سلايد الجريدةمحليات

مشفى ابن رشد.. هنا فقط يمكنك أن تكتشف حسنات كورونا!!

لا يزال الجدل قائما حول مراكز العزل  التي خصصتها وزارة الصحة  للحالات التي ثبت إصابتها بـ “كوفيد19″، ولا شك أن هناك جهودا تبذل في هذا الخصوص، ولكن ما الفائدة التي سنجنيها في حال  تم إهمال مراكز العزل والاهتمام بمراكز أخرى؟

مشفى قطنا – على سبيل  المثال – كان  أحد المشافي التي استقبلت حالات لمصابين بالفيروس من الكوادر الطبية  التي تعرض البعض منها للعدوى، وهي على رأس عملها، حيث  أكد أحد الأطباء  لـ “البعث”، أثناء فترة وجوده هناك، أنه من أفضل المشافي التي استطاعت التعامل مع المرضى وتقديم الخدمة الطبية اللازمة بمنتهى المهنية والإنسانية، سواء من ناحية التعقيم والنظافة والخدمات الأخرى، أم لناحية وجود مريض أو اثنين فقط في الغرفة الواحدة. ولكن هذا لا يعني أن كل المراكز التي خصصت للعزل تعمل على السوية نفسها، لأن الإهمال  وقلة النظافة والتعقيم والأخطاء المرتكبة، في البعض منها، ستذهب بكل الجهود المبذولة أدراج الرياح!

مشفى ابن رشد

مجموعة من الأطباء المصابين بفيروس كورونا، والذين نقلوا مؤخراً إلى مشفى ابن رشد، تحدثوا لـ “البعث” عن  الوضع السيء وغير المقبول للمشفى. وأكد لنا أحد الأطباء  أنه ظن أن المشفى مختص بمعالجة حالات الإدمان والأمراض النفسية، وبالتالي فهو مهيأ بشكل جيد ومناسب ويراعي نفسياً المقيمين فيه، ولكن ما حدث أنهم  أصيبوا بصدمة منذ اللحظة الأولى لوصولهم.. بدايةً المكان شبيه بالزنزانة وغير مهيأ وليس فيه ما يشبه أبداً جو المشافي فكل غرفة تحوي أربعة أسرة وكاميرات المراقبة شغالة داخل معظم الغرف.. طبعاً الحشرات في كل زاوية، خاصةً وأن المشفى أصلاً يفتقر إلى التعقيم والنظافة، هذا إضافةً إلى اكتفاء العاملين فيه، عمالا وممرضات، بارتداء كمامة عادية مع العلم أنهم يجولون بين مرضى مصابين بالفيروس، ما يثير الاستغراب! يتابع الطبيب بشيء من السخرية والتهكم: ربما إحدى  حسنات فيروس كورونا أنه يفقدك حاستي الشم والذوق ما يجعلك لا تشعر بالروائح، خاصةً مع وجود حمامات  الماء يغطي أرضيتها، فهل يعقل  تخصيص حمامين وثلاث مغاسل لـ 25 مريضا؟! حمامات تفتقر إلى التهوية والنظافة، ما يجعلها حتماً مكانا موبوءا لساعات متواصلة، وهل يعقل أن يكون مثل هكذا مكان مخصصا أصلاً للعزل؟! مكان من المفترض أن يتضمن أدنى درجات الاهتمام والوقاية! هذا ولم نذكر أيضاً التأخر بأخذ المسحات، وبالتالي التأخر بإصدار النتائج!! ويضيف الطبيب بأن عزل أشخاص بطور الشفاء مع مسنين وضعهم الصحي سيء للغاية بالتأكيد سيؤثر سلباً على الحالات التي هي في طور الشفاء!

الأسوأ من الإصابة! 

إنَّ الرسالة المشتركة لكل الأطباء المصابين هي تأمين الشروط التي تراعي الحجر الصحي: “صحيح أن الطعام جيد، ولكن هذا لا يعني أن يكون على حساب صحتنا.. نحن لا نريد طعاما ولا فندقة.. نريد فقط ظرفا صحيا يُمكِننا ويساعدنا على تجاوز المرض من دون عدوى أو نقل عدوى.. هذه هي رسالتنا الوحيدة”!

ويوضح الأطباء أنهم حاولوا كثيراً أثناء تواصلهم مع مشرفيهم في مشفى المواساة والأسد الجامعي أن يعودوا إلى مشافيهم وينعزلوا فيها، وهذا ما يعتبرونه أبسط حقوقهم، خاصةً وأنهم تعرضوا للإصابة أثناء عملهم، وأن يتم التعامل معهم بالشكل المطلوب، لأن الوضع الصحي وشروط العزل كارثية، وكما يقال في العامية ” الفايت فايت والطالع طالع”، هذا إضافةً إلى عدم التزام  بعض المرضى الذين لم يقتنع بعضهم حتى الآن بعد بأن الوباء موجود!

أحد الأطباء أوضح لـ “البعث” أن مشفى ابن رشد  كان مخصصا لحجر المسافرين العائدين من خارج القطر، لذلك من البديهي أن يكون مجهزا مسبقا لاستقبال حالات مشتبه بها! وتابع حديثه: مشفى خصص لاستقبال مصابين بفيروس يؤثر على الجهاز التنفسي يجعل من فكرة وجود عدد كبير من المرضى “المحشورين” في غرفة واحدة أمرا غير منطقي.. غرف سقفها منخفض، ممرات ضيقة سيئة التهوية، هذا إضافة إلى موقعها المقابل للكراجات! ودون أن نتحدث عن غياب المنهجية  في تسليم الأدوات المطلوبة كالتعقيم والصابون والأغطية.. مريض يستلم صابونا وأغطية وآخر يستلم معقما، في وقتٍ يتعين على الجميع أن يستلموا كل المستلزمات من دون نقصان، أضف إلى كل ذلك كلام البعض ممن يعملون في المشفى، وهذا ما حصل مع أحد زملائنا عندما انتقد الوضع السيء فيه، ليأتيه الجواب من أحد العمال: “يلي مو عاجبو لا يجي ع المشفى”.

إصرار وزارة الصحة!

الدكتور عمار الراعي المدير الطبي في مشفى المواساة  وأثناء حديثه لـ “البعث” صرح أن وزارة التعليم العالي جهزت أماكن خاصة للعزل في المشافي التابعة لها، وبالتالي هي مستعدة لاستقبال أي إصابة  يتعرض لها  أي شخص من كوادرها الصحية، ولكن وزارة الصحة ترفض رفضا قاطعا حجر الأطباء المصابين التابعين لوزارة التعليم في مشافي تابعة لوزارتهم وتصر على حجرهم في مراكز تابعة لوزارة الصحة!

إذاً.. تعنت غير مفهوم من قبل  وزارة الصحة يدفع ثمنه من أصيب من الكوادر الطبية التابعة لوزارة التعليم العالي!

والمفارقة  أنه وبعد عدة مطالبات قدمها الكادر الصحي التابع لوزارة التعليم لعزله في مشافي تابعة لوزارته، أسوةً بزملائهم الذين تم عزلهم في مشفى المجتهد، استجابت وزارة الصحة، ولكن بشكل عكسي، حيث تم نقل الكادر الطبي المصاب بالفيروس، والذي كان معزولا في المجتهد، إلى مشفى ابن رشد عوضاً من تحقيق المطلب الأساسي!

ختاماً: توفير مكان مناسب ضمن شروط العزل المناسبة والتي بدورها تساعد على الشفاء هو المطلب الوحيد، فماذا نستفيد إذا وفرنا شروطا جيدة في مكان ما وأهملناها في مكان آخر غير توسيع دائرة انتشار الفيروس عوضا عن العمل على تضييقها وحصرها في مكان واحد؟

لينا عدرة