تحقيقات

النظارات الشمسية.. خصوصية ضمن دائرة تقليد الماركات ومنافسة لمواكبة الموضة!

رغم ثمنها الباهظ مقارنة بدخله الشهري، لم يتردد إياد بشراء نظارة شمسية ذات عدسة مرتفعة الجودة من ماركة معروفة ومشهورة، فالشاب العشريني الذي أجرى مؤخراً عملية تصحيح نظر بأشعة الليزر للاستغناء عن النظارة الطبية التي اعتاد أن يرتديها، يريد اليوم تأمين حماية كاملة لعينيه لتجنب النكس في الجراحة، أو حدوث أية مضاعفات أخرى، فلا مانع إذاً من دفع ثمن مرتفع، واستبدالها بنظارة أخرى ذات عدسات شمسية يرتديها مؤقتاً عند الحاجة والضرورة فقط، أما المكسب الإضافي الذي حققه إياد بشرائه النظارة “الماركة” مرتفعة الثمن فهو أن هذا النوع من النظارات يعتبر اليوم بالنسبة للشباب جزءاً من الموضة والأناقة الضرورية التي لا تنفصل عن اللباس، فنجد الاندفاعة عند الكثيرين منهم لشراء النظارات في موسم الصيف، والملفت أن كل صيف يحمل موضة جديدة تنتشر حسب ما يرتديه المشاهير.

بعيداً عن الموضة
ولكن، بعيداً عن الجوانب المتصلة بالأناقة والمظهر العام والموضة التي يحاول معظم الشباب أو الفتيات إظهارها وتجسيدها في لباسهم، وتكون معها النظارة الشمسية حلقة مكملة، تبدو الخصوصية المنفردة لهذا العنصر وعدساته جديرة فعلاً بالاهتمام، فهي إلى جانب دورها الجمالي المواكب للموضة تؤمن حماية صحية لعين مرتديها، خاصة في فصل الصيف وشمسه الحادة، والملفت اليوم انتشار موضة جديدة ليس لنظارات شمسية، ولكن نظارات عدساتها غير ملونة تؤمن حماية من مفرزات التكنولوجيا الحديثة، ويمكن استخدامها عند التعامل مع أجهزة الكمبيوتر أو الهواتف الذكية، وهي مماثلة لتلك التي يرتديها علاء، وهو “موظف ثلاثيني” تتطلب طبيعة عمله تعاملاً يومياً مع الحاسب، وقضاء ساعات طويلة في استخدامه، يقول علاء إنه بعد نصيحة طبية سمع بوجود تلك العدسات التي يمكن تركيبها على أية نظارة طبية دون أن تكون بالضرورة تعاني من مشكلة في النظر أو الرؤيا، وهذه العدسات تعمل على “فلترة” أو تصفية الأشعة الضارة الناتجة عن جهاز الكمبيوتر أو المحمول، ويرتديها فقط عند استخدامه، ويكمل: أعتقد أن أي شخص سيلاحظ الفرق عند ارتداء نظارات من هذا النوع حين يتمكن من الجلوس لساعات طويلة دون أن يصيبه الإجهاد أو الصداع من أشعة الشاشة شرط أن تكون معروفة المصدر، ومن محل معروف، وتستخدم أيضاً عند استخدام أجهزة الهواتف الذكية.

“بريستيج” وهيبة
أشعر بالاختلاف تماماً حين أرتديها، فهيبة إضافية يمكن أن تشعر بها وتلك النظارة على عينيك، يصف هاني، شاب جامعي، ومستخدم للنظارة الشمسية شعوره حين يستخدم النظارات ويرتديها، ويضيف: لا يعنيني كثيراً النوع أو الماركة، فأنا أرتديها كنوع من “البريستيج” لا أكثر، ومثله رشا الطالبة الجامعية التي اشترت نظارات القطة قبل أسبوع بمبلغ عشرة آلاف ليرة دون أي تفكير أو سؤال عن نوع العدسة، فما يعنيها هو الموديل فقط، ويبدو حال هاني ورشا مشابهاً لحال شبان وفتيات كثر لا يستطيعون في ظل غلاء الأسعار والوضع الاقتصادي السيىء أن يحوزوا النوعيات والماركات المشهورة من النظارات الشمسية، فيتجهون إلى التقليد، أو النسخ غير المعروفة، أو الماركات الجديدة، ويقعون ضحية الغش والخداع من المتاجرين بهذه الأنواع الرخيصة لدفع ضريبة “البريستيج” أو الهيبة التي يمكن أن يمنحها لهم ارتداؤهم للنظارة الشمسية، في المقابل تبدو فئة أخرى لا تعنيها الموضة بقدر حماية أعينهم فيبحثون عن نظارات جيدة، لكنهم يصطدمون بواقع الأسعار المرتفعة وباهظة الثمن.

بين الأصلي والمقلّد
سيبوه ميليكيان، وهو صاحب متجر نظارات متخصص، ورث هذه المصلحة عن والده، ويعرف تفاصيلها وأسرارها، يتحدث عن خدع شائعة في الأسواق، ويستخدمها بعض أصحاب المحلات فقط لتحقيق أرباح تجارية، عندما يقولون للزبون مثلاً إن هذه النظارة تقارب الأصلية، ويضعون أرقاماً للنسخ المقلّدة من النظارات للماركات المعروفة copy1 أو copy2.. إلخ، ويوضح عندما يقول البائع كوبي فهذه النسخة يعني أنها مقلّدة حتماً ولا يهم التدرج في الأرقام، والنصيحة الذهبية التي يمكن تقديمها هي البحث عن عدسة وإطار جيدين، والشراء من أماكن وباعة معروفين، فالنظارة الجيدة تكون الحماية فيها من أشعة الشمس 100%، ويتم توضيح هذا الأمر على هيكل الإطار بعبارة “يوفي” 100%، ولكن للأسف فاليوم الماركات المعروفة أسعارها مرتفعة جداً، وتبدأ وسطياً من سعر عشرين ألفاً وحتى الـ 100 ألف، ويمكن التغلب على هذا الأمر بالبحث عن نوع عدسة جيد، وتكتمل المشكلة عند بعض الباعة ببيع المزور والمقلّد على أنه أصلي، وهنا تكمن الخطورة.

الأكثر طلباً
يوضح سيبوه أن عالم النظارات الشمسية واسع ومتشعب وفيه أنواع جديدة ومختلفة كل يوم، وعموماً هناك تدرجات لونية متعارف عليها بين مرتدي النظارات الشمسية الزيتي والبني والدخاني والأسود والعسلي، وهناك أيضاً عدسات البولورايز التي تكسر لمعة الشمس وتؤمن حماية إضافية للعين فتظل محمية من الوهج، في المقابل يتحدث سيبوه عن نوع آخر من النظارات ازداد الطلب عليه بشكل ملفت وهو النظارات الطبية المخصصة للحماية من مفرزات التكنولوجيا والقراءة من الموبايل أو أجهزة الحاسب، ويبيّن أن عدسات هذا النوع من النظارات مزودة بطبقة عاكسة للأشعة الضوئية التي تصدر عن الأجهزة كالموبايل أو الكمبيوتر، وتؤمن حماية بنسبة 50%، وهناك نوع آخر يؤمن حماية كاملة، لكن سعره أكثر ارتفاعاً، أما الأسعار فالصنف الأول سعر عدسته من 3000 إلى 5000 ليرة، والصنف الثاني بين الـ 6 و 7 آلاف وسطياً، وعن موسم النظارات الشمسية يتحدث سيبوه أنه يبدأ منذ شهر نيسان وحتى شهر أيلول باعتبار سورية بلداً مشمساً في معظم أوقات العام، ويختم: من الجيد نشر ثقافة توعوية في هذا الموضوع، فالملاحظ لدينا أن “الستايل” يلعب دوراً كبيراً في إغراء الزبون بعيداً عن النوع أو الحماية للعدسة، والمعروف أن ارتداء نظارات مقلّدة يمكن أن يتسبب بأذى للعين وبضرر على المدى البعيد، وهو الرأي الذي يتفق مع تأكيدات طبية كثيرة.

التحقيقات