تحقيقاتصحيفة البعث

ما بعد 19 تموز .. هل ستتغير الصورة النمطية لأداء مجلس الشعب ؟!

ينتظر السوريون انتخابات مجلس الشعب المقررة في التاسع عشر من تموز القادم بأمل كبير في تغيير الأداء النمطي الممل للمجلس الذي “تمترس” مع الحكومة في خندق واحد طوال أدواره الماضية مجسداً مقولة “معاهم معاهم عليهم عليهم” في مرحلة صعبة تحتاج دورا حقيقيا للمجلس في أداء مهامه بمراقبة الأداء الحكومي والدفاع عن مصالح وقضايا الشعب الذي يعاني وما زال من عثرات الحكومات المتعاقبة التي كانت تنجو بريشها في كل جلسة مواجهة تحت قبة البرلمان!.
مع بدء العدّ التنازلي للانتخابات ثمة مؤشرات عديدة على أن المجلس القادم سيكون “غير شكل” بأداء قوي في ممارسة الرقابة الحقيقية على الحكومة بعيداً عن أي ضغوطات من أصحاب القرار التنفيذي الذين باعوا المواطن وعوداً كثيرة “لا تغني و لا تسمن من جوع” ما جعل المواطن مهمشاً بعيداً عن المشاركة في صنع القرار الذي يتعلق بمصالحه !!.
وما يعزز هذا الأمل كلمة السيد الرئيس بشار الأسد لكوادر الحزب وهم يخوضون تجربة الاستئناس الحزبي لتحديد مرشحي البعث لانتخابات مجلس الشعب، حيث أوضح سيادته “أن الخيارات الصحيحة هي التي تؤدي إلى النتائج المرجوة، فاختاروا الأصلح والأنسب ولا يكونَّن في حسبان أي أحد أي اعتبارات غير الاعتبارات الوطنية”.
داعياً الناخبين إلى “الاختيار بعيداً عن أي ولاءات ضيقة، واعتبارات غير موضوعية، وعصبيات لا تنتمي لعقيدة الحزب الوطنية والقومية”.
لقد آن الأوان في ظل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها البلاد على كافة الصعد منذ أكثر من تسع سنوات أن يكون المجلس المنتظر جسر عبور حقيقي للغد الأفضل بكل ما يحمله من أمنيات جميلة للسوريين الذين يريدون منه أن يكون سلطة تشريعية بكل ما للكلمة من معنى، تراقب بشدة وتحاسب عندما يستوجب الحساب تحت قبة البرلمان حتى لو وصل الأمر إلى حد طرح حجب الثقة عن الحكومة طالما هي مقصرة بمهامها، فالمواطن الذي أعطى صوته “لعضاوات” المجلس ملّ من معادلة الخندق الواحد بين الحكومة والبرلمان!.
نقول ذلك عن تجارب وليس من باب التشهير، فخلال السنوات الماضية كان هناك بعض القرارات التي اتخذتها الحكومة ومررها المجلس بالتصفيق لها، أو الصمت رغم أنها كانت مجحفة بحق المواطن الذي وضع ثقته بممثليه، “مخدوعاً” ببرامج انتخابية لا تساوي قيمة الحبر الذي كتبت به!.
أمام هذه اللامبالاة من المجلس لقضايا الشعب، كاد حبل الود بينهما أن ينقطع، لذا لم يكن غريباً أن يهجر الفلاح أرضه مكرهاً طالما لم يصله الدعم الحقيقي، والعامل الذي قلّ جهده بعد أن فقد حوافزه أو باتت لا تجلب له كيلو ليمون حامض، والطالب الذي تلاشت أحلامه بالحصول على فرصة عمل بعد التخرج، فجعل الهجرة هدفاً له لعله يحقق شيئاَ من أحلامه المجمدة في ثلاجة التأجيل!!
أما عن الفساد بشقيه الإداري والمالي، فيمكن أن نتحدث بلا حرج بعد أن استشرى في مختلف مؤسسات الدولة، و”يا حرام” على المشاريع التنموية التي بقيت في أغلبها “نائمة” في الأدراج المغلقة ضمن مصنفات أنيقة بفضل جهابذة الفريق الاقتصادي الذي استورد لنا خططاً فضفاضة ليست على مقاسنا، ودائماَ كانت “الأزمة” الشماعة التي تعلق عليها إخفاقاتهم، فيما أعضاء مجلس الشعب ينظرون من بعيد لكل ما يحدث، بل بعضهم تحوّل إلى شاهد زور لتمرير قرارات حكومية لم تكن في مصلحة الوطن والمواطن!!.
بالمختصر المفيد، نريد مجلساً يحاكي وجع الناس ويداوي آلامهم ويكافأ صبرهم، فليس مقبولاً بعد كل ما جرى ويجري أن يكون أعضاء المجلس القادم كممثلي الكومبارس يرضون بدور هامشي تحقيقاً لمصالحهم ويستسلمون لرغبات الحكومة بدلاً من الضغط عليها لتكون أكثر قرباً من نبض الشعب الذي صبر كثيراً على قراراتها ووعودها وتصريحاتها الرنانة في كل مناسبة وكأنها منفصلة عن الواقع المرّ!!.
• غسان فطوم