ثقافةصحيفة البعث

مهرجان سينما الشباب في ظل كورونا: إقامته إنجاز.. والجمهور لم يغِب عنه

كما خيّم الوضع الصحي على جميع مناحي الحياة في العالم حصدت الحياة السينمائية بشكل عام وفعاليات مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة بشكل خاص آثار هذا الوضع، وهو المهرجان الذي بدأت فعالياته يوم الخميس الماضي بعرض الأفلام المشاركة وسط إجراءات احترازية عديدة قامت بها دار الأوبرا حرصاً على سلامة الجمهور المحب للسينما، مع إصرار المؤسسة العامة للسينما على إقامة هذا المهرجان بعد تأجيله -وهو الذي كان من المفترض أن يقام نهاية شهر آذار- بسبب جائحة كورونا احتراماً وتقديراً لجهود كل المشاركين الذين أنجزوا أفلامهم بانتظار عرضها على الجمهور.

 

إجراءات احترازية ضرورية

أكد المخرج أوس محمد أن الوضع الحالي أثَّر على المهرجان، إلا أن إقامته تبقى إنجازاً بحد ذاته حتى  لايفقد المشاركون حقهم بعرض أفلامهم بحضور الجمهور، ولا يخفي محمد أن الظروف الصحية أثَّرت على شكل وطبيعة الحضور في الصالة نتيجة التباعد في الجلوس كإحدى الإجراءات الاحترازية الضرورية التي قامت بها دار الأوبرا مشكورة بهدف سلامة الحضور، الأمر الذي أثَّر برأيه على طقس المشاهَدة عامة، أما من حيث المبدأ فبيّن أن هذه الإجراءات لم تؤثر على صعيد التجربة الفردية لمتابعي السينما الذين حضروا وجلسوا بأمان وضمن جو صحي، وهذا هو المطلوب بالدرجة الأولى برأيه في ظل ما نعاني منه صحياً، حيث لا يمكننا الحديث عن الفن والأمان الصحي غائب، مؤكداً أن دار الأوبرا نجحت بتحقيق الأمرين: الأمان والحضور الجيد للأفلام.

 

شروط للحفاظ على الصحة

وأشار نضال قوشحة رئيس تحرير مجلة “الحياة السينمائية” إلى ضرورة إقامة المهرجان بسبب انعدام إمكانية تأجيل عرض الأفلام للعام القادم، مع تأكيده على أن الظرف الصحي أرخى بظلاله على هذه الدورة على صعيد غياب السينمائيين العرب الذين كان المهرجان يحرص على تواجدهم سواء في لجنة التحكيم أو كضيوف شرف، الأمر الذي أدى أيضاً إلى غياب المشاركة العربية في مسابقة الأفلام العربية الاحترافية التي اعتاد المهرجان على إقامتها، ليقتصر الأمر على عرض الأفلام السورية الاحترافية التي أنتجتها المؤسسة العامة للسينما لتُعرَض على هامش المهرجان، مشيراً قوشحة أيضاً إلى أن الوضع الصحي انعكس على الحياة السينمائية وعلى المهرجان من خلال التزام دار الأوبرا بالإجراءات الاحترازية التي  حدَّت من أعداد الجمهور بسبب الأماكن المحددة للجلوس نتيجة الالتزام بالتباعد الاجتماعي، وهو أمر غاية في الأهمية، وقد نجحت إدارة الدار بتهيئة الأجواء المناسبة والصحية بالتعاون مع المؤسسة العامة للسينما التي كان يعنيها إقامة المهرجان رغم الظروف وبشروط ضرورية للحفاظ على الصحة العامة كي لا تُهدَر جهود المشاركين فيه الذين تعبوا واجتهدوا لإنجاز مشاريعهم.

 

الحذر مطلوب

على الرغم من الحذر الذي كان يخيّم على فعاليات مهرجان سينما الشباب والأفلام القصيرة إلا أن المخرج فراس محمد رأى أن الحذر مطلوب وهو أمر إيجابي، ومع ذلك تفاجأ من الحضور الكبير لفعالياته، وهذا أمر يسعده كمخرج يعنيه أن يكون الجمهور حاضراً لمشاهدة الأفلام، دون أن ينفي استغرابه من الحضور الكثيف للأفلام، خاصة وأن رواد هذه النوعية قليل جداً، مشيراً إلى أنه كان متخوفاً من تأجيل المهرجان أكثر من ذلك، لأنه وكأحد المشاركين فيه من خلال فيلم “الدائرة السحرية” والذي عُرِض ضمن تظاهرة الأفلام الاحترافية التي أنجزتها المؤسسة كان من الضروري له ولكل المشاركين الذين عملوا بجد أن تخرج أفلامهم إلى النور وأن يستقبله الجمهور، وأحزنه أن الأفلام الاحترافية تعرضت للظلم بسبب كورونا لغياب تظاهرة الأفلام العربية وعرض الأفلام الاحترافية السورية على هامش المهرجان خارج المسابقة، لكن ولأننا في زمن الكورونا كان من المهم برأيه عرض الأفلام، ومنها فيلمه بهذه الطريقة لأن الهدف الأساسي من إنجازها هو تقديمها للجمهور.

 

وجبة سينمائية

وعبَّرت لوتس مسعود عن سعادتها للحضور الكبير لفعاليات المهرجان، ورأت أن هذا الحضور كان من الممكن أن يكون أكبر لولا الوضع الصحي، ومع هذا فهي سعيدة بأن ترى أن جمهور السينما لم يتغيب عن حضور ومشاهدة الأفلام، وبدا واضحاً لها أن من يغريه عالم السينما كان مصراً على الحضور ولم يمنعه الوضع الصحي من مشاهدة الأفلام ومتابعة التجارب الجديدة وما تقدمه من مواضيع وأشكال فنية، مبينة أن المهرجان قدم وجبة سينمائية دسمة، وهذا يؤكد أن الفرص عندما تُقَدَّم لمن يستحقها تأتي بثمارها، متمنية مسعود وهي التي شاركت بفيلم “أول يوم” كأول تجربة سينمائية لها النجاح والتوفيق لكل المشاركين.

 

الإجراءات الاحترازية

وأوضح سليم صباغ مخرج  فيلم “ful ice” أنه في هذه الدورة افتقد لازدحام الجمهور ولتلك الحالة المبهجة التي كان يخلقها الشعور بالأمان الذي يبدو اليوم غائباً في ظل جائحة كورونا، دون أن ينفي أنه كان يتمنى تقديم تجربته الأولى بأوضاع أفضل، مع إشارته إلى أهمية إقامة المهرجان. وعن تجربته الأولى أوضح أنه وبعد أن أنجز الفيلم وشاهده أكثر من عشرات المرات استطاع خلال عرضه في المهرجان أن يتابعه باسترخاء كأي مشاهد يبحث عن المتعة والفائدة، منوهاً إلى أن السينما بالنسبة له مشروع منذ خمس عشرة سنة، بدأ من خلال المشاهدة ومن ثم الإشراف على النوادي السينمائية، آخرها  ltc مع المخرج فراس محمد، ومن ثم نيل دبلوم العلوم السينمائية وفنونها بعد دراسته للإعلام، ساعياً لأن يُبحر أكثر في عالم السينما، ولا يدري على أي ميناء سيرسو، مبيناً أن أهم النتائج التي خرج منها من تجربته الأولى ضرورة التركيز على النص والسيناريو.

 

طقس سينمائي

ورأى أسامة مرعي مخرج فيلم “فتحة عدسة” أن الوضع الصحي أخذ الكثير من متعة وبهجة المهرجان لأن الأماكن المخصصة للجمهور اختصرت إلى نسبة 30% مشيراً إلى أن الدورات السابقة كان الجمهور يحضر فيها بكثافة في طقس سينمائي تسوده الراحة والاسترخاء، موضحاً أن أي مخرج يهمه كثيراً الاستماع إلى آراء الناس، فلا قيمة للمنتَج الفني برأيه دون جمهور يعطي رأيه فيه، مع تأكيده على أنه كان سعيداً بوجود جمهور حريص على متابعة الأفلام رغم الظروف المحيطة به، وسعيد بتقديم أول تجربة له في الإخراج السينمائي، متمنياً أن تكون قد نالت القبول.

ظرف مختلف

وتمنى المخرج معاذ الباشا لو عُرِضَت الأفلام في ظرف مختلف لتحظى بمشاهدة أفضل، ولكنه وكمخرج يقدم تجربته الأولى “واحد تحت الصفر” كان من المهم بالنسبة له إقامة المهرجان وعرض الأفلام المنجزة من قبل مخرجين يريدون إثبات وجودهم.

 

أمينة عباس