تحقيقاتسلايد الجريدة

صدمة من العيار الثقيل للعائلة السورية.. لمصلحة من “بيدون” زيت الزيتون بـ 70 ألف ليرة؟!

كل ارتفاع سعر مبيع “بيدون” زيت الزيتون للموسم الماضي بأكثر من سبعين ألف ليرة سورية صدمة من العيار الثقيل لكل عائلة يقدر استهلاكها من هذه المادة الضرورية والهامة بأكثر من أربع عبوات من حجم العشرين ليتراً بالقدر الذي شكّل مفاجأة سارة لكل من تشاطر وقام بتخزين ما بحوزته من عدة براميل نظراً لزيادة أسعار المادة منذ حوالي الشهر، حتى تحولت المشكلة لحالة من القلق للعديد من الفلاحين والمنتجين لزيت الزيتون ولو بالحدود الدنيا، حيث كان بالإمكان أن يتحول إلى مصدر إضافي لتعويض بعض الخسارات المتلاحقة للفلاح، مع الإشارة إلى أنه في مرحلة العصر في المعصرة تحديداً كان يباع بأقل من عشرين ألف ليرة، ومع ذلك لم يكن لأحد أن يفكر “بشيله” من أرضه، كما يقال، لجملة من الاعتبارات، منها أن الموسم القادم سيكون أكثر إنتاجية، وأيضاً في ظل مؤشرات بمحدودية التصدير، وبشروط قد تبدو مشددة أو قاسية لعدة ظروف يعرفها القاصي والداني، وبعضها متعلق بطريقة التخزين، والمادة أساساً، وملاءمتها للسوق الخارجية، وغيرها الكثير، فما الذي تغير خلال ليلة وضحاها حتى ارتفعت الأسعار بطريقة فيها من المفارقات العجيبة ما يستدعي عدة إشارات من الاستفهام المقرونة بالتعجب، وأي مصلحة للمنتج بالدرجة الأولى، لاسيما أن المؤشرات الحالية لا تبشّر بموسم يغطي فرق ما تم بيعه حالياً، وهل من سياسة قد يعتمدها بعض هؤلاء التجار بسوء نية أو بحسنها بهدف سحب المادة من كل منزل، وصولاً لغايات ليست بريئة قد تصل لحد إفقار الريف من ثنائيته المقدسة القائمة على “الخبز والزيت” التي تشكّل له حزام أمان مهما اشتدت عليه الظروف، ولابد من البحث في علاقة ذلك بارتفاع سعر مادة الزيت النباتي أيضاً بطريقة غريبة؟!.. وهذا سؤال مشروع ومحق نظراً لخصوصية المادتين وفرقهما عن بعضهما، كما من المهم التساؤل عن دور الجهات المعنية في مراقبة حركة الشحن ضمن المحافظة وخارجها، وآليات الحفظ والتعبئة، وأي دور لغرف الزراعة والتجارة المعنية بالتصدير وضمن أية شروط؟.

تراجع مستمر
خلال لقائنا سامي الخطيب رئيس مجلس الزيتون “غير المفعّل” حتى تاريخه رغم كل المناشدات والمطالبات، أشار إلى أن شجرة الزيتون في تراجع مستمر، والسبب يعود للأزمة الحالية، ومن الناحية الأهم يعود إلى تقاعس المعنيين في وزارة الزراعة في ظل غياب دور الوحدات الإرشادية لأبسط مقومات خدمة شجرة الزيتون من مرش وجرارات لتشجيع الفلاح لخدمة الشجرة، وعدم تقديم الإرشادات الزراعية وتوفير المستلزمات من أسمدة وأدوية في الوقت المناسب، وعدم القيام بحملات الوقاية لمكافحة أمراض عين الطاووس وسل الزيتون، وزراعة الأصناف بشكل عشوائي دون دراستها من ناحية الجودة والإنتاج والمقاومة، بالإضافة لارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج، ما أدى لنفور الفلاح، وإهمالها لفترات طويلة، ولفت الخطيب إلى معادلة في غاية الخطورة هي أن سورية كانت تحتل المرتبة الرابعة أو الخامسة بالتناوب عالمياً، واليوم أصبحنا في المرتبة السابعة، وقال: بمقارنة بسيطة تملك سورية 120 مليون شجرة تنتج 120 ألف طن من زيت الزيتون، في حين تملك تونس 75-80 مليون شجرة تنتج 350 ألف طن من الزيت، الأمر الذي يستدعي طرح أكثر من علامة استفهام، وأضاف الخطيب بأن قطاع الزيتون يساهم بدعم الاقتصاد الوطني ما بين 3-4% من الناتج الاجمالي المحلي، ومن المفروض، بالعدد الموجود لو أولت الحكومة المزيد من الاهتمام بالوقت المناسب، أن يساهم بـ 6% من الإجمالي المحلي، وبخصوص السعر أشار الخطيب إلى أنه يخضع للعرض والطلب حاله حال جميع ما هو موجود، وفيما يخص شراء المادة من قبل تجار وسماسرة دون هوية تجارية، فإن الأمر سبب المزيد من الفوضى بالسوق، وحالة من القلق، وربما الترقب نظراً لكثرة السماسرة الجوالة في القرى، والمنافسة فيما بينهم، ما أدى لارتفاع الأسعار وزيادة الطلب من جراء هذه الفوضى، ومع ذلك فإن عملية التعبئة تتم بشروط مخالفة من خلال عبوات صفيح مستعملة متآكلة من الصدأ وغير صحية وتسيء لمواصفات الزيت السوري، كما أنها تنقل عبر مكاتب الشحن والبولمانات دون رقيب ولا حسيب، ودون بطاقة مواصفات، في ظل غياب الجهات المعنية، ويستغل السماسرة رخص ثمنه وبيعه في المحافظات الداخلية كزيت صالح للاستهلاك البشري، وهو مخالف للمواصفات، وهذا ليس بخاف على هذه الجهات المعنية، مع الإشارة إلى أن القانون يطبق فقط على الشركات المتخصصة والمختصة بهذا العمل أصولاً، وهذه من ضمن جملة من الاعتبارات التي نطالب بها لتفعيل عمل المجلس السوري للزيتون وزيته، وقال الخطيب: إن عملية التصدير موجودة، ولكن هناك صعوبة للغاية بسبب المنافسة الشديدة، وزيادة تكلفة الإنتاج، والحصار الاقتصادي، والوضع الاقتصادي العالمي، وأيضاً انخفاض سعر زيت الزيتون عالمياً لأكثر من النصف عن السنوات السابقة، كل هذه الأسباب مجتمعة أدت لانخفاض صادرات زيت الزيتون.

وضع ضوابط
وتابع: انطلاقاً من كل المبررات، وغياب دور الجهات المعنية، وضرورة وضع ضوابط، وتنظيم هذا القطاع الداعم المهم في اقتصاد البلد، فإننا نؤكد حرصنا للحفاظ عليه، ومطالبتنا بتفعيل دور المجلس السوري للزيتون، وإعطائه الصلاحيات المناسبة لتسجيل العاملين في هذا القطاع، ووضع ضوابط بالتعاون مع بقية الجهات للحفاظ على سمعة زيت الزيتون السوري، رغم وجود مستفيدين في وزارة الزراعة من هذه الفوضى السائدة وتضرر مصالحهم من خلال تنظيم القطاع، ويخشون من أن يأخذ المجلس دور وزارة الزراعة، علماً بأنه لا يكلّف الدولة شيئاً، ومصاريفه من حساب المنتسبين، وختم الخطيب كلامه بأنه يوجد موسم طبيعي في بعض المناطق وبعضها الآخر سيكون الإنتاج فيها قليلاً.

لؤي تفاحة