دراساتصحيفة البعث

القمح كسلاح حرب ضد سورية..!

ترجمة: هيفاء علي

عن موقع Mideast Discourse 13/6/2020

حلقت مروحيات أباتشي التابعة لقوات الاحتلال الأمريكية الأسبوع الماضي على ارتفاع منخفض فوق قرية عدلا بريف الشدادي جنوب مدينة الحسكة، وأطلقت “بالونات حرارية” وهي سلاح حارق دمر حقول القمح، بينما أشعلت الرياح الحارة والجافة النار الملتهبة. الرسالة واضحة لسكان المنطقة: “لا تبيعوا قمحكم للحكومة السورية”.

حقيقةً، تستخدم القواعد الأمريكية غير الشرعية في سورية مروحيات أباتشي بانتظام، بينما يقدم الرئيس ترامب نفسه كبطل للمسيحيين الأمريكيين، ولديه الملايين من المؤيدين المخلصين بين الكنائس المسيحية في جميع أنحاء الولايات المتحدة. ومع ذلك، يذكر الكتاب المقدس المسيحي أنه من الخطيئة أن يدمر الإنسان الطعام أو المحاصيل الغذائية، حتى في زمن الحرب. إذ تعد مادة الخبز أهم غذاء رئيسي في سورية، وبعد أسبوعين من حصاد القمح السنوي، تحرص دمشق على تأمين إمدادات الحبوب في مواجهة الوباء العالمي.

منذ بداية عدوان  الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على سورية عام 2011، انخفض إنتاج القمح من 4.1 ملايين طن في المتوسط إلى 2.2 مليون طن فقط في عام 2019. وبعدما كانت سورية تصدر الحبوب في التسعينيات، أصبحت تستورد القمح. ووفقاً للأمم المتحدة، تعرضت سورية لانعدام الأمن الغذائي الحاد في عام 2019، حيث اعتبر حوالي 6.5 ملايين شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي.

تمثل المحافظات الشمالية الحسكة والرقة وحلب ودير الزور، بالإضافة إلى حماة في وسط سورية 96٪ من إجمالي إنتاج القمح الوطني، وباستخدام النار كسلاح في الحرب، أحرقت الولايات المتحدة وحلفاؤها 85000 هكتار من الحبوب في عام 2019، واضطرت الحكومة السورية إلى استيراد 2.7 مليون طن لتغطية الخسائر. كان تدمير الزراعة السورية استراتيجية حرب يستخدمها العديد من أعداء سورية، وأسفرت عن هجرة جماعية للقرويين إلى ألمانيا، عبر اليونان بواسطة المهربين في تركيا.

تخضع الآن إدارة “صومعة الحبوب” السورية في المنطقة الشمالية الشرقية لسيطرة ما تسمى “الإدارة الذاتية”. في عام 2019، تم إنتاج ما يقرب من نصف الإنتاج الوطني للقمح في هذه المنطقة، والتي تمكنت من شرائه من المزارعين بسعر أقل من السعر الذي عرضته الحكومة السورية.

في 9 أيار، بدأت الرقة في حصاد القمح وانتشرت صور الحرائق بسرعة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ما يعني أن الحكومة السورية ستضطر إلى استيراد الحبوب لتلبية الطلب المحلي البالغ حوالي 4.3 ملايين طن.

حتى لو سمح ترامب للرئيس التركي أردوغان بغزو سورية، فلن يتوقف الجيش الأمريكي عن دعم قوات سورية الديمقراطية والإدارة الكردية على عدة مستويات، حيث يعتبر الأكراد وحليفهم الأمريكي القمح كأساس في المفاوضات الحالية.

في حزيران 2019، منعت الإدارة الكردية نقل القمح إلى الأراضي التي تسيطر عليها الحكومة السورية. تقع ثلاث محافظات، والتي تمثل ما يقرب من 70٪ من إنتاج القمح في البلاد، بشكل رئيسي في أيدي “قسد” التي حاولت العام الماضي منع الفلاحين من بيع القمح للحكومة السورية لكنها فشلت وتراجعت تحت ضغط المزارعين الذين طالبوا بأن يتمكنوا من البيع للحكومة السورية بسعر أفضل من الذي تدفعه لهم الإدارة الكردية.

قبل عام2011، كانت سورية واحدة من أهم المصادر الزراعية للقمح القاسي في العالم. اشترت إيطاليا المشهورة بالمعكرونة القمح القاسي من سورية لعقود. خلال احتلال “داعش” للرقة، تم شحن مخزون القمح بواسطة قوافل الشاحنات، أي ما يعادل 8 سنوات من القمح السوري. لجأت “داعش” إلى شريكها التجاري الموثوق، الرئيس التركي أردوغان الذي اشترى القمح منهم ومن ثم قام ببيع القمح السوري المسروق إلى أوروبا، ومرة أخرى تمكنت إيطاليا من استخدام القمح السوري المفضل لديها في آلات المعكرونة الصناعية. أكل الإيطاليون المعكرونة المصنوعة من القمح السوري المسروق.. لكنه بلا شك  ترك طعماً مراً في أفواههم.