب، خرج الناس إلى الشوارع في باريس وبرلين ولندن وستوكهولم، حتى أصبحت عبارة “لا أستطيع التنفس” شعاراً عالمياً. صحيح أن أمريكا كانت الدافع لتلك الاحتجاجات في العديد من دول العالم، إلا أن العنصرية- في الواقع- متجذرة في تجربة كل بلد على حده.

في بريطانيا تعامل رئيس الوزراء البريطاني، بوريس جونسون، بطريقة ترامبية مع قضية التماثيل التي يطلب المحتجون إزالتها لأنها تشير إلى ماضي بريطانيا في تجارة الرقيق والعنصرية، حيث جاء رده متخذاً طابع ردود الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، حين أطلق سلسلة من التغريدات المتتابعة على تويتر، كانت بمثابة نداء مباشر عبر وسائل التواصل الاجتماعي إلى قاعدته لاستقطاب الرأي العام. لقد تجنب جونسون بأدب مسألة التماثيل السلافية، واختار التحدث بدلاً من ذلك دفاعاً عن نصب “وايت هول” التذكاري لـ ونستون تشرشل الذي شوهه المتظاهرون في نهاية الأسبوع الماضي.

الطريقة التي اتبعها رئيس الوزراء البريطاني تشير إلى أن تأثير الولايات المتحدة على العالم ضخم للغاية حتى إن الأسلوب الغريب الذي يتبعه رئيسها في الرد على القضايا أصبح يستخدم من قبل قادة آخرين، ومن بينهم جونسون.

قد لا تكون اللغة وعلامات الترقيم التي استخدمها جونسون في تلك التغريدات ترامبية، ولكنه استخدم الوسيلة ذاتها بالنمط ذاته. فهو لم يلجأ إلى إلقاء خطاب مباشر أو متلفز، بل فضل أن يكون تعامله عبر سلسلة من التغريدات على وسائل التواصل الاجتماعي. ما يعني أن تأثير الولايات المتحدة تغلغل إلى عمق السياسة البريطانية وأسلوب رئيس وزرائها في مخاطبة الناخبين.

إنها مفارقة أن يستنكر العالم العنصرية، لكن المفارقة الأكبر هي أن حكومات تلك الدول هي نفسها تثير الغضب عبر ممارساتها للعنصرية. هناك كراهية في كل بلد، وذلك بفضل استحواذ الولايات المتحدة الأمريكية على التلفزيون والأفلام وتأثيرها على صانع القرار في باقي الدول العنصرية. يمكن أن يؤدي القتل في مينيابوليس الأمريكية إلى رد فعل عالمي، بطريقة لا يمكن أن تؤدي إليها في مانشستر البريطانية. لذلك حان الوقت للولايات المتحدة أن تستفيد من فشلها في معالجة العنصرية التي شوهتها منذ تأسيس الجمهورية.

المثير للاستغراب أن الولايات المتحدة قادرة على تحويل تجاوزاتها الأكثر اختلالاً إلى ذهب تجاري، في حين فشلت بريطانيا في التستر على فظائعها في الخارج بسبب نجاح الدعاية الأمريكية. على سبيل المثال، جعلت هوليوود من حرب فيتنام دروساً، ورسخت مكانتها في ثقافة البوب العالمية، حتى إن المراهقين البريطانيين في الثمانينيات قد لا يعرفون شيئاً عن سحق بريطانيا الوحشي لتمرد ماو ماو في كينيا، إلا أنهم بالتأكيد يعرفون أن متوسط عمر جندي مقاتل أمريكي في فيتنام كان 19 عاماً.