ثقافةصحيفة البعث

“44 حب الحياة”: وجهات نظر مختلفة في الحياة….

يتحدث كتاب “حب الحياة”، ترجمة علا ديوب، عن أهمية الشغف بالحياة، والدروس العظيمة التي تعطينا إياها من خلال التجارب والقصص والمواقف التي نتعرّض لها، عبر أربع وأربعين وجهة نظر مختلفة عن الامتنان، والكفاح، والعمل، والاستمرار، وكذلك عن المرأة، والتعبير عن الذات، والدعابة، والاحترام، ومعنى الحياة، والسلام الداخلي، والإيجابية، فهو يحث على طريقة مختلفة للعيش والحب عبر مجموعة من المقالات المحفزة الانكليزية التي قامت الكاتبة بترجمتها وجمعها في كتاب صغير لا تتعدى صفحاته المئتي صفحة.

تبدأ الكاتبة بذكر قصة قصيرة من الواقع على لسان إحدى الشخصيات، والتي غالباً ما تحمل عبرة قوية ومؤثرة، وقد تم اختيار هذه القصص وترجمتها بدقة وعناية كبيرة، وحمل كل منها عنواناً مميزاً ولافتاً، وبعد كل قصة تشاركنا الكاتبة بتساؤل معين يخطر في البال، أو بفكرة تلمع في الذهن، أو ببعض الاقتباسات باللغة الانكليزية تضعها بلغتها الأصلية، ثم تكتب معها ترجمتها باللغة العربية، وهي اقتباسات بالضرورة تناسب القصة، ومستوحاة منها ومن العبر المستخلصة، كما تتعدد شخصيات الكتاب ما بين صغير وكبير، ونسوة ورجال، حيث إن كل شخصية اختارت أن تروي جانباً من حياتها، حلواً كان أو مراً، تجربة كانت أو درساً، فبعضهم اختار موضوعاً أو فكرة هامة وناقشها، وأخبرنا عن رأيه فيها، وتجربته معها، وكيف كان تأثيرها على تعاطيه مع الأيام، والمدى الذي أثرت في شخصيته وتعامله مع من حوله ونظرته لمجريات الأمور، وآخرون اختاروا أن يرووا تفصيلاً مميزاً أو قصة ما مؤثرة في حياتهم غيّرت تفكيرهم، وكانت أمراً فاصلاً قلبت لديهم الموازين، وتجدر الإشارة إلى أن وجود الرقم 44 في عنوان الكتاب هو دلالة على عدد القصص المذكورة، تحتوي كل منها وجهة نظر مختلفة،  حيث تحمل الحكاية الأولى التي عنوانها “يمكنك أن تكون مختلفاً” تفصيلاً مهماً في حياة طفل يتيم يكون بمثابة لحظة إلهام في عمر مبكر جداً تجعله ناجحاً في الحياة، حسب الاقتباس الذي ورد في نهاية القصة: “الأشياء التي تجعلني مختلفاً هي الأشياء التي تجعلني أتجرأ أن أكون مختلفاً”، كما تخبرنا حكاية “استمر في المضي قدماً” أن كلاً منا يمكن أن يغيّر ظروفه وعالمه عن طريق تجديد عقله، ويمكن لكل واحد منا أن يتحرر بفاعلية من اليأس والقنوط وخيبة الأمل إذا كان جاداً في ذلك، واستمر في المضي قدماً على الرغم من وجود عوائق عديدة مثل: الدخل المتدني، الطاقة المنخفضة، ألف كلمة لا، الأكاذيب، الوداع غير المتوقع، والأعباء الثقيلة، حيث ينص قانون القصور الذاتي بأن الإنسان في مرحلة الراحة ينزع إلى البقاء في مرحلة الراحة، وبالمقابل فإنه في حالة النشاط ينزع إلى البقاء في حالة نشاط، لذا فإن عبرة القصة هي امض، ولا تسمح لظرف غير مرغوب به أن يقودك إلى كآبة الخمول، كما تركز حكاية أخرى على ما تسببت به مواقع التواصل الاجتماعي من غيرة ناتجة عن أشياء وهمية، فللأسف يحسد البعض غيرهم على أشياء وعلاقات ونمط حياة غير موجودين أساساً، وتركز لنا تفاصيل حكاية “تكلم” على أنه ليس المهم فقط أن تعبّر عن أفكارك ومشاعرك، ولكن المهم أيضاً أن تعبّر عنها بطريقة صحيحة، فإذا كنت تعتقد أنك وحيد فأنت لست كذلك، فهناك شخص ما يحبك، لذا تكلم فقط وستنذهل كيف يمكن لهذا أن يغيّر حياتك، كذلك تقول حكاية “أنا امرأة قوية لأني” أنه من حق المرأة أن تعيش حالات مختلفة، فربما في أحد الأيام سأكون ملكة العالم، وفي يوم آخر سأشعر بالهزيمة، وهذا أمر مقبول لأنه ليس باستطاعتي أن أحمل العالم على كتفي في كل الأيام، ولعل أجمل الاقتباسات أيضاَ كانت: “الجمال والشباب يأتيان من الداخل، دع عمرك خارج الموضوع”، “لقد تربيت على أن أعامل البواب بالاحترام نفسه الذي أعامل به المدير التنفيذي”، وكذلك “لا تكسر قلب طفل لأنه سيكبر ولن ينسى لك ذلك”، وغيرها الكثير.

كتاب حب الحياة ينتمي إلى كتب التنمية البشرية وتطوير الذات، وهو كتاب بسيط وسهل القراءة بسبب أسلوبه العذب والجاذب في حكاياته المختصرة المحببة لقلب القارئ، والتي تشد عقله وذهنه، وكذلك وجدانه، لكنه في الوقت ذاته كتاب عميق وهادف ومليء بالعبر بأسلوب سلس وترجمة متمكنة، ويمكن القول إن الهدف من اختيار هذه القصص كان التأثير قدر الإمكان في حياة القارئ وجعلها أكثر إيجابية.

 

لوردا فوزي